يُعدّ سرطان الثدي مرضاً في غاية الصعوبة على المرأة. وإذ تشدّد التوصيات الطبّية على أهمّية الكشف المبكر، من المحتمل اكتشاف المرض في مراحل متأخرة ما يزيد من صعوبة العلاج والتعافي. لكن يأتي علاج جديد ليعيد الأمل بالشفاء إلى مريضات يواجهن المرض في مراحل متأخرة بسبب التشخيص المتأخر. هو علاج موجّه مبتكر للحالات المتقدمة من سرطان الثدي الإيجابي لمستقبلات HER2 الذي لطالما كانت توقعات التعافي منه متدنية واختيارات العلاج محدودة.
ما الذي يميّز سرطان الثدي الإيجابي والضعيف HER2؟
يُعدّ سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان تشخيصاً بين النساء في لبنان حيث يمثل 33.6% من الحالات الجديدة لدى الإناث و16.6% من كل حالات السرطان لدى الجنسين في لبنان. وخلال عام 2022، سجلت البلاد 2161 حالة جديدة من سرطان الثدي و781 وفاة ذات صلة. تعيش أكثر من 6800 امرأة في لبنان حالياً مع إصابة سرطان الثدي شُخِّصت خلال السنوات الخمس الماضية، ما يعكس وجود عدد كبير من المرضى وحاجة ملحّة إلى المزيد من الابتكار.
ورغم حملات التوعية المستمرة وجهود الفحص والتطوّر في الرعاية، ومساهمة هذه العوامل في الكشف المبكر وتحسين النتائج، لا يزال سرطان الثدي الورم الخبيث الأول والسبب الرئيسي للوفيات المتعلقة بالسرطان في لبنان. وقرابة نسبة 60% من حالات سرطان الثدي النقيلي عالمياً تُصنف ضمن فئة HER2-الضعيف، وهي فئة لم تحظ سابقاً بخيارات علاجية مخصّصة. وكانت مريضات سرطان الثدي المتقدم الإيجابي لمستقبلات HER2 يواجهن توقعات متدنية وخيارات علاجية محدودة، إذ شكّلت مقاومة العلاجات القياسية وتقدّم المرض تحدّيات أمام إمكان تحقيق نتائج إيجابية طويلة الأمد.
مع إطلاق العلاج الجديد أكد اختصاصي أمراض الدم والأورام ورئيس الجمعية اللبنانية للأورام الدكتور روجيه خاطر أن تشخيص سرطان الثدي في لبنان مصدر قلق نتيجة معدلات الإصابة العالية والحاجة مستمرة إلى برامج الكشف المبكر. وتسعى الجمعية اللبنانية للأورام الطبّية إلى تطوير خبرات المجتمع الطبي وضمان توافق الرعاية في لبنان مع أحدث المعايير العالمية والتطورات العلمية، إلى جانب توفير إمكان الوصول السريع إلى الأدوية المبتكرة. لذلك يعكس إطلاق هذا العلاج المبتكر صمود القطاع الصحي وتطوّره ويُعدّ خطوة مهمّة لإدماج الابتكار العالمي في رعاية المرضى اللبنانيين وفق ما ورد في "النهار".
ما هو العلاج الجديد لسرطان الثدي؟
يعدّ العلاج الموجّه للحالات المتقدّمة من سرطان الثدي الإيجابي والضعيف لمستقبلات HER2، الذي طوّرته شركة أسترازينيكا، أول علاج من نوعه صُمّم خصيصاً لاستهداف كلٍ من سرطان الثدي الإيجابي الضعيف/ وألترا ضعيف لمستقبلات HER2. وهو يستخدم تكنولوجيا متقدمة عبر ارتباطه بمستقبلات HER2 على الخلايا السرطانية وإطلاق العلاج الكيماوي داخل الخلية مباشرة، ما يزيد الفعالية ويحد من الأضرار على الأنسجة السليمة المجاورة.
بالنسبة إلى المرضى والأطباء، يمثّل هذا العلاج خطوة جديدة نحو علاجات شخصية ومستهدفة للنساء اللواتي يحتجن إلى بصيص أمل وفرصة لحياة أطول وأفضل، خصوصاً أنهن يواجهن المزيد من التحديات مع هذا النوع من المرض الذي لا علاج له. وقد أُثبتت فعالية هذا العلاج من خلال تجارب سريرية عالمية مثل DESTINY-Breast03 وDESTINY-Breast04 وDESTINY-Breast12، حيث ظهرت مكاسب كبيرة في منع تقدم المرض وفي استمرار العيش لمرضى HER2-إيجابي وHER2-ضعيف/ ألترا ضعيف مقارنة بالعلاجات القياسية. ويشكل إدخال هذا العلاج تطوراً مهماً في رعاية سرطان الثدي، لكونه يرتكز على أدلة علمية قوية ويتوافق مع التوصيات العالمية.
وأوضح رئيس أسترازينيكا في منطقة الشرق الأدنى والمغرب العربي رامي اسكندر في حديث إلى "النهار"، أنه "علاج ثوري في مواجهة مرض سرطان الثدي الإيجابي HER2. ولأن الاختيارات العلاجية المتاحة للمريضات المصابات بهذا النوع من السرطان كانت محدودة جداً، وهن يشكلن نسبة 60 في المئة من حالات سرطان الثدي المنتشر في الجسم والذي هو في مراحل متقدمة، يأتي العلاج ليعيد الأمل للمريضات. لقد كانت فرص التعافي والعيش شبه معدومة في هذه الحالات، وأتى هذا العلاج الذي يُعدّ أول العلاجات الموجهة في سرطان الثدي ليشكل حلاً أمثل وفاعلاً لهن. فهو يصل إلى خليّة السرطان ويوزّع الدواء في داخلها".
وأضاف أن الشركة تقدّم هذا العلاج الموجّه المبتكر في تشرين الأول/ أكتوبر الوردي للمرأة التي تتحدّى المرض. وهذه الخطوة دليل على تعاون الشركة مع السلطات اللبنانية والجسم الطبّي، وعلى التزامها دعم المرضى عبر تقديم علاجات متقدمة تحسّن فرص البقاء وجودة الحياة للنساء المصابات بسرطان الثدي".
وهل من مريضات لا يمكن أن يحصلن على هذا النوع من العلاج؟
يحدّد الطبيب وحده ما إن كانت حالة المريضة ملائمة لتلقي هذا النوع من العلاج إن كانت مصابة بسرطان الثدي الإيجابي HER2 الذي يعدّ أكثر عدوانيةً من باقي أنواع سرطان الثدي. فكل التجارب السريرية على العلاج تتعلق بسرطان الثدي من هذا النوع تحديداً.
كيف يعطى العلاج؟
يعطى العلاج في المستشفى أو في المراكز المتخصصة. أما الآثار الجانبية التي يمكن أن تنتج منه فمشابهة لباقي أنواع علاجات السرطان، لكن من الممكن السيطرة عليها بحسب كل مريض. والآثار الجانبية الناتجة عنه محدودة مقارنة بغيره من العلاجات لأنه موجّه، إضافة إلى أنها تختلف بين مريضة وأخرى بحسب "النهار".