إقتصاد

لماذا يحفز "الإغلاق الحكومي" صعود العملات المشفرة؟

لماذا يحفز

يشعل الإغلاق الحكومي الأميركي موجة جديدة من الجدل في الأسواق العالمية، بعد أن بدت المؤشرات المالية تسلك مساراً غير مألوف يجمع بين التفاؤل والتوجس في آن واحد؛ فبينما تعود المخاوف من شلل مؤسسات الدولة إلى الواجهة، تتجه أنظار المستثمرين نحو الأصول البديلة التي قد توفر ملاذاً من اضطراب السياسات جنباً إلى جنب والذهب كملاذ آمن تقليدي.

يُعيد هذا المشهد طرح السؤال القديم المُتجدد حول موقع العملات المشفرة، وفي القلب منها البتكوينفي معادلة التحوط؛ بعد أن أثبتت تحركاتها الأخيرة قدرتها على استقطاب رؤوس أموال ضخمة في أوقات الغموض السياسي والاقتصادي، فبينما كان الذهب لسنوات هو "الملاذ الآمن" التقليدي، يبرز "نظيره الرقمي" كمخزن محتمل للقيمة في ظل عالم يتسارع فيه التحول التكنولوجي.

ومع تصاعد الترقب لمدى طول الإغلاق وتأثيره على قرارات الاحتياطي الفيدرالي المقبلة، تبدو الأسواق أمام اختبار مزدوج بين الإيمان بقوة التكنولوجيا كمحرّك للنمو، والحذر من هشاشة الثقة في المؤسسات التقليدية، لتتأرجح التوقعات بين الذهب التقليدي و"الذهب الرقمي" الجديد.

وخلال تعاملات الاثنين، اخترقت البتكوين مستويات قياسية جديدة فوق الـ 126 ألف دولار (قبل أن تتراجع إلى ما دون الـ 125 ألفا في تعاملات الثلاثاء). كما ارتفعت "الإيثر" إلى مستويات فوق الـ 4700 دولار قبل أن تقلص مكاسبها بشكل محدود صباح الثلاثاء، وقفزت سولانا إلى مشارف الـ 240 دولاراً.

تأثير مختلف

في هذا السياق، ينقل تقرير لـ "بلومبيرغ" عن الرئيس العالمي لأبحاث الأصول الرقمية في ستاندرد تشارترد، جيف كندريك، قوله:

"الإغلاق مؤثر هذه المرة".. ومن المتوقع ارتفاع قيمة العملة المشفرة خلال هذه الفترة.

بتكوين كانت "في وضع مختلف" خلال الإغلاق السابق بين عامي 2018 و2019، عندما كان تداول العملة أقل انسجاماً مع الأصول التقليدية عالية المخاطر.

ويشير التقرير إلى أن ارتفاع المخاطر على نطاق أوسع بسبب إغلاق الحكومة الأميركية يعزز أكبر عملة مشفرة في العالم.

وكانت الأسهم الأميركية قد لامست مستويات قياسية يوم الجمعة، في ظل جولة جديدة من صفقات وشراكات الذكاء الاصطناعي الضخمة، متحديةً بذلك احتمال استمرار الإغلاق الحكومي لفترة طويلة وقراءة قاتمة لنشاط الأعمال. فيما تراجعت سندات الخزانة والدولار. بينما سجل الذهب مكاسب للأسبوع السابع، مدفوعاً بعمليات شراء من البنوك المركزية في ظل انخفاض أسعار الفائدة الأميركية واستمرار مخاوف التضخم.

وتشير بيانات بلومبيرغ إلى أن المستثمرين ضخوا 3.2 مليار دولار في مجموعة من 12 صندوقاً أميركياً متداولاً في البورصة لعملة بتكوين الأسبوع الماضي، وهو ثاني أعلى عائد منذ إطلاقها في العام 2024. وفي الوقت نفسه، ارتفعت الفائدة المفتوحة الاسمية على صندوق iShares Bitcoin Trust ETF التابع لشركة بلاك روك إلى مستوى قياسي بلغ 49.8 مليار دولار يوم الجمعة.

اتجاه جديد

في السياق، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، جو يرق، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن:

الأصل في الأوضاع الاقتصادية هو أن الأصول عالية المخاطر لا يُفترض أن تستفيد من الإغلاق الحكومي الأميركي؛ ذلك أن فترات عدم الاستقرار تدفع المستثمرين عادة إلى "الملاذات الآمنة" مثل الذهب والمعادن الثمينة أو سندات الخزانة الأميركية؛ نظراً لارتفاع مستويات عدم اليقين.

لكن هذه المرة شهدنا اتجاهاً غير تقليدي من المستثمرين نحو العملات المشفرة، التي ارتفعت (لمستويات قياسية) باعتبارها أداة تحوط في حال طال أمد الأزمة، خصوصاً مع تزايد الضغوط على الاقتصاد الأميركي وضعف الدولار.

اللافت في المشهد الحالي هو ارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية رغم كونها من الأدوات المالية عالية المخاطر، وهو ما يعكس أن الأسواق قد تكون تسعّر سيناريو مفاده أن الإغلاق الحكومي لن يطول ولن يترك أثراً بالغاً على الاقتصاد الأميركي، وأن الحلول السياسية قيد النقاش.

ويتابع: "التحرك الطبيعي والمنطقي نراه في أسعار الذهب والفضة، إذ سجلتا مستويات قياسية تاريخية؛ نتيجة لزيادة الإقبال على التحوط".

يقرأون الآن