منذ سنوات، تشهد المنطقة الحدودية الشمالية الشرقية، حالة من التوتّر والحذر، بسبب المجموعات المسلحة والتنظيمات الارهابية، وعمليات الخطف ما شكل تحديا واختبارًا للجيش اللبناني والقوى الأمنية لضبط الوضع ومواجهة الخطر الداهم والدائم في ظل ملفات شائكة تتعلق باللاجئين والموقوفين السوريين في السجون اللبنانية خصوصا في سجن رومية.
ألغام أمنية متواصلة تبقي الجيش اللبناني في حالة التأهب خصوصا في بعض النقاط الحسّاسة. ومن بين هذه الالغام، التهديدات التي أطلقتها عشائر سورية مسلّحة باجتياح الحدود والدخول إلى الأراضي اللبنانية، ما دفع أهالي البلدات الحدودية الى اصدار مناشدات تطالب القيادة العسكرية اللبنانية بتعزيز الانتشار ورفع مستوى الجهوزية تحسّباً لأي تطورات ميدانية، خصوصاً مع تكرار محاولات التسلل من الجانب السوري.
وفي وقت، يعدّ الجيش خطته لنزع السلاح، انتشرت موجة تهديدات على وسائل التواصل الاجتماعي عبر فيديوهات بإسم عشائر سورية، تضمنت وعيدا باقتحام لبنان خلال 48 ساعة إذا لم يُطلق سراح الموقوفين السوريين في سجن رومية، لكن مصدر أمني أكد لموقع "وردنا" ان وحدات الجيش المنتشرة على الحدود اللبنانية -السورية متخصصة في حماية الحدود ومجهزة لهذا النوع من المهمات، مشيرا الى انه لم يتم تسجيل أي عمل يمكن وصفه بالخطير على الحدود، ومن الطبيعي أن يكون الجيش على أهبة الاستعداد، ويأخذ كل الاحتياطات لمنع أي تسلل أو هجوم بعد التهديدات مع العلم ان الاتصالات قائمة مع الجانب السوري لمنع أي عمل يؤدي الى انزلاق أمني.
لكن، رغم كل الأخبار التي وضعت في اطار "الاشاعات"، والتطمينات الأمنية، لا يمكن الاستهانة بتهديدات العشائر السورية، وما جرى من أحداث في السويداء خير دليل اذ لعبت هذه العشائر دورا في حسم المعارك كما شكلت داعمًا لا يستهان به في إسقاط نظام الأسد. وبالتالي، فإنه بعد وفاة السجين السوري أسامة الجاعور في سجن رومية منذ أيام، فإن كل السيناريوهات واردة طالما ان ملف الموقوفين لا يزال دون معالجة فعلية للملف. ولا بد هنا من الاشارة الى ان معتقلي سجن رومية أصدروا بياناً أعلنوا فيه "رفضهم لأي خطاب يهدد السلم الأهلي في لبنان واعتباره خطاباً لا يخدم قضيتهم".
وفي ظل الأخبار المتداولة، والتي شكلت هاجسا وخوفا لدى اللبنانيين من أي اختراق أمني، لا بد من التساؤل حول جدية التهديدات، وقدرة العشائر على تنفيذها، وهل الجيش اللبناني قادر وجاهز لحماية الحدود خصوصا انه يتم الحديث عن إمكانية اجتياح الحزب الإسلامي التركستاني - الإيغور والذي تشير التقديرات الى ان عدد عناصره تجاوز عتبة الخمسة آلاف مسلح، ووصل الرقم في بعض التقارير الاعلامية إلى 16 ألف مقاتل.
النائب السابق العميد شامل روكز أكد في حديث لموقع "وردنا" ان التهديد هو كلام عاطفي أكثر مما هو تهديد فعلي، والموضوع يتعلق بالدولة وليس بين مجموعة تهدد مجموعة أخرى. الجيش اللبناني قادر على منع أي تسلل، وهو على جهوزية تامة. الجيش والقوى الأمنية لديهم الاجهزة الكافية لملاحقة أي تسلل نحو أي منطقة، معتبرا ان الخلل قد يحصل، لكن الامور مضبوطة بشكل كبير.
وفيما كشفت وثيقة إتصال صادرة عن قيادة الجيش تفيد بأنه بتاريخ 10 آب 2025، توافرت معلومات عن قيام عناصر أصولية متطرفة متمركزة داخل الأراضي السورية المحاذية للحدود اللبنانية، بالتخطيط لخطف عناصر من الجيش اللبناني في منطقتي البقاع والشمال بهدف مبادلتهم بموقوفين إسلاميين في السجون اللبنانية، أشار روكز الى انه لا يمكن أن نسقط من حساباتنا أي خرق أمني قد يحصل أو نشهد عملية خطف أو محاولة افتعال المشاكل لجر البلد الى فتنة، لكن الجيش مدرك تماما لهذه الامور، ويقوم بإجراءات استباقية. الاكيد ان التفلت ان حصل سيبقى محدودا ومحصورا. صحة وجود مثل هذه الوثائق لا يعني حتمية حصول ما جاء في مضمونها.
ودعا روكز الى الوثوق بالجيش وأن يكون كل مواطن مخبر لدى الاجهزة الامنية للمساعدة في إحباط أي مخطط ارهابي. الحدود اللبنانية بحماية الجيش اللبناني الذي يأخذ كل الاحتياطات، ويملك كل المعدات اللازمة للمراقبة، ويعمل بطريقة فعالة ووفق خطط ممتازة، وكل الناس خلف الجيش في مختلف المناطق رغم الاشاعات والتهويل.
وشدد على انه لا يجوز وضع الناس في جو من القلق وكأن الهجوم حاصل أو التهديدات أصبحت واقعية. أدعو اللبنانيين الى الاطمئنان لأن الجيش يحمي الحدود ولن يسمح لأي حزب أو جهة أو طرف مسلح من عبور حدوده مهما بلغ عديده وعتاده.