غادر سبعة أطفال (14-17 سنة) السواحل الجزائرية، بعدما أجّروا قارباً بمحرك، ليصلوا خلال ساعات إلى الأراضي الإسبانية، في رحلة "حرقة" تعتبر الأولى من نوعها أثارت جدلا واسعا في الجزائر خلال اليومين الماضيين.
فقد وقعت الحادثة يوم السبت الماضي، بعدما استأجر الأطفال الذين لا يتعدى عمر أكبرهم الـ17 سنة، قارباً بمحرك 85، مخصص للرحلات السياحية، من شاطئ "تمنفوست" البحري شرق العاصمة الجزائر، وانطلقوا به، نحو إسبانيا، مستخدمين تطبيق خرائط على الهاتف النقال.
كما صور الأطفال والمراهقون جميع مراحل الرحلة، وصولا إلى مركز للقصر في إسبانيا، حيث بثوا فيديوهات مباشرة، وتفاعلوا مع المتابعين، شارحين كيفية نجاحهم في الرحلة بأبسط المعدات.
كما أوضحوا أن رحلتهم هذه هي الثانية بعد أولى فاشلة السنة الماضية"، وأنهم "يشتغلون منذ الصغر في البحر" ما أتاح لهم التعرف على سبل التنقل لمسافات تزيد عن الـ270 كيلومترا".
فيما أحدثت القصة جدلاً واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، خاصة بعدما سوقّ لها مراهقون على أنها "إنجاز"، واصفين أصحابها بـ"الأبطال"، ما أثار استياء المنتسبين إلى قطاع التربية والمختصين والمجتمع المدني الذين انتفضوا من أجل الحيلولة دون أن يصبح هؤلاء الشبان قدوة لأقرانهم.
ففي حين خرج صاحب القارب بعد ساعات من الحادثة، في فيديو، موضحا أنه يؤجر القوارب بمبلغ 8 آلاف دينار (35 دولارا) للسَّاعة الواحدة، وأنَّ أربعة من الأطفال تقدموا نحوه، وأعطوه مبلغ 6 آلاف دينارا فقط، مقابل الرحلة، ثم ابتعدوا عنه مسافة 200 متر، لحمل حقائبهم، وعندما تفطن لهم بعد انقضاء ساعة، لم يتمكن من ملاحقتهم لأنهم كانوا قد ابتعدوا".
@camelia_a66 #maroco🇲🇦algeria🇩🇿tunisia🇹🇳 #pourtoii #fry #dzair🇩🇿 #dzpower ♬ son original - 🎸 𝐀𝐋𝐀𝐀 𝐌𝐑 𝐏𝐑𝐎𝐃 🎸
وفي هذا الصدد، قال المختص في الشؤون الجيواستراتيجية، والمتابع لظاهرة الهجرة غير القانونية (أو ما يسمى محلياً الحرقة) عمر سليم، إنّ "ظاهرة "الحرقة" عادة ما ترتفع بنسب كبيرة في فصل الصيف عموما، وهذا لتلاؤم العوامل المناخية مع الإبحار".
كما أضاف المتحدث: "الغريب ليس وصول الأطفال السبعة إلى السواحل الإسبانية، ولكن سنهم، حيث تُعتبر الحادثة الأُولى من نوعها، إذ لم يسبق أن غادر مراهقون قصر لوحدهم، هذا لم يحدث من قبل في تاريخ الجزائر".
واعتبر أن "الحادثة شكلت حديث العام والخاص في إسبانيا مثلما هو الحال في الجزائر، حيث اعتبرت نادرة وصعبة الحدوث، كون المعنيين تنقلوا دون دليل، وباستخدام تطبيق على هاتف ذكي، وهي أوّل مرة تطأ فيها أرجلهم الأراضي الأوروبية".
أما عن الأرقام المسجلة خلال السنة الجارية، حول ظاهرة "الحرقة" فقال سليم: "من الصعب الحصول على إحصائيات دقيقة، إذ لا يوجد تنسيق بين المصالح الإسبانية المكلفة باستقبال الحراقة وبين الجزائرية، ضف على ذلك أن هناك عددا كبيرا من المتوفين في البحر ممن لا يملك أحد معلومات عنهم".
مع هذا أوضح أن "عدد الحراقة في السداسي الأول من السنة الجارية، تجاوز الـ1200 شخص، قادمين من الجزائر فقط، فضلا عن مئات الحراقة الآخرين القادمين من البلدان المغاربية، وخاصة المغرب وتونس إلى إسبانيا، أما عدد السفن فيفوق المائة سفينة".
من جهتها أكدت الاختصاصية النفسانية والتربوية زهرة فاسي، أنّ "هذه الواقعة ستكون حديث التلاميذ عند الدخول المدرسي الجاري 2025-2026، وهذا على مستوى جميع المؤسسات التربوية (الابتدائي، المتوسط والثانوي)، نظرا لأنَّ سن المراهقين والأطفال الذين خرجوا هي سن أطفال لم يبلغوا حتى مرحلة امتحان نهاية التعليم الثانوي "البكالوريا".
كما أضافت المتحدثة أنَّ "الأمر يتعلق بأطفال في سن مبكرة، سيصبحون أبطالا في نظر أقرانهم، لكن لن يكونوا كذلك في نظر التلاميذ الذين تحتويهم عائلاتهم وأساتذتهم، حيث يمكن أن يقلدهم المتسربون دراسيا في المتوسط والثانوي، لكن المهمة اليوم تلقى على عاتق الأولياء والأساتذة للتوعية العامة من مخاطر هكذا مغامرات خطيرة".
@amir_fr_19 #شعب_الصيني_ماله_حل😂😂، #الجزائر🇩🇿😘تيك_توك_ #فرنسا🇨🇵_بلجيكا🇧🇪_المانيا🇩🇪_اسبانيا🇪🇸 #tik_tok #fyp ♬ الصوت الأصلي - AMIR🫅
وختمت معتبرة أن "من نتائج هذه المغامرة السيئة أنها ستكون مسرح تقليد أعمى، أما الأولياء فقد تجاوزتهم الأحداث والمؤثرات والضربات التحتية ضد الشباب والجيل الجزائري".