العراق

تقرير أميركي عن منظمة "بدر": واشنطن ليست عدواً

تقرير أميركي عن منظمة

كشف تقرير لمعهد "منتدى الشرق الأوسط" الأميركي، مستنداً إلى "نقاشات غير رسمية" جرت في مقر منظمة بدر بمحافظة النجف، عن مواقف المنظمة تجاه القوات الأمريكية التي لا تعتبرها "قوة محتلة"، فضلا عن انتقادها للنظام السوري السابق بعدم تكرار تجربة الحشد الشعبي، الذي وصفته بانه "سلاح أيديولوجي".

وقال المعهد الأميركي في التقرير إن "منظمة بدر لا ترى أن الوجود الأميركي إشكالياً أو احتلالاً، في حين تنظر إلى الحكم الجديد في سوريا على أنه إرهابي، معتبرة أن سقوط نظام بشار الأسد، ربما ما كان ليحدث لو أن ايران وحلفاءها، طبقوا النموذج العقائدي نفسه لـ(الحشد الشعبي) في سوريا".

وأشار التقرير إلى أن "ملاحظات منظمة بدر (أمينها العام هادي العامري) تعكس ما وصفها بأنها من بين الأحزاب التي تحصل على الأصوات بشكل أساسي من مجتمع الشيعة الإثني عشرية في العراق، وواحدة من أبرز هذه المجموعات، إن لم تكن الأكثر بروزاً بين الجماعات التي تفضل عموماً تحالفاً استراتيجياً مع إيران".

وذكر التقرير الأميركي أن "المنظمة تبدو بشكل عام راضية تماماً عن الوضع الراهن في العراق، حيث يقود الحكومة (الإطار التنسيقي) للأحزاب الشيعية، باستثناء التيار الصدري، الذي تسببت مناوراته السياسية عام 2022 في استبعاده من الحكومة".

ولفت التقرير إلى أن "المسؤولين في مقر المنظمة في النجف نفوا أن يكون العراق يواجه أي مشاكل أو تحديات رئيسية، بل قدموا في المقابل صورة متفائلة عن العراق من خلال التقدم الذي يحققه في مجال التنمية، والوضع الأمني الذي يعتبر الأفضل منذ العام 2003".

وتابع التقرير أنه بالرغم من المخاوف المتكررة التي أُثيرت خلال السنوات الماضية بشأن احتمال "عودة ظهور" تنظيم داعش، فإن نشاطات التمرد لداعش، لا تزال عند مستويات محدودة.

وبحسب تقييم هؤلاء المسؤولين، قال التقرير إنه على عكس بعض الفصائل الأخرى الموالية لإيران مثل كتائب حزب الله والتي دعت مراراً إلى طرد "قوات الاحتلال الأميركي" من العراق وشاركت في تحالف "المقاومة الإسلامية في العراق" التي استهدفت القوات الأميركية في العراق وسوريا عامي 2023 و2024، فإن مسؤولي منظمة بدر، لا يرون الوجود العسكري الأميركي الحالي في العراق على أنه "احتلال" على الإطلاق.

وتابع التقرير أن النقاش مع مسؤولي بدر تناول المقارنة مع وجود القواعد الأميركية في دول الخليج، وأقروا بأن الوجود الأميركي في الواقع يحقق للعراق بعض الفوائد، وهو ما يشير إلى أن الكثيرين في الطبقة السياسية العراقية يرون في الوجود الأميركي أداة مفيدة لكسب الشرعية الدولية.

وبالإضافة إلى ذلك، فإنه بالنسبة لمنظمة بدر، ينقل التقرير عنها أن الوجود الأميركي ليس إشكالياً إلى هذا الحد بالنظر إلى أن القوات الأميركية تعمل في مواقع نائية نسبياً، ويجرون مقارنة مثلاً بأن الولايات المتحدة لن تقدم على نشر قواتها في مدن شيعية مثل النجف أو البصرة، على عكس ما كان عليه الوضع خلال أيام حرب العراق والاحتلال الأميركي اللاحق بين الأعوام 2003 إلى 2011.

وذكر التقرير أن من المصالح الأساسية لمنظمة بدر للحفاظ على الوضع الراهن الملائم، يتمثل في الحفاظ على قوات الحشد الشعبي كمؤسسة مدعومة من الدولة. ونقل التقرير عن أحد مسؤولي المنظمة في النجف، تقديره بأن حوالي نصف القوات المسجلة في سجلات هيئة الحشد الشعبي، هي من قوات بدر.

ولفت التقرير إلى أن منظمة بدر تمتلك بالفعل عدة ألوية مسجلة في هيئة الحشد الشعبي، وتشرف بشكل خاص على قيادة عمليات الحشد في محافظة نينوى.

وتابع التقرير أنه من المهم ملاحظة أن منظمة بدر لا تسعى للسيطرة الحصرية على الحشد، بل تقبل الحشد كمؤسسة تلعب فيها العديد من "الفصائل" أدوارها.

وأشار التقرير إلى أنه بالنسبة إلى بدر والفصائل الأخرى التي لديها ألوية في هيئة الحشد، هناك مصلحة مادية واضحة في الحفاظ على هذه المؤسسة لأن المقاتلين المسجلين يتلقون رواتب بتمويل من الدولة، وبالتالي تساهم هيئة الحشد في شبكات المحسوبية لمنظمة بدر والفصائل الأخرى.

وفي الوقت نفسه، ذكر التقرير أن "بدر" تعتقد أيضاً أن وجود الحشد بشكل عام حيوي من أجل الحفاظ على أمن العراق، وهو ما وصفه التقرير بأنها "رؤية حقيقية، وتعززها أيضاً مسألة انهيار نظام الأسد في سوريا".

ولفت التقرير إلى أنه في إطار نقاش حول تجربة مشروع "قوات الدفاع الوطني" المحلية في سوريا خلال الحرب السورية، والتي كانت مدعومة من إيران وحزب الله، كقوات مساندة للجيش السوري النظامي وكيف فضل هذا المشروع وانهار في نهاية الأمر، قال التقرير إن مسؤولي منظمة "بدر" يعتبرون أن إحدى المشكلات كانت تتمثل في أن نظام الأسد وحلفاؤه فشلوا في بناء مؤسسة مثل الحشد الشعبي في العراق.

وأوضح التقرير نقلاً عن هؤلاء المسؤولين، أنه بدلاً من أن تكون تلك القوات بمثابة قوات إسناد يتم تحفيز عناصرها إلى حد كبير من خلال الرواتب والرغبة في تجنب شروط الخدمة العسكرية الإلزامية القاسية، فإن هذه القوات كانت بحاجة إلى أن تكون حشداً "إيديولوجياً"، في إشارة إلى أهمية أن يكون عناصر هذه القوات يمتلكون قناعات إيمانية صادقة وقوية بقضية تستحق القتال من أجلها.

وتابع التقرير أن هذا التقييم "فيه بعض الحقيقة"، موضحاً أنه بينما كانت العديد من المجموعات المكونة للحشد الشعبي موجودة قبل هجوم داعش الخاطف الذي استولى على مساحة كبيرة من شمال غرب العراق في صيف العام 2014، فإن الحشد الشعبي كمؤسسة تستمد شرعية إيديولوجية ودينية من فتوى المرجع الأعلى علي السيستاني حول "الجهاد الكفائي" للدفاع عن العراق، مضيفاً أن هذه الفتوى كانت بمثابة دافع حقيقي للكثير من الشيعة للقتال لاستعادة المناطق التي كان يسيطر عليها داعش في المناطق السنية.

وأوضح التقرير أنه بالنظر إلى أهمية السلطة الدينية بالنسبة لشيعة العراق، فإن الحشد الشعبي يتمتع بشرعية دينية لم تكن تتمتع بها "قوات الدفاع الوطني" في سوريا بشكل عام، باستثناء بعض الشيعة الإثني عشرية من السوريين الذين يمثلون أقلية صغيرة لكنهم ربما آمنوا جزئياً بحتمية القتال نيابة عن النظام، لكي يتمكنوا من الدفاع عن المقامات الشيعية في سوريا.

وحول الموقف من الحكومة الحالية في سوريا، قال التقرير إن رأي مسؤولي منظمة بدر لم يكن يحتمل الالتباس، لأنهم يعتبرون أنها "حكومة إرهابية" بالنظر إلى خلفية الرئيس السوري أحمد الشرع والجماعات المسلحة التي أوصلته إلى السلطة، و"هي رؤية تشبه موقف حكومة إسرائيل من النظام السوري الجديد"، بحسب مقارنة التقرير.

وختم التقرير بالإشارة إلى أنه بخلاف ما تقوم به إسرائيل من توغلات وتدخلات في الأراضي السورية، فإن منظمة بدر لا ترغب في رؤية الحشد الشعبي العراقي يتدخل في الأراضي السورية كشكل من الأعمال الوقائية، وأن موقف بدر يتمثل في الاحتفاظ بموقف دفاعي قائم على الجهوزية للرد على أي هجوم أو تهديد مصدره من الأراضي السورية.

يقرأون الآن