دولي آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

"قتلنا الأطفال وفقدنا الهدف".. جنود إسرائيليون يرفضون العودة إلى غزة

من الواضح أن اعتراض المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الخاص بتوسيع العمليات في غزة، لا يعود فقط للنتائج الكارثية المحتملة، خصوصاً على حياة الرهائن المتبقين في القطاع ولكن أيضاً للإنهاك الذي يعانيه الجنود، فيما أصبح رفض الكثير من قوات الاحتياط العودة للخدمة ظاهرة تؤرق القيادات العسكرية.

وبعد عامين من الحرب الطاحنة على عدة جبهات، تستعد إسرائيل لاستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط للمشاركة في هجومها الموسع لاحتلال مدينة غزة، لكن مسؤولين عسكريين اعترفوا بأنه ليس من الواضح كم منهم سيعودون إلى القتال.

ويعتمد الجيش الإسرائيلي بشكل كبير على جنود الاحتياط لتشكيل ما يصل إلى ثلثي القوة العسكرية، وخاصةً فيلق الطيارين والعديد من كتائب المشاة اللازمة لشن هجوم شامل على مدينة غزة وخلال الأشهر القليلة الماضية، تزايد عدد المتغيبين عن الخدمة العسكرية وبعضهم يعزون ذلك إلى الإرهاق، أو إلى الحاجة إلى إنقاذ زيجات متوترة أو مسارات مهنية متعثرة، بينما يقول آخرون إنهم يشعرون بخيبة أمل متزايدة تجاه الحرب.

اعترافات بالتهرب

ووصف عشرة ضباط وجنود وحداتهم بأنها منهكة ومستنزفة وقال اثنان على الأقل: إن ما بين 40 إلى 50% من رفاقهم الاحتياطيين لم يذهبوا إلى الخدمة وقال آخرون: إنهم انسحبوا، معتقدين أن الحرب لم تعد عادلة وفق نيويورك تايمز.

وقال أربعة مسؤولين أمنيين إسرائيليين: إن رئيس الأركان إيال زامير، اعترض على قرار نتنياهو بتوسيع الهجوم في غزة جزئياً بسبب المخاوف بشأن لياقة جنود الاحتياط ويُهدد تصاعد الاستياء بتعقيد خطة احتلال مدينة غزة، فيما أعلن الجيش أنه يعتزم استدعاء 60 ألف جندي احتياط إضافي وتمديد خدمة 20 ألفاً آخرين.

إنهاك نفسي وبدني

ويؤكد المحلل العسكري الإسرائيلي عمر دانك الذي يخدم بقوات الاحتياط في سلاح الجو: «نواصل سعينا لاستغلال كل ما نستطيع دون تخطيط استراتيجي حقيقي، النموذج الحالي غير قابل للاستمرار، الجيش منهك».

كما يقول محللون عسكريون: إن نظام استدعاء جنود الاحتياط من الخدمة المدنية لفترات قتالية كان فعالاً في الحروب القصيرة. لكن العديد من جنود الاحتياط أمضوا الآن مئات الأيام في الخدمة الفعلية وهو ما يعني تغيبهم عن حياتهم المدنية لفترات طويلة.

وقال أحد الجنود: إن نسبة المشاركة في سريته، التي تضم مئة جندي، انخفضت تدريجياً إلى ستين جندياً، حيث أشار الكثيرون إلى توترات في المنزل بسبب رعاية الأطفال ومشاكل في وظائفهم اليومية وأسباب تتعلق بالصحة النفسية.

وكشف جندي في وحدة مشاة إسرائيلية، أن نصف فريقه فقط وصلوا أواخر العام الماضي وقال قائد فصيلة أخرى في الاحتياط: إنه بينما لا يزال جنوده يتوافدون، يواجه ضباط آخرون صعوبة في التعامل مع نسبة إقبال منخفضة تصل إلى 40%.

إعفاء المتشددين من التجنيد

كما يشعر جنود آخرون بالغضب لأن الجيش الإسرائيلي يطالب بمزيد من أسابيع الخدمة، حتى مع سعي الحكومة إلى إعفاء الطلاب الدينيين المتشددين من التجنيد لإرضاء حلفاء نتنياهو السياسيين.

ويكشف الطالب الجامعي رون بيريتز، أنه يقضي فترة خدمته الاحتياطية الرابعة والمقرر أن تستمر حتى أكتوبر، كاشفاً أن من أصعب الأمور استحالة وضع أي خطط مستقبلية. واستطرد: في كتيبتي، يعلمون أن معظمنا سيعود مراراً وتكراراً، إنه استغلال ساخر لوطنيتنا، حتى مع عدم تجنيدهم عشرات الآلاف غيرنا، في إشارة إلى المتدينين المتشددين.

أسباب أيديولوجية وأحكام بالسجن

وأفادت تقارير بأنه لم يواجه سوى عدد قليل من الجنود الإسرائيليين عقوبات بسبب عدم التحاقهم بوحداتهم، على الرغم من أن حفنة منهم رفضوا ذلك لأسباب أيديولوجية وقضوا فترات قصيرة في السجن العسكري.

واعتبر عدد من الجنود الرافضين للخدمة في غزة لأسباب أيديولوجية، أن الحرب ضد حماس قد فقدت مسارها، بعد أن قُتل أكثر من 60 ألف شخص في غزة، من بينهم آلاف الأطفال.

وقضت محكمة عسكرية بالسجن على بعض الجنود، ففي يونيو/حزيران حُكم على رون فاينر، النقيب البالغ من العمر 26 عاماً، بالسجن 25 يوماً لرفضه الانضمام إلى آخر مهمة لكتيبته، بعد أن أمضى حوالي 270 يوماً في الخدمة العسكرية وقال فاينر: «إن الحكومة تحاول إطالة أمد هذه الحرب لأطول فترة ممكنة، حتى لو كان ذلك يعني ترك الرهائن خلفها».

كما قال جندي احتياطي إسرائيلي آخر: إن شكوكه ازدادت بعد أن أشعل رفاقه في السلاح النار في ما لا يقل عن عشرة منازل فلسطينية خلال انتشارهم في شمال غزة وأضاف أن قادتهم أعطوا الضوء الأخضر لهذه الممارسة.

حيل للتغلب على التهرب

وفي بداية الحرب، كانت نسبة المشاركة في القتال تتجاوز أحياناً 100% وفقاً للجيش الإسرائيلي، حيث سارع المتطوعون إلى القواعد على أمل الانضمام إلى القتال ولكن مع استمرار الحرب، بدأت الشقوق في الظهور.

ولتحفيز جنود الاحتياط، قال جندي: إن وحدته تُنشر في غزة لمدة أسبوع في كل مرة، ثم تُمنح إجازة مدفوعة الأجر لمدة أسبوعين، كما يؤكد عدد من الجنود أن الجيش كان يحاول إدارة تراجع رغبتهم في الخدمة لفترات مطولة وذلك بإرسالهم إلى جبهات أخف وطأة، مثل الضفة الغربية المحتلة، بينما ينقل الذين حلوا محلهم إلى غزة.

ويؤكد أرييل هايمان، العميد المتقاعد الذي قاد هيئة عسكرية تُعنى بشؤون جنود الاحتياط: «ليس الأمر أن الناس قرروا التهرب من واجبهم، بل لأنهم يُعانون بشكل حقيقي» وقال أحد أفراد وحدة المظليين النخبة التابعة للجيش الإسرائيلي: إنه خدم في جولتين قتاليتين بغزة ولبنان، ثم أخبر قادته أنه لا يطيق الانضمام إليهم، موضحاً أن أحد أفضل أصدقائه قُتل بصاروخ في غزة وأن إعادة التكيف مع الحياة المدنية كانت بمثابة معركة كافية بالنسبة له.

وبالإضافة إلى غزة، لا تزال القوات الإسرائيلية تقاتل على عدة جبهات أخرى، إذ ينفذ دوريات شبه يومية في أجزاء من جنوب لبنان وسوريا، بالإضافة إلى شن مداهمات كبيرة على المدن الفلسطينية في الضفة الغربية.

يقرأون الآن