دأب حزب الله طوال مسيرته على استهداف خصومه ومعارضيه، بتهمة «التخوين والعمالة لاسرائيل»، حتى بات هذا الاسلوب بمثابة السلاح الذي ينتهجه الحزب، لمواجهة كل من يرفض ممارساته اللاشرعية، والاحتفاظ بسلاحه خارج اطار الدولة، واستغلاله لمصلحة ايران على حساب لبنان وشعبه، واصبحت تهمة «التخوين» تسبق شيطنة الخصم وتشويه صورته امام جمهوره ومؤيديه خصوصا، ليسهل اغتياله جسديا، كما حصل مع العديد من الشخصيات والقادة والشخصيات السياسية والحزبية ، او عزله سياسيا في الحد الادنى.
استفاد الحزب من الهيمنة على مفاصل القرار السياسي والإطباق على مؤسسات الدولة، بقوة السلاح، لمنع المساءلة القانونية والقضائية على ارتكاباته، وجاهزيته الدائمة لتهشيم صورة اي خصم يتجرأ على فتح ملف سلاحه الايراني غير الشرعي، او المطالبة بوضعه تحت سيطرة الدولة، حتى بات مجرد التطرق الى هذا الامر من المحرمات، التي تواجه بتهمة «التخوين والعمالة لاسرائيل»، ما تسبب بخشية ومخاوف لدى بعض خصومه، من اثارة تجاوزات الحزب الامنية والقانونية، تجنباً لتوجيه واستغلال بعض مؤسسات السلطة الامنية والقضائية ضده،كما كان يحصل طوال المرحلة الماضية.
بعد تطورات العامين الماضيين الدراماتيكية، واضطرار حزب الله للموافقة على وقف الاعمال العدائية مع اسرائيل وتنفيذ القرار١٧٠١، الذي يتضمن نزع سلاحه من كل الاراضي اللبنانية، ودخول لبنان في مرحلة جديدة، بعد تسلُّمه الورقة الاميركية التي تضمنت جملة مطالب وشروطاً ترتكز على مطلب حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وحدها ومن ضمنها سلاح الحزب، والانطلاق منها لتنفيذ بقية المطالب، لاخراج لبنان من ازمة الاحتلال الاسرائيلي واعادة الاعمار والنهوض المالي والاقتصادي، وتجاوب الحكومة اللبنانية واتخاذها قرار حصر السلاح بيد الدولة ، شن حزب الله عبر قيادييه ونوابه وادواته، حملة «تخوين» واسعة ضد رئيس الحكومة نواف سلام شخصيا ، وهي الحملة التي كانت بدأت سابقا لدى اعلان سلام نيّة الحكومة السير بقرار حصر السلاح بيد الدولة وحدها.
ردة الفعل الاولية لحملة «التخوين» التي شنّها حزب الله ضد رئيس الحكومة على موقفه المؤيد لنزع سلاح الحزب بموجب القرار ١٧٠١، واستنادا للبيان الوزاري للحكومة الذي وافق عليه، وزيرا الحزب المشاركان بالحكومة، تجديد ثقة المجلس النيابي بحكومة نواف سلام، بما يشبه الرد غير المباشر ورفضاً لحملات تخوين الحزب.
هذه الايام ، وبعد قرار مجلس الوزراء الاخير حصر السلاح بيد الدولة وتكليف الجيش اللبناني وضع خطة مفصلة بهذا الخصوص، لعرضها على مجلس الوزراء، تجددت حملة الحزب ضد رئيس الحكومة بالتخوين على نطاق واسع وغير مسبوق، وأتت النتيجة معاكسة تماما لحملات الحزب واهدافه، بتأييد لبناني واسع النطاق سياسيا وشعبيا لقرار الحكومة، ودعما من الدول الشقيقة والصديقة على حد سواء.
النتيجة ان سلاح «التخوين» و«العمالة لاسرائيل»، وحملات الحزب ضد خصومه، لتبرير الاحتفاظ بسلاحه الايراني، مرفوضة اساسا بسبب تبعية الحزب لدولة اجنبية، واصبحت عديمة الجدوى، لانها مختلقة لاهداف لا تمت للمصلحة الوطنية بصلة، ولأن المستهدف شخصية مشهود لها، بالتصدي لاسرائيل، إن كان بمذكرة التوقيف التي اصدرها ضد رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو اثناء تولِّيه رئاسة محكمة العدل الدولية، او في ادائه بالحكومة الحالية.