دعت القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة إلى مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل، ومباشرة الإجراءات القانونية ضدها.
وجاء في البيان الختامي الذي صدر في نهاية القمة مساء الإثنين: "دعوة جميع الدول إلى اتخاذ كافة التدابير القانونية والفعالة الممكنة لمنع إسرائيل من مواصلة أعمالها ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك دعم الجهود الرامية إلى إنهاء إفلاتها من العقاب ومساءلتها عن آثارها وجرائمها، وفرض العقوبات عليها، وتعليق تزويدها بالأسلحة والذخائر والمواد العسكرية أو نقلها أو عبورها، بما في ذلك المواد ذات الاستخدام المزدوج، ومراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها، ومباشرة الإجراءات القانونية ضدها".
وأكد البيان على أن العدوان الإسرائيلي الغاشم على دولة قطر الشقيقة، واستمرار الممارسات الإسرائيلية العدوانية، بما في ذلك جرائم الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي والتجويع والحصار، والأنشطة الاستيطانية والسياسة التوسعية، إنما يقوض أي فرص لتحقيق السلام في المنطقة.
كما دان "بأشد العبارات للهجوم الجبان غير الشرعي الذي شنته إسرائيل في 9 سبتمبر 2025 على حي سكني في العاصمة القطرية الدوحة، يضم مقرات سكنية خصصتها الدولة لاستضافة الوفود التفاوضية في إطار جهود الوساطة المتعددة التي تضطلع بها دولة قطر، إلى جانب عدد من المدارس والحضانات ومقار البعثات الدبلوماسية، ما أسفر عن سقوط شهداء، من بينهم مواطن قطري، وإصابة عدد من المدنيين".
وأكدت القمة على "التضامن المطلق مع دولة قطر ضد هذا العدوان الذي يمثل عدوانا على جميع الدول العربية والإسلامية، والوقوف مع دولة قطر الشقيقة في كل ما تتخذه من خطوات وتدابير للرد على هذا العدوان الإسرائيلي الغادر ، لحماية أمنها وسيادتها واستقرارها وسلامة مواطنيها والمقيمين على أراضيها، وفق ما كفله لها ميثاق الأمم المتحدة".
وأكدت أيضا على أن "هذا العدوان على الأراضي القطرية، وهي دولة تعمل كوسيط رئيسي في الجهود المبذولة لتأمين وقف إطلاق النار وانهاء الحرب على غزة، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، يمثل تصعيدا خطيرا واعتداء على الجهود الدبلوماسية لاستعادة السلام. إن مثل هذا العدوان على مكان محايد للوساطة لا ينتهك سيادة دولة قطر فحسب، بل يقوض أيضا عمليات الوساطة وصنع السلام الدولية، وتتحمل إسرائيل التبعات الكاملة لهذا الاعتداء".
وأشاد بـ"الموقف الحضاري والحكيم والمسؤول الذي انتهجته دولة قطر في تعاملها مع هذا الاعتداء الغادر، وبالتزامها الثابت بأحكام القانون الدولي، وإصرارها على صون سيادتها وأمنها والدفاع عن حقوقها بالوسائل المشروعة كافة".
كما طالب بدعم الجهود التي تبذلها الدول التي تقوم بدور الوساطة، وفي مقدمتها قطر ومصر والولايات المتحدة، من أجل وقف العدوان على قطاع غزة، والتأكيد في هذا السياق على الدور البناء الذي تتطلع إليه دولة قطر، وما تقوم به من جهود مقدرة في مجال الوساطة وما يترتب عليها من آثار إيجابية في دعم مساعي إرساء الأمن والاستقرار والسلام. والإشادة بالمبادرات المتعددة التي تبذلها دولة قطر على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولا سيما في ميادين المساعدات الإنسانية ودعم التعليم في الدول النامية والفقيرة، بما يعزز مكانتها كطرف فاعل وداعم للسلام والتنمية على المستويين الإقليمي والدولي.
وأكد على "الرفض القاطع لمحاولات تبرير هذا العدوان تحت أي ذريعة كانت، والتشديد على أنه يشكل انتهاكا سافرا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويستهدف بصورة مباشرة تقويض الجهود والوساطات القائمة الرامية إلى وقف العدوان على قطاع غزة، وإفشال المساعي الجادة للتوصل إلى حل سياسي عادل وشامل ينهي الاحتلال ويكفل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وصون حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف".
كما رفض البيان بشكل كامل ومطلق "للتهديدات الإسرائيلية المتكررة بإمكانية استهداف دولة قطر مجددا، أو أي دولة عربية أو إسلامية، ونعتبرها استفزازا وتصعيدا خطيرا يهدد السلم والأمن الدوليين. ونحث المجتمع الدولي على إدانتها بأشد العبارات واتخاذ الإجراءات الرادعة الكفيلة بوقفها".
ورحب البيان بإصدار مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري قرار "الرؤية المشتركة للأمن والتعاون في المنطقة"، والتأكيد في هذا السياق على مفهوم الأمن الجماعي والمصير المشترك للدول العربية والإسلامية وضرورة الاصطفاف ومواجهة التحديات والتهديدات المشتركة، وأهمية بدء وضع الآليات التنفيذية اللازمة لذلك، مع التشديد علي أن محددات لأي ترتيبات إقليمية في المستقبل يتعين أن تراعي تكريس مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وعلاقات حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، والمساواة في الحقوق والواجبات دون تفضيل دولة على اخرى، وتسوية النزاعات بالطرق السلمية وعدم اللجوء للقوة، مع ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي العربية، وتجسيد الدولة الفلسطينية علي خطوط الرابع من يونيو لعام 1967، وإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل.
وأكد على ضرورة الوقوف ضد مخططات إسرائيل لفرض أمر واقع جديد في المنطقة، التي تشكل تهديدا مباشرا للاستقرار والأمن الإقليمي والدولي، وضرورة التصدي لها.
كما دان أي محاولات إسرائيلية لتهجير الشعب الفلسطيني، تحت أي ذريعة أو مسمى، من أراضيه المحتلة عام 1967، واعتبار ذلك جريمة ضد الإنسانية، وانتهاكا صارخا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وسياسة تطهير عرقي مرفوضة جملة وتفصيلا. والتشديد في هذا السياق على ضرورة تنفيذ الخطة العربية الإسلامية لإعادة الاعمار بشقيها السياسي والفني، والشروع في إعادة إعمار قطاع غزة في أسرع وقت، مع دعوة المانحين الدوليين إلى تقديم الدعم اللازم، وحثهم على المشاركة الفاعلة في مؤتمر إعادة إعمار غزة المزمع استضافته في القاهرة فور التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
ودان أيضا السياسات الإسرائيلية التي تسببت في كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث يستخدم الحصار والتجويع وحرمان المدنيين من الغذاء والدواء كسلاح حرب ضد الشعب الفلسطيني، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف والتشديد على أن هذه الممارسات تشكل جريمة حرب مكتملة الأركان، تستوجب تحركا عاجلا من المجتمع الدولي لوضع حد لها، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وآمن ودون قيود إلى جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وحذر البيان من "التبعات الكارثية لأي قرار من قبل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بضم أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، والتصدي له باعتباره اعتداء سافرا على الحقوق التاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني، وانتهاكا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ونسفا لكل جهود تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة".
وأكد على "ضرورة تحرك المجتمع الدولي العاجل لوضع حد للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة في المنطقة ووقف انتهاكاتها المستمرة لسيادة الدول وأمنها واستقرارها، وذلك في إطار احترام قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، مع التحذير من التبعات الخطيرة لاستمرار عجز المجتمع الدولي عن لجم العدوانية الإسرائيلية، وآخرها العدوان على دولة قطر الشقيقة، وما تزال مستمرة وتصعد في عدوانها الوحشي على قطاع غزة المحتل، فضلا عن ممارساتها الاستيطانية غير الشرعية في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، إضافة إلى الاعتداءات المتواصلة على دول المنطقة بما فيها الجمهورية اللبنانية والجمهورية العربية السورية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، بما يشكل خروقات فاضحة للقانون الدولي وانتهاكا صارخا لسيادة الدول".
ودعا "جميع الدول إلى اتخاذ كافة التدابير القانونية والفعالة الممكنة لمنع إسرائيل من مواصلة أعمالها ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك دعم الجهود الرامية إلى إنهاء إفلاتها من العقاب ومساءلتها عن آثارها وجرائمها، وفرض العقوبات عليها، وتعليق تزويدها بالأسلحة والذخائر والمواد العسكرية أو نقلها أو عبورها، بما في ذلك المواد ذات الاستخدام المزدوج، ومراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها، ومباشرة الإجراءات القانونية ضدها".
كما دعا الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى النظر في مدى توافق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة مع ميثاقها، بالنظر إلى الانتهاكات الواضحة لشروط العضوية والاستخفاف المستمر لقرارات الأمم المتحدة، مع التنسيق في الجهود الرامية إلى تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة.
وأكد البيان على "أهمية الالتزام بالشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة باعتبارها المرجعية الأساسية لتحقيق السلام والأمن الدوليين، ورفض الخطاب الإسرائيلي الذي يوظف الإسلاموفوبيا والترويج لها لشرعنة استمرار ممارسات الانتهاكات الإسرائيلية لتبني سياسات خارج القانون الدولي بما في ذلك استمرار الإبادة ومشاريع الاستيطان في الضفة الغربية، وكذلك توظيفه لتشويه صورة الدول العربية والإسلامية".
ورحب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة "إعلان نيويورك" بشأن تنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، باعتباره تعبيرا واضحا عن الإرادة الدولية الداعمة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مع الإشادة بالجهود التي بذلتها كل من المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية والتي أسهمت في اعتماد هذا الإعلان.
كما رحب بانعقاد مؤتمر حل الدولتين برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية، الذي سينظم في نيويورك بتاريخ 22 سبتمبر 2025، ودعا إلى تكاتف الجهود الدولية لضمان الاعتراف الواسع بدولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وأشاد بالدور المحوري الذي يضطلع به ممثلو الدول العربية والإسلامية الأعضاء في مجلس الأمن، وفي مقدمتهم الجزائر، الصومال، وباكستان، في الدفاع عن القضية الفلسطينية، ووضع حد للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وحصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، كما ثمن إسهامهم الفعال في الدعوة وتأمين انعقاد الجلسة الطارئة لمجلس الأمن المخصصة للتصدي للعدوان الإسرائيلي على دولة قطر.
وأكد البيان دعم الوصاية الهاشمية التاريخية التي يتولاها الملك عبد الله الثاني على الأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية في القدس، التي أكد عليها الاتفاق الموقع بين جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس بتاريخ 31 مارس 2013، والتأكيد أن المسجد الأقصى المبارك-الحرم القدسي الشريف بكامل مساحته البالغة 144 الف متر مربع، هو مكان عبادة خالص للمسلمين فقط، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية هي الجهة الشرعية الحصرية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة المسجد الأقصى المبارك وصيانته وتنظيم الدخول إليه.
وأكد على ضرورة العمل على تثبيت المقدسيين على أرضهم، ودعم لجنة القدس برئاسة جلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية وذراعها التنفيذي وكالة بيت مال القدس الشريف.
وأكد أيضا على أن السلام العادل والشامل والدائم في الشرق الأوسط لن يتحقق بتجاوز القضية الفلسطينية أو محاولات تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، أو من خلال العنف واستهداف الوسطاء، بل من خلال الالتزام بمبادرة السلام العربية وبقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفي هذا السياق ندعو المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ووضع جدول زمني ملزم لذلك.
وكلف البيان الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبما يتسق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، وحيثما ينطبق، باتخاذ جميع التدابير الممكنة ضمن أطرها القانونية الوطنية لدعم تنفيذ أوامر القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بتاريخ 21 نوفمبر 2024 ضد مرتكبي الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، كما يدعو الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لبذل الجهود الدبلوماسية والسياسية والقانونية لضمان امتثال إسرائيل، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال لالتزاماتها الملزمة بموجب التدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية بتاريخ 26 يناير 2024 في قضية "تطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة".