لبنان آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

خاص "وردنا"- إتفاق دفاع مشترك بين لبنان وأميركا... وهم أو حقيقة؟

خاص

لا تزال ترددات أصداء التصاريح التي أدلى بها الوفد الأميركي من قصر بعبدا في السادس والعشرين من آب/ أغسطس الماضي، ترخي بظلالها على المشهد السياسي الداخلي خصوصا في ملف حصرية السلاح.

وعلى الرغم من المواقف الهامة والمصيرية التي تطرق اليها الوفد والتي حظيت باهتمام كبير على المستويين السياسي والاعلامي الا ان قلة قليلة توقفت عند رسالة هامة جدا ومفصلية في تاريخ لبنان الحديث جاءت على لسان السيناتور ليندسي غراهام حين قال أن الولايات المتحدة قد تتوصل إلى اتفاق دفاع مشترك مع لبنان، إذا نفذ خطة نزع سلاح "حزب الله".

أهمية هكذا إتفاق أوضحها غراهام نفسه اذ سأل : "هل لديكم فكرة عمّا أتحدث عنه؟ إنني أتحدث عن أكبر تغيير في تاريخ لبنان. ولماذا أتحدث عنه؟ كم عدد الدول التي لديها اتفاقية دفاع مع الولايات المتحدة؟ عدد قليل جداً. مع الناتو لدينا التزام بالمادة الخامسة. لكن عدد الدول التي تكون أميركا مستعدة لخوض حرب من أجلها هو قليل جداً".

إتفاقية الدفاع المشترك اذا تم التوقيع عليها بين الولايات المتحدة الاميركية ولبنان يكون لها دلالات تتجاوز حدود دعم الجيش اللبناني، إلى مستوى تصبح فيه واشنطن ملتزمة بخوض حرب من أجل لبنان في حال تعرضه لأي تهديد. وبالتالي، تكون رسالة لإيران مفادها أنّ أي تهديد للاستقرار اللبناني قد يواجه بتدخّل أميركي مباشر.

وفيما برّر غراهام انضمام لبنان لهذه المجموعة، بالقول:"لأن لديكم أمراً واحداً ثميناً جداً في نظري: التنوّع الديني. فالمسيحية تتعرض لحصار في الشرق الأوسط، والمسيحيون يُذبحون ويُهجَّرون من مختلف أنحاء المنطقة، باستثناء هنا. لذلك، ما سأقوله لزملائي، هو: لماذا لا نستثمر في الدفاع عن التنوّع الديني في الشرق الأوسط؟ لماذا لا نقيم علاقة مع لبنان نلتزم من خلالها فعلياً بالدفاع عمّا تقومون به؟ إنّ فكرة أن يكون لأميركا يوماً ما اتفاقية دفاع مع لبنان ستُحدث تغييراً في لبنان لا يشبه أي أمر آخر يمكنني تصوّره".

غراهام قال ما لديه، لكن هل يمكن لمثل هذه الاتفاقية أن ترى النور، وتصبح واقعية في بلد هش، تحوّل إلى ساحة صراع اقليمية منذ سنوات وسنوات، وأقل ما يقال فيه انه يعيش على فوهة بركان طائفية؟. وأي حديث عن التنوع سيفهم منه انه حماية للمسيحيين ما يزيد في الانقسام الداخلي خصوصا ان بعض الجهات السياسية ترفض رفضا قاطعا مثل هذه الاتفاقية على اعتبار انها تمس السيادة الوطنية. وبالتالي، تضع لبنان بشكل أو بآخر تحت الوصاية الأميركية. وهنا السؤال الأهم: هل يمكن اعتبار هذه الاتفاقية جدية فيما لبنان على صراع دائم مع إسرائيل المدعومة أميركيا بمعنى آخر هل من مصلحة إسرائيل ان ينضم لبنان في مجموعة تكون فيها أميركا مستعدة لخوض حرب من أجله؟ وهل يمكن لغراهام أن يؤثر على السياسة الخارجية الاميركية لإبرام هكذا إتفاق مع لبنان؟ .

مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية وعضو الحزب الجمهوري توم حرب أوضح لموقع "وردنا" ان غراهام سيناتور من المتشددين في مجلس الشيوخ الاميركي، ومقرب كثيرا من الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وهو من صانعي السياسة الداخلية والخارجية في الحزب الجمهوري. يؤثر كثيرا على ترامب في السياسة الخارجية خصوصا في الشرق الاوسط. حين نعرف من هو غراهام، نفهم أهمية كل موقف أو كلمة يقولها. وما قاله عن الاتفاق بين لبنان والولايات المتحدة الاميركية التي تعتبر ان الشرق الاوسط سيتغير من مجموعة دول تضطهد اسرائيل الى دول ستكون حليفة معها، لا يمكن الا أن نأخذه على محمل الجدية. لكن أميركا تريد الانتهاء من الارهاب الذي يمتد الى الدول الغربية والاوروبية. من هذا المنطلق، يعتبر غراهام انه يجب القضاء على كل المنظمات الارهابية بما فيها "حزب الله"، والاميركيون مستعدون لمساندة الجيش اللبناني اذا وضع خطة فعلية لنزع سلاح الحزب، ومجلس الشيوخ سيطلع على هذه الخطة ان كانت واقعية أو عملية مماطلة. 

وأشار حرب الى ان "غراهام يرى ان الوضع في الشرق الاوسط يتغير، لكن هناك تحديات تجاه الاقليات، لا يجوز ان تستمر. وأميركا مستعدة لبناء علاقة دفاعية مع لبنان. ورغم ان غراهام لم يوضح تفاصيل هذه العلاقة، لكن الفكرة انبثقت من الجو العام الذي يقول ان اسرائيل متجهة الى اتفاقيات ابراهيمية، ودول الجوار يجب ان يكون لديها خطط دفاعية مع الولايات المتحدة لحماية الاقليات من المنظمات الارهابية. وهذه الخطة ستنطلق من اللاذقية مرورا بحمص والسويداء ودرعا وجنوب لبنان اذ ان الخرائط ستتغير بعد سنة أو سنتين بمعنى ان هذا الحزام حول اسرائيل سيريحها من أي تهديد في المستقبل. لذلك، الخطة مع لبنان وربما تضاف اليها منطقة العلويين ومنطقة الدروز تشكل أمنا لاسرائيل على مدى قرون مقبلة ولا تتنافس معها". 

وأكد ان "الخطة الدفاعية بين لبنان والولايات المتحدة تثبت أن لا أطماع اسرائيلية في التوسع. لدينا هذه الفرصة، لكن هل باستطاعة رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام اتخاذ مثل هذه الخطوة؟ لا نراهن كثيرا على الطبقة السياسية في لبنان".

يقرأون الآن