تتجه الأنظار اليوم إلى الدوحة حيث ستعقد القمة العربية الإسلامية الطارئة، تضامناً مع قطر التي تعرضت لعدوان إسرائيلي اعتبره كثيرون تخطّ لكل الخطوط الحمر، وفي حال لم تُتخذ قرارات حاسمة للجم إسرائيل، فهي ستتمادى إلى مزيد من الاستباحة للدول العربية. فيما أكد وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية خلال الاجتماع التحضيري للقمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة امس أنّ "أمن قطر جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي والإسلامي".
لبنان المعني الأبرز في مثل هذه الاعتداءات المتمادية على أراضيه وعدم احترام اسرائيل للقرارات الدولية، يشارك بفعالية في القمة اذ ان رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي غادر بيروت صباح اليوم الإثنين إلى العاصمة القطرية الدوحة، سيركز في كلمته على أمرين أساسيين: دعم لبنان لدولة قطر، وضرورة تبني موقف عربي موحد لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة.
شبع العرب من اللغة الديبلوماسية الفضفاضة
وفيما انتشرت العناوين العريضة للبيان الختامي الذي سيصدر عن القمة اليوم التي تتمحور حول الادانة والتضامن والوقوف صفاً واحداً إلى جانب قطر ودعوة المجتمع الدولي الى التحرك بشكل عاجل لوقف الاعتداءات الإسرائيلية في المنطقة، أشار أحد السفراء لموقع "وردنا" الى انه مجرد التئام القمة بهذه السرعة يحمل رسالة مهمة، لكن هذا لا يكفي. شبع الشعب العربي من البيانات التقليدية واللغة الدبلوماسية الفضفاضة التي لم تؤدّ يوما الى نتيجة. بات من الملح أن يتحرك العالم العربي فعليا وليس عبر عقد القمم وإصدار البيانات والادانات لأن اسرائيل تتمادى في ضرب أي بلد في المنطقة دون أي رادع. قمة الدوحة يجب أن تكون استثنائية على قدر الهجوم الاستثنائي الذي يعتبر بمثابة خطيئة ارتكبتها تل أبيب. وهنا نسأل: لماذا لا تقطع الدول العربية التي لديها علاقات ديبلوماسية مع اسرائيل هذه العلاقات؟ لماذا لا تقوم الدول العربية بفرض عقوبات إقتصادية على تل أبيب؟ ما قيمة المؤتمرات اذا لم ينتج عنها قرارات تنفيذية تشكل ورقة ضغط على اسرائيل وحليفتها أميركا على اعتبار ان المزاج العربي قد تغيّر وأصبح أكثر صرامة؟.
لكن السفير الذي لا يتوقع كثيرا من قمة الدوحة اليوم لأنه وان توافق القادة العرب على الخطوط العريضة الا أنهم يختلفون فيما بينهم على التفاصيل في ظل ارتباطات ومصالح كل دولة، يؤكد انه لو اتخذ العرب بعض الاجراءات التنفيذية الصارمة، فلا بد من اسرائيل أن تغيّر في أسلوبها مع دول المنطقة.
خطة تحرك سياسي لوقف العدوان
على أي حال، لا بد من الاخذ في الاعتبار بعض التطورات والخطوات الهامة التي تتزامن مع انعقاد قمة الدوحة، منها: تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ أيام قليلة بأغلبية ساحقة على إعلان يحدد "خطوات ملموسة ومحددة زمنيا ولا رجعة فيها" نحو حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين. بالاضافة الى المؤتمر الدولي رفيع المستوى الذي ستعقده الجمعية العامة للأمم المتحدة حول حلّ الدولتين يوم 22 أيلول الجاري اذ اعتمدت الجمعية قراراً شفهياً اقترحته المملكة العربية السعودية بشأن استئناف المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين.
وفي هذا السياق، اعتبر مصدر ديبلوماسي لـ "وردنا" ان اللحظة مؤاتية لبلورة خطة عمل عربية مع الاخذ في الاعتبار استمرار العدوان الاسرائيلي، وانطلاق قطار مشروع حل الدولتين في 22 الجاري الذي دونه الكثير من العقبات لكن ليس هناك من حل آخر. مع العلم ان القمم السابقة بقيت حبرا على ورق، ولا ننتظر من قمة الدوحة اتخاذ قرارات حرب أو تحرير انما المطلوب قرار يحمل رسالة واضحة ذات مصداقية ان العرب ذاهبون الى خطة تحرك سياسي لوقف العدوان الاسرائيلي. وهنا تكمن أهمية القمة اذا نجحت في تحقيق ذلك. لا نريد أن نكون متفائلين أو متشائمين لكن الظروف ضاغطة، وعلى الدول العربية القيام بأمر ما لأن أمنها واستقرارها بات على المحك.
وتمنى المصدر الديبلوماسي تعليق العلاقات العربية مع اسرائيل، وطلب مغادرة السفراء الاسرائيليين، لكن تبقى الامنيات في مكان والواقع في مكان آخر. نستبعد مثل هذه القرارات، رغم انه في بعض الاحيان من الضروري اتخاذ المواقف الحازمة التي لا تصل الى مستوى الحرب ولا الى مستوى الانبطاح.
واعتبر ان لبنان أكثر بلد لديه مصلحة في التوافق العملي الفعلي بين الدول العربية. فلسطين قضيتنا لكن لماذا نحن نتحمل وزرها في حين ان الدول الاخرى تحمي مصالحها، ونحن ندفع الثمن؟، مشددا على انه على الدول العربية اتخاذ خطوة في مسار الالف ميل، واذا لم نبدأ هذه الخطوة سيستمر الوضع على ما هو عليه والجميع سيدفع ثمن العنجهية الاسرائيلية. لا بد من بعض المصداقية تجاه أنفسنا وتجاه المجتمع الدولي.