لبنان

لبنان: لإقرار قانون للإعلام يكفل حرية التعبير

لبنان: لإقرار قانون للإعلام يكفل حرية التعبير

طالبت 14 منظمة حقوقية لبنانية ودولية، من بينها "أعضاء من تحالف حرية الرأي والتعبير في لبنان"، اليوم مجلس النوّاب اللبناني بأن يضمن أن يكفل مشروع قانون الإعلام الذي ينظر فيه الحق في حرّية التعبير.

يشمل ذلك إلغاء تجريم القدح، والذم، والتحقير، وانتقاد الموظفين العامين، وحظر التوقيف الاحتياطي في المخالفات المتعلّقة بالتعبير عن الرأي، وإزالة القيود المشددة على إنشاء وسائل الإعلام. من المقرّر أن تتابع "لجنة الإدارة والعدل" النيابية مناقشة اقتراح القانون في 16 سبتمبر/أيلول 2025.

وقالت المنظمات إنّ نصوص القدح والذم في قانون العقوبات اللبناني استُخدمت مرارًا وتكرارا لاستهداف منتقدي الحكومة والنشطاء والصحافيين وإسكاتهم، حيث استدعت الأجهزة الأمنية صحافيين مرارا على خلفية عملهم الصحافي. على مجلس النوّاب أن يضمن إنهاء هذه الممارسات من خلال إقرار قانون للإعلام يتوافق بالكامل مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها المتعلّقة بالحق في حرّية التعبير وحرّية الإعلام.

بدأ مجلس النوّاب اللبناني مناقشة اقتراح قانون جديد للإعلام في 2010 بعد أن قدّم النائب السابق غسان مخيبر ومؤسسة "مهارات"، وهي منظمة غير حكومية مقرها بيروت متخصصة في قضايا الإعلام وحرية التعبير، اقتراحا لتعديل قانون المطبوعات اللبناني الذي عفا عليه الزمن. في يناير/كانون الثاني 2023، شكّل مجلس النوّاب لجنة فرعية لدراسة وتعديل اقتراح قانون الإعلام، الذي قُدِّمت نسخته النهائية إلى لجنة الإدارة والعدل النيابية في 27 مايو/أيار 2025.

تضمّن اقتراح القانون المقدّم إلى اللجنة النيابية في مايو/أيار 2025 تقدّما مهما لناحية حماية الحق في حرية التعبير في لبنان، منها إلغاء التوقيف الاحتياطي وأحكام الحبس لجميع المخالفات المتعلقة بحرية التعبير. ألغى الاقتراح أيضا المواد المتصلة بالقدح بالذم والتحقير من "قانون العقوبات" و"قانون القضاء العسكري".

بدأت لجنة الإدارة والعدل في لبنان مناقشة الاقتراح الأخير لقانون الإعلام في 29 يوليو/تموز وعقدت ثلاثة اجتماعات لهذه الغاية. مناقشات اللجنة النيابية سرّية ما لم تُقرر اللجنة خلاف ذلك، بموجب المادة 34 من النظام الداخلي لمجلس النوّاب. وقالت المنظمات إنّ اللجنة يجب أن تجعل نقاشاتها علنيّة لضمان شفافية النقاشات البرلمانية وتسهيل المشاركة الفعّالة من المواطنين، لا سيّما في ضوء تأثير القانون على احترام حقوق الإنسان الأساسية أو تقييدها، مثل الحق في حرّية التعبير.

في 31 أغسطس/آب، تلقى أعضاء مجلس النوّاب تعديلات مقترحة على نص اقتراح القانون. يشير عنوان المستند الذي وردت فيه التعديلات، إلى أنّ وزير الإعلام اللبناني هو الذي اقترحها. غير أنّ الوزير نفى ذلك.

راجعت المنظمات التعديلات المقترحة. وهي تشمل إعادة العمل بالتوقيف الاحتياطي بما في ذلك في حال اقترنت الجريمة بـ "ظروف مشددة، كالتعرّض لكرامة الأشخاص أو حياتهم الخاصّة".

لا يُسمح باللجوء إلى التوقيف الاحتياطي في لبنان إلّا في الجرائم التي يُعاقب عليها بالسَّجن لمدة تزيد عن سنة. وهو محظور صراحةً في الجرائم المتعلّقة بالمطبوعات في قوانين المطبوعات السارية في لبنان.

قالت المنظمات إنّ إقرار مثل هذا التعديل سيشكّل خطوة كبيرة إلى الوراء فيما يتعلّق بحماية الحق في حرية التعبير وحرية الإعلام في لبنان.

لا تحدد التعديلات المقترحة ما يعنيه "التعرّض لكرامة الأشخاص أو حياتهم الخاصة". القانون الفضفاض الذي يترك الناس في حالة من عدم اليقين بشأن ماهية التعبير الذي قد يشكل انتهاكا للقانون، له أثر سلبي على حرية التعبير، حيث قد يُمارس الناس الرقابة الذاتية خوفا من التعرّض للاستدعاء إلى التحقيق أو التوقيف الاحتياطي أو الملاحقة القضائية في نهاية المطاف. كما أنّ النصوص ذات الصياغة الفضفاضة تعرّض القانون لإساءة الاستخدام من قبل السلطات لإسكات المعارضة السلمية.

التعديلات المقترحة ستفرض مزيدا من القيود غير القانونية على عمل المؤسسات الإعلامية التي تواجه دعاوى قضائية، وذلك بمنع هذه المؤسسات من "تناول الشاكي بموضوع النزاع طيلة فترة النظر في النزاع". ومن شأن مثل هذا الحظر التشريعي الشامل أن يشكّل انتهاكا خطيرا للحق في حرّية التعبير، حيث وثقت منظمات حقوقية لبنانية ودولية منذ فترة طويلة استخدام السلطات اللبنانية المتكرّر للقوانين التي تعاقب القدح والذم والتحقير لإسكات المؤسّسات الإعلامية والصحافيين والنشطاء وغيرهم ممن ينتقدون سياسات الحكومة والفساد.

التعديلات المقترحة ستلزم محطات التلفزيون المرخّصة بتقديم تقارير منتظمة إلى وزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع، تتضمّن معلومات مفصّلة عن جدول برامج البث، وتفرض على وسائل الإعلام الإلكترونية نظام ترخيص مسبق بدلا من نظام العلم والخبر. وما لم تتمّ صياغة شروط الترخيص هذه بعناية، يُخشى أن تفتح المجال أمام اتخاذ قرارات تعسّفية بشأن من يمكنه إنشاء وسائل الإعلام وتشغيلها، وقد تسهّل انتهاكات الحق في حرية التعبير وحرية الإعلام.

تقتضي المعايير الدولية لحقوق الإنسان ألّا تكون رسوم أو شروط الترخيص لتخصيص الترددات لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة، مرهقة، وأن تكون معايير تطبيق هذه الشروط والرسوم معقولة، وموضوعية، وواضحة، وشفافة، وغير تمييزية.

قالت المنظمات إنّ على مجلس النوّاب اللبناني أن يُقر قانونا للإعلام يتضمّن ضمانات لحماية الحقوق التي طالما ناضلت من أجلها المنظمات الحقوقية والإعلامية اللبنانية. على مجلس النوّاب أن يرفع على الفور السرّية التي تحكم نقاشات اقتراح قانون الإعلام، وأن يرفض الاقتراحات التي من شأنها أن تقيّد بشكل أكبر الحق في حرية التعبير وحرية الإعلام، بما يشمل التوقيف الاحتياطي والمواد التي تجرّم القدح والذم والتحقير.

المنظمات المُوقّعة:

● اتحاد الصحافيين/ات في لبنان

● الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات

● سمكس

● صلة وصل

● اللجنة الدولية للحقوقيين

● لجنة حماية الصحفيين

● مراسلون بلا حدود

● المركز اللبناني لحقوق الإنسان

● مركز سيدار للدراسات القانونية

● المفكرة القانونية

● منظمة العفو الدولية

● مؤسسة سمير قصير

● مؤسسة مهارات

● هيومن رايتس ووتش

يقرأون الآن