توجَّه الموفد الاميركي توم براك الى الجنوب اليوم في جولة جنوب الليطاني تقوده الى الحدود بين لبنان واسرائيل، لمعاينة المكان الذي أشار اليه أمس وهو "المنطقة الاقتصادية باسم الرئيس ترامب". وألغى براك زيارته إلى صور والخيام على وقع الاحتجاجات الشعبية، بعد ان نفّذ عدد من أهالي بلدة الخيام تجمعاً احتجاجياً، رفعوا خلاله صور ضحايا الحرب، رفضاً لزيارة براك إلى المنطقة، معبّرين عن استنكارهم لما وصفوه بـ"السياسات المنحازة" للولايات المتحدة.
على الرغم من مواقف الوفد الأميركي بأعضائه الخمسة الذي استخدم لغة ومفردات موحّدة تدور كلها حول نزع سلاح حزب الله، فقد برز كلام لموفد الرئيس الأميركي توم برّاك خلال المؤتمر الصحافي في القصر الجمهوري عن "التعويض" لمقاتلي "الحزب" لدى تسليمهم السلاح وعن "المنطقة الاقتصادية" في الجنوب عند الحدود مع إسرائيل. هذه المبادرة التي تطرحها واشنطن تقوم على استبدال منطق الصراع العسكري بمنطق الاستثمارات والتنمية، وتحويل جنوب لبنان إلى منطقة استثمارية وسياحية حيوية.
صحيح ان صورة هذه المنطقة غير واضحة وكيف يمكن تنفيذها بطريقة واقعية بعد ان دمرت الحرب الإسرائيلية الأخيرة جزءا كبيرا من المناطق الحدودية في وقت يربط فيه المجتمع الدولي المساعدة في إعادة الإعمار بنزع سلاح "حزب الله"، إلا ان براك أوضح انه علينا تمكين من تخلى عن حياته ورزقه، والذي كان يتلقى أجرا من إيران عندما نقول عن نزع سلاح حزب الله، وسنعمل معاً من خلال خلق وإنشاء صندوق اقتصادي سيؤمن الرزق والحياة، وسيكون موجوداً إن كانت إيران تريد ذلك أم لا.
براك قال كلمته وغادر. لكن يختلف اللبنانيون بين من يعتبر ان كلامه بشأن المنطقة الاقتصادية وهم، ولا يمت الى الواقع بصلة على اعتبار أن أهل هذه المنطقة لا يريدون التخلي عن أرزاقهم وبيوتهم وأراضيهم مهما كان الثمن باهظا. أهل الجنوب ليسوا بحاجة لأي دولة لتنفذ المشاريع في منطقتهم لأنهم قادرون على فعل ذلك بأنفسهم، وهم يرغبون في الاستثمار في بلدهم، لكنهم يريدون السلام والامن والامان. وهم على ثقة ان اسرائيل لن تسمح بالازدهار على حدودها الا اذا كانت تستفيد من ذلك ما يعني بطريقة غير مباشرة الاستثمار برا وبحرا في لبنان، وهذا لن يقبلوا به.
وفيما رأى الخبير الاقتصادي والمالي إيلي يشوعي ان ما طرحه براك مستبعد جدا حاليا، وليس سوى وعودا في ظل نية استمرار الحرب لأن نية استمرار التوسع الاسرائيلي لا تزال موجودة،شدد الوزير السابق ألان حكيم على أهمية المشروع، موضحا ان المنطقة الاقتصادية مكونة من صميم أهل الجنوب. عندما نتحدث عن مناطق اقتصادية لا نتحدث عن مناطق اقتصادية مقفلة انما مناطق يستثمرها أصحابها الذين هم سيعملون في المصانع وفي ادارة أرزاقهم. هنا نتحدث عن تنوع في مصادر الدخل الوطني، وتخفيف الضغط عن العاصمة، والاهم خلق فرص عمل محلية للحد من الهجرة. كل ذلك، يجب ان يترافق مع اطار عمل واضح يحافظ على أملاكنا وعلى ثروتنا الجنوبية. يمكن ان نحول الجنوب الى جنة على الارض.
ونفى حكيم أن يكون مشروع المنطقة الاقتصادية يهدف الى تهجير الناس من أرزاقهم.من يتحدث بالسلبية عن هذا المشروع ينطلق من منطلق سياسي، واعتبارات ايديولوجية غير واقعية. هكذا مشروع سيثبت الناس في أرضها. وهنا نسأل: هل الافضل ان نرى الجنوب كما هو عليه اليوم من دمار وخراب؟ هل أهل الجنوب في منازلهم اليوم، ويستثمرون أراضيهم؟. لا يجوز إيهام الناس ان المنطقة الاقتصادية تعني بيع الارض الى اسرائيل. انه كلام فارغ، ولا أحد يقبل به.
وشدد على "اننا بحاجة الى خطة انمائية واضحة ترتكز على الشراكة بين القطاعين العام والخاص. الجنوب اللبناني يملك قدرات كبيرة غير مستثمرة من الزراعة الى السياحة الى الثروات البحرية. يمكن تحويل الجنوب الى محرّك اقتصادي للبنان لكن ذلك يتطلب الاستقرار . اليوم كل شيء معطل وسط الدمار والحرب. الجنوب بحاجة الى بنية تحتية مفقودة. وكما نتحدث عن الجنوب كذلك نتحدث عن الشمال المحروم ايضا، ونطالب بإنشاء مطارين الاول في الشمال والثاني في الجنوب. انها مناطق تتميز بإمكاناتها الهائلة.