في اعتراف نادر، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن الغضب الدولي إزاء الحرب على غزة يحول بلاده إلى دولة منبوذة محتملة، مشيراً إلى حقيقة واقعية بتغير مكانة إسرائيل على الساحة العالمية.
ولمواجهة ذلك التحول وتداركه، بدأ نتنياهو بحسب تقرير لـ"سي أن أن" بتهيئة الدولة العبرية لنوع من العزلة قد يستمر لسنوات عبر دعوة موجهة لشركات صناعة الأسلحة المحلية بتسريع جهودها في بناء قدرات دفاعية أكبر وأقوى وأكثر استقلالاً.
وازدادت عزلة إسرائيل، بعد اعتراف عدد من حلفائها التقليديين مثل المملكة المتحدة وأستراليا وكندا وفرنسا بدولة فلسطينية. وتعكس هذه الخطوة استياءهم من الزعيم الإسرائيلي، ولحظة وجودية محتملة للدولة العبرية حسب التقرير.
وقال نتنياهو أمس الإثنين، خلال مؤتمر لوزارة المالية: "سنحتاج إلى تعزيز صناعاتنا المستقلة للأسلحة حتى نتمتع باستقلالية في مجال الذخائر، واقتصاد صناعي دفاعي، وقدرة صناعية على إنتاجها".
مخاطرة كبيرة
ولطالما اعتُبرت إسرائيل وشركات تصنيع الأسلحة التابعة لها منتجةً لتقنيات أسلحة متطورة، وبيعت هذه الأسلحة إلى دول عدة حول العالم، لكن مع تزايد الانتقادات الدولية للحرب في غزة، تُخاطر إسرائيل بفقدان مكانتها في بعض هذه الأسواق.
وبعد أشهر من الإشارات، ألغت إسبانيا الأسبوع الماضي طلباتٍ بمئات الملايين من الدولارات لشراء أسلحة ميدانية من إنتاج شركات إسرائيلية.
ووصف رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، الذي اعترف رسمياً بدولة فلسطين في مايو (أيار) 2024، حرب إسرائيل على غزة بـ"الوحشية"، ودعا إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات العقابية ضدها.
ضرر حتمي
وحذّر عوديد يارون، مراسل صناعات الأسلحة والتكنولوجيا في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية ذات التوجه اليساري، من أن إسرائيل لا تستطيع تحمّل أن يحذو الآخرون حذو سانشيز. وقال لسي أن أن: "ليس لدينا اقتصاد يدعم ذلك؛ إذا لم نبعه لدول أخرى، فسيؤدي ذلك حتماً إلى الإضرار بدفاع إسرائيل".
وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية عن مبيعات أسلحة بقيمة 14.7 مليار دولار في عام 2024 - بزيادة قدرها 13% عن العام السابق - مع إبرام أكثر من نصف صفقاتها الدفاعية مع دول أوروبية.
وقال يارون، إن مبيعات صناعة الأسلحة الإسرائيلية، التي تُقدر بمليارات الدولارات، بلغت مستوى قياسياً، ويعود ذلك جزئياً إلى أن أسلحتها معروفة، و"مُختبرة في المعارك، ومُثبتة، والناس بحاجة إليها".
وقال التقرير، إن "حرب إسرائيل على غزة، بالإضافة إلى العمليات في لبنان وإيران واليمن، ساعدت في ترسيخ مكانة البلاد كمورد عالمي رائد للأسلحة خاصة بعد نجاح نظام اعتراض الصواريخ "حيتس" في اعتراض صواريخ باليستية إيرانية على ارتفاعات عالية إضافة لأسلحة أخرى مثل دروع الدبابات القوية ومركبات الجيش القتالية".
ازدهار مؤقت
وحذر يارون من أن هذا الازدهار المؤقت المشهود في معرض لندن للأسلحة لبعض الشركات الدفاعية الإسرائيلية قد ينحسر مع تصاعد الضغوط السياسية، قائلاً إنه "مع استمرار الحرب في غزة، تزداد المشكلة تعقيداً".
وبسبب مشاركة إسرائيل في معرض لندن واجهت الحكومة البريطانية انتقادات لاذعة، وفي البرلمان، وقّع أكثر من 20 نائباً - كثير منهم من حزب العمال الحاكم - على اقتراح في وقت سابق من هذا الشهر يدعو الحكومة إلى استبعاد منح أي عقود لشركة "إلبيت سيستمز" الإسرائيلية. والعام الماضي، علّقت الحكومة البريطانية حوالي 30 صفقة تصدير أسلحة إلى إسرائيل، لكنها استثنت مكونات طائرات "إف-35".
وهذا الصيف، منعت الحكومة الفرنسية شركات الأسلحة الإسرائيلية الكبرى، بما في ذلك "إلبيت سيستمز" و"رافائيل"، من المشاركة في معرض باريس الجوي - أكبر معرض تجاري للطيران في العالم - لرفضها إزالة الأسلحة الهجومية من المعرض.
ورغم العقبات، يقول يارون إن مبيعات الأسلحة الإسرائيلية لن تتأثر كثيراً بتقييد الوصول إلى مثل هذه المعارض. وأضاف، أن الدول تحتاج إلى أسلحة، وإسرائيل مستعدة لمثل هذه العراقيل، وستنجح دائماً في تجاوزها بطريقة ما. ومؤخراً وقّعت شركة "إلبيت سيستمز"، عقداً لمدة 5 سنوات بقيمة 1.6 مليار دولار مع دولة أوروبية لم يُكشف عنها الشهر الماضي.