بيئة

دراسة: الأراضي المتاحة لإعادة التشجير أقل مما يعتقد

دراسة: الأراضي المتاحة لإعادة التشجير أقل مما يعتقد

خلصت دراسة جديدة إلى أن الأراضي التي وجدت مناسبة للتشجير في الدراسات السابقة، وهي منطقة بحجم الهند تقريبا، تقلصت بنحو الثلثين عندما تم أخذ التأثيرات السلبية على التنوع البيولوجي والأمن الغذائي وموارد المياه في الاعتبار، وهو ما أدى إلى تقليص دورها في تخزين الكربون.

وعندما أخذت الدراسة الجديدة في الاعتبار القيود البيئية والاجتماعية، انخفضت إمكانية تعهدات زراعة الأشجار الحالية بتخزين 40 غيغا طن من الكربون بحلول عام 2050، إلى 12.5 غيغا طن فقط، وهو ما يبدو بعيدا عما هو مطلوب لتعويض استمرار استخدام الوقود الأحفوري.

وتشير الدراسة إلى أن هذه الغابات الجديدة، إذا تم زراعتها والحفاظ عليها بحكمة لعقود من الزمن، ستكون بحجم جنوب أفريقيا تقريبا، (نحو 1.2 مليون كيلومتر مربع) وستلعب دورا مهما وإن كان متواضعا، في جهود التخفيف الشاملة التي تتطلبها أزمة المناخ.

لكن هذا الكربون المخزن أقل بكثير من 40 غيغا طن من التقديرات السابقة، وهي الكمية التي تعتبر ضرورية للمساعدة في إبطاء وتيرة تغير المناخ المستمرة والمقلقة.

وتحث الدراسة الجديدة صانعي السياسات على أن يكونوا أكثر واقعية في إستراتيجياتهم للزراعة، وأن يُعطوا الأولوية للأراضي الأنسب لإعادة التشجير الدائم. ويحث باحثون آخرون صانعي القرار على بذل المزيد من الجهد والأموال لحماية الغابات القائمة ذات التنوع البيولوجي، والتي تتمتع بإمكانيات تخزين عالية للكربون.

ويقول جوزيب "بيب" كاناديل، المدير التنفيذي لمشروع الكربون العالمي، إنه يعتقد أن البلدان الكبيرة والصغيرة بحاجة إلى التفكير مرتين قبل التعهد بزراعة مليارات الأشجار بشكل جماعي كإستراتيجية أساسية لخفض الانبعاثات لتحقيق أهداف العمل المناخي.

وصرح كاناديل لموقع مونغاباي: "لقد روّجنا لإعادة التحريج على أنها سبيل أسهل لمكافحة تغير المناخ، وهو ليس بالأمر السهل على الإطلاق". وأضاف: "في رأيي، ليس الأمر أسهل حتى من التقاط الكربون وتخزينه، وهي تقنية ما زلت في طور التطوير. ذلك لأنه عندما ندخل البشر إلى المناظر الطبيعية ونحاول إدارة المناطق التي يعيش فيها الناس، فجأة، يصبح هذا الأمر معقدا للغاية".

ويشير كاناديل إلى أن مساحة الأراضي التي تعتبر مناسبة للغابات المزروعة حديثا والمستعادة، وهي منطقة بحجم الهند تقريبا، تتقلص بسرعة بما يصل إلى الثلثين عندما تأخذ في الاعتبار التأثيرات السلبية على التنوع البيولوجي والأمن الغذائي والموارد المائية.

واستخدمت الدراسة أدوات نمذجة جديدة لإنشاء خرائط عالمية لتغيرات الكربون في التربة، تُظهر مكاسب الكربون وخسائره، لا سيما في التربة السطحية. ورسم الباحثون خرائط لمعدلات عزل الكربون العالمية بعد التشجير بناء على تعهدات زراعة الأشجار القائمة، ثم قارنوها بالحدود الواقعية لتلك التعهدات.

كما قاموا بتحليل التغيرات الدائمة في استخدام الأراضي بعد إزالة الغابات -للزراعة وتربية الماشية على سبيل المثال- وأدركوا أن إعادة تلك الأراضي إلى الغابات أمر مستبعد للغاية.

وكانت دراسة جديدة أجرتها مجلة "ساينس" تشير إلى أن نصف المساحة البالغة 230 مليون هكتار المُخصّصة عالميا للتشجير بحلول عام 2030 تقع في أفريقيا، على الرغم من أن 4% فقط من مساحة القارة صالحة بالفعل لزراعة هذه الأشجار على نطاق واسع.

وتشير الدراسة الجديدة إلى أنه مهما كانت تعهدات زراعة الأشجار، فإن فعاليتها تعتمد على كيفية ومكان التشجير، وحتى في ظل الظروف المثالية، يبقى الأثر الإيجابي للتشجير محدودا.

وتشير الدراسة إلى أن الدول المتقدمة التي تعهدت بكثافة بزراعة الأشجار، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، لم تحدد سوى مساحات صغيرة داخل حدودها لإعادة التشجير.

في المقابل، تتمتع أميركا الجنوبية، وخاصة البرازيل، بإمكانيات أكبر بكثير لإعادة التحريج المجدي، نظرا لمساحاتها الشاسعة من غابات الأمازون المتدهورة التي لم تتحول بشكل دائم إلى استخدام جديد خالٍ من الأشجار، أي للمحاصيل أو المراعي.

كما تشير الدراسة إلى أن "فعالية التشجير كحل طبيعي للمناخ تعتمد في نهاية المطاف على اتخاذ إجراءات، من بينها التصرف بشكل أسرع، وتحديد أهداف أعلى، وإعطاء الأولوية للمناطق ذات الفوائد الأكبر، وتنسيق الجهود العالمية من أجل الأماكن المناسبة التي تحتوي على أنواع الأشجار المناسبة".

ويقول كاناديل إن إعادة زراعة أنواع الأشجار المحلية ومحاولة استنساخ الغابات المحلية أمر أساسي لتعزيز امتصاص الكربون على المدى الطويل، لكنها تعزل كميات قليلة نسبيا من الكربون، وتُؤوي تنوعا بيولوجيا أقل.

من جهته، يرى يليام موماو، خبير الغابات الذي لم يشارك في الدراسة، ضرورة توفير حماية أكبر بكثير للغابات المتنوعة بيولوجيا الموجودة عالميا، باعتبارها أولوية أكثر إلحاحا وفعالية في مجال العمل المناخي مقارنة بإعادة التحريج.

ويقول إنه لو لم تكن هذه الغابات الموجودة تزيل كمية من ثاني أكسيد الكربون الجوي تعادل ما يقرب من 30% من انبعاثات الوقود الأحفوري السنوية، لكانت تركيزات الكربون الجوي الحالية ضعف مستويات ما قبل الثورة الصناعية تقريبا.

يقرأون الآن