يواصل القمر إثارة فضول العلماء منذ عقود، فبينما يراه البعض مجرد صخرة صامتة تدور في الفضاء، يعتقد آخرون أنه يحمل أسراراً دفينة عن ماضٍ بشري منسي.
واليوم، أعادت مزاعم جديدة لعالم جيولوجيا أميركي إشعال الجدل، بعدما تحدث عن مدينة مفقودة وحضارة بشرية قديمة يُعتقد أنها ازدهرت على سطح القمر قبل عشرات آلاف السنين.
فقد أثار عالم الجيولوجيا والكاتب الأميركي غريغ برادن جدلاً واسعاً بعد زعمه أن رواد الفضاء قد يكتشفون قريباً بقايا حضارة بشرية قديمة كانت تعيش على سطح القمر قبل نحو 50 ألف عام.
وقال برادن، خلال مقابلة مع الإعلامي جو روغن، إن الولايات المتحدة وروسيا أخفتا أدلة على وجود مدينة أثرية على القمر منذ فترة الحرب الباردة، مشيراً إلى أن القوى الصاعدة مثل الصين والهند تخططان لكشف الحقيقة أمام العالم من خلال بث مباشر لبعثاتهما القمرية المقبلة.
وتعتزم الصين تنفيذ مهمة "تشانغ إي–7" عام 2026، بينما تستعد الهند لإطلاق مركبتها "تشاندرايان–4" عام 2028، مع بعثات مأهولة لكلا البلدين بين 2030 و2040، حيث ستُنقل الصور والمشاهد عبر التلفزيون ومنصّات التواصل الاجتماعي.
"نقوش بشرية" على القمر؟
ويعتقد برادن أن البعثات المقبلة ستكشف عن هياكل أثرية منقوشة بلغات يمكن للبشر التعرف عليها، قائلاً:"الأدلة تشير إلى أنهم كانوا منا، من دورة حضارية ماضية بلغنا فيها ذروة التقدّم قبل أن نفني أنفسنا بالحروب. ويبدو أننا نكرر ذلك اليوم."
ويعيد برادن طرح نظريته القديمة التي نشرها في كتبه Deep Truth وMissing Links، والتي تزعم أن حضارة أرضية متقدمة قبل 50 ألف عام طوّرت تقنيات فضائية وغزت القمر قبل أن تدمر نفسها في صراع مدمر.
العلماء ينفون… وناسا ترد
غير أن البيانات العلمية الحالية، بما في ذلك عينات القمر وصور ناسا عالية الدقة، لا تظهر أي دليل على وجود هياكل أو نقوش صناعية على سطح القمر.
ورغم ذلك، أشار برادن إلى أن صوراً من مهمة "كليمنتين" الفضائية أظهرت زوايا قائمة لا توجد في الطبيعة، ما يدل — برأيه — على أن تلك التكوينات من صنع حضارة بشرية قديمة. كما شبّهها بتكوينات هندسية في منطقة "سيدونيا" على المريخ مثل "وجه المريخ" والأشكال الهرمية، التي يعتقد أنها تعود للعصر نفسه.
أما وكالة ناسا، فقد رفضت هذه الادعاءات، مؤكدة أن تلك الصور لتكوينات طبيعية وليست مباني أو آثاراً بشرية.
أسرار أبولو و"القاعدة المجهولة"
ويستند برادن في بعض مزاعمه إلى روايات غير مؤكدة من رواد فضاء قالوا إنهم شاهدوا هياكل ونقوشاً غامضة على القمر خلال مهمات أبولو.
وزعم أن نيل أرمسترونغ وباز ألدرين شاهدا خلال مهمة أبولو 11 عام 1969 جسماً معدنياً ضخماً أو ما يشبه قاعدة فضائية على الجانب المظلم من القمر، قبل أن تقطع ناسا الاتصال اللاسلكي فجأة.
ووردت هذه القصة في كتاب Dark Moon: Apollo and the Whistle-Blowers الصادر عام 2001، ضمن أدبيات "نظريات المؤامرة".
في السياق ذاته، قالت أنيتا ميتشل، زوجة رائد الفضاء الراحل إدغار ميتشل، لصحيفة ديلي ميل: "كان زوجي يؤمن دائماً بوجود أجسام طائرة مجهولة، لأن كثيراً من الطيارين ورواد الفضاء رأوا شيئاً بالفعل."
وأضاف برادن أن بعض رواد الفضاء الذين شاركوا في تلك البعثات احتفظوا بأسرارهم حتى وفاتهم، معتبراً أن "هناك تسجيلات ومقاطع فيديو حقيقية لم تُكشف بعد"، مضيفاً:"عندما تُعرض تلك النقوش المكتوبة بلغات معروفة للبشر، ستكون الدليل القاطع على تلك الحضارة."
أقدم من التاريخ المعروف
وفي الجزء الأخير من حديثه، ناقش برادن فرضية أن عمر الإنسان أقدم بكثير من المعتقد السائد، مشيراً إلى جمجمة يُعتقد أنها تعود إلى مليون عام عُثر عليها في الصين، والتي قد تنتمي إلى جنس "الدينيسوفان" المنقرض.
وقال عالم الأنثروبولوجيا كريس سترينغر من متحف التاريخ الطبيعي في لندن إن هذه الاكتشافات تمثّل "علامة فارقة" في فهم تطور الإنسان، مضيفاً: "مثل هذه الحفريات تُظهر كم لا نزال نجهل عن أصولنا."
كما أشارت دراسات الحمض النووي إلى أن الإنسان الحديث تزاوج مع النياندرتال والدينيسوفان، ما يعزّز فكرة أن التاريخ البشري أكثر تعقيداً وقدماً مما نعرفه.
تعديل جيني قديم؟
وختم برادن بالقول إن الإنسان ربما خضع لتعديل جيني متعمّد في الماضي البعيد ساهم في تسريع تطوره، مستشهداً بدراسة عام 2005 حول الكروموسوم رقم 2 الذي يضم جينات مرتبطة بالدماغ والرؤية والمناعة.
وأشار إلى أن تركيب هذا الكروموسوم يُظهر اندماجاً غريباً بين كروموسومين قديمين بطريقة تشبه الهندسة الوراثية الحديثة، قائلاً: "نحن اليوم قادرون على تحليل الحمض النووي ومعرفة ما الذي تطلّبته عملية التطور هذه… وهذا، برأيي، هو الدليل القاطع على وجود بشر متقدّمين قبلنا."