ليس حدثا أمنيا عاديا أن تعلن وزارة الداخلية السورية عن إلقاء القبض على خلية تابعة لحزب الله كانت تخطط لتنفيذ عمليات في ريف دمشق بالقرب من الجولان، وانها تدربت في لبنان وخططت لتنفيذ عمليات داخل سوريا، وضبطت معها منصات إطلاق صواريخ و19 صاروخ غراد وذخائر.
وعلى الرغم من نفي "حزب الله"، "جملة وتفصيلًا ما أوردته وزارة الداخلية السورية من اتهامات بشأن انتماء عدد من العناصر الذين جرى اعتقالهم في ريف دمشق الغربي إلى الحزب"، الا ان الهواجس تبقى قائمة من تأثير هذا التطور النوعي على العلاقات المستجدة بين لبنان وسوريا خصوصا انه لم يمض أسابيع قليلة على تشكيل لجنتين رسميتين للتعامل مع قضايا السجناء والمفقودين بين البلدين وتسوية الملفات الحدودية العالقة.
إذا، توقيت دقيق وحسّاس بالنسبة للعلاقات اللبنانية- السورية، لكن البعض شكك في صحة الخبر، ووضعه في اطار الاستثمار السياسي والضغط على لبنان لتحقيق جملة مطالب في حين أكد مصدر متابع لموقع "وردنا" ان الخبر صحيح خصوصا ان القيادة السورية عبر الامن العام والمخابرات هي من كشفت ذلك، ووثقت عملية القبض بالصور. وحسب معلومات خاصة، فإن الجهات المعنية في سوريا سينشرون اليوم أو غدا محاضر التحقيقات، والكشف عن الاسماء لقطع الشك باليقين.
إستثمار سياسي والضغط على لبنان
أشار الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان الى " اننا نلاحظ دائما وبشكل أسبوعي ان هناك اتهامات سورية للبنان. أعتقد وبحسب رؤيتي ان حزب الله طوى الصفحة السورية كليا، لكن على ما يبدو بأن في الادارة السورية مَن لا يريد اقفال ملفات الماضي، وإبقاء العلاقة مع لبنان بصورة عامة علاقة حذرة ويشوبها القلق. وتعرف إدارة دمشق الجديدة ان الحزب لا دور له في سوريا اليوم. وقد يكون مثل هذه البيانات الضغط على الحكومة اللبنانية من أجل الموافقة على قائمة مطالب سورية. وهذا ما يدفع لبنان الى ان يبقي رؤيته تجاه الوضع السوري ضمن دائرة الحذر ايضا خصوصا مع قائمة المطالب السورية الجديدة من ضمنها: اطلاق سراح الموقوفين، والودائع السورية في لبنان، ومسألة النازحين السوريين، وترسيم الحدود. وفي الوقت عينه، أعتقد ان هناك ضغوطا أميركية واقليمية على دمشق من أجل ابقاء ملف حزب الله مفتوحا".
وتحدث عن "عدم زيارة أي مسؤول سوري كبير الى لبنان. على أي حال، فإن كل ذلك يؤدي الى قراءة ان دمشق الجديدة لم تبلور سياستها تجاه لبنان".
وأكد شومان ان " مثل هذه البيانات يوضع في اطار الاستثمار السياسي والضغط على لبنان لتحقيق جملة المطالب التي ذكرتها سابقا. كأن دمشق تحاول أن تسد الطرق امام علاقات سورية لبنانية سوية. وبالتالي، كأنها تريد من الدولة اللبنانية ان تمارس الضغط الاقصى العملي والسياسي على حزب الله، وهذا بدون شك تدخلا واضحا في الشؤون اللبنانية. عندما تصدر دمشق بيانا يتهم حزب الله، كأنها تطلب من الحكومة زيادة الضغط على حزب الله، وهذا شكل من أشكال الضغوط التي تمارسها اسرائيل والولايات المتحدة. نحن أمام 3 ضغوط: من الجنوب ومن الشرق ومن الولايات المتحدة الاميركية. لا يمكن أن تقرأ مثل هذه البيانات الا في هذا السياق".
نشر التحقيقات لقطع الشك باليقين
وقال الكاتب والمحلل السياسي طارق أبو زينب لموقعنا:" لنكن موضوعيين، ان بعض المعابر غير الشرعية لا تزال موجودة، والامن السوري يضبط شاحنات أسلحة أو مخدرات. اليوم، علينا حماية حدودنا وبلدنا، وعدم التدخل في البلدان الاخرى كي لا نصبح في موقع اتهام بإدارة العمليات الارهابية. حزب الله ينفي الخبر، ومن المهم أن تنشر الحكومة السورية تحقيقاتها لقطع الشك باليقين. وفي حال، تم التداول بإجراءات قانونية في سوريا، واتهام لبنان بتصدير خلايا ارهابية، فهذه مشكلة كبيرة نحن بغنى عنها".
وأعرب عن تخوفه "من التعقيد أكثر وأكثر بموضوع حصرية السلاح لأن هذا الخبر يعني ان السلاح لا يزال متفلتا ومستخدما لدى بعض الاطراف. على المعنيين في لبنان التواصل مع سوريا للتحقيق في هذا الملف وسواه من الملفات".
ورأى أبو زينب انه "من المستبعد أن يؤثر هذا الحدث على العلاقات بين لبنان وسوريا اذ ان اللجنتين تعملان في ملفات معينة أبرزها ضبط الحدود والمعابر غير الشرعية وملف المسجونين والمفقودين كما ان المعني بالقضية هو حزب الله وليس الحكومة اللبنانية، وحزب الله ليس فصيلا مسلحا تابعا للدولة".