كشفت دراسة حديثة عن مركبين كيميائيين جديدين قد يفتحان باب الأمل أمام مرضى التصلب المتعدد، وهو مرض مناعي ذاتي مزمن يهاجم فيه الجهاز المناعي عن طريق الخطأ غمد الميالين، وهو الغلاف الواقي الذي يحيط بالألياف العصبية ليحميها، مما يعيق نقل الإشارات العصبية بين الدماغ والجسم.
ويقدر عدد المصابين بالتصلب المتعدد عالميا بأكثر من 2.9 مليون شخص. وقد تظهر أعراضه على شكل تنميل ووخز واضطرابات في الرؤية، وقد تتطور إلى الشلل.
ورغم توفّر علاجات تقلل الالتهاب وتبطئ تطور المرض، فإن الطب لم يتمكن حتى اليوم من تطوير علاج يعيد غمد الميالين المتضرر أو يحمي الخلايا العصبية من التلف.
وأجريت الدراسة بفضل تعاون بحثي استمر أكثر من 10 أعوام بين فريقين أكاديميين من جامعة كاليفورنيا وجامعة إلينوي في الولايات المتحدة، ونشرت نتائجها في مجلة التقارير العلمية (Scientific Reports) في 8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
اعتمدت الدراسة الجديدة على أبحاث سابقة تناولت مركبا يعرف باسم "إندازول كلوريد" (Indazole Chloride) أظهر قدرة على تعزيز إعادة تكوين غلاف الميالين وتنظيم الجهاز المناعي في نماذج فئران مصابة بالتصلب المتعدد.
ورغم فعاليته، كان المركب يفتقر إلى الخصائص الدوائية المناسبة وبراءات الاختراع اللازمة لتطويره كدواء يمكن استخدامه لعلاج المرضى.
العثور على المركب الأفضل
وبعد فحص أكثر من 60 مركبا مشتقا من إندازول كلوريد للعثور على الأكثر فاعلية وأمانا، والأفضل للاستثمار في تطوير علاجات جديدة للتصلب المتعدد، تمكّن الفريق البحثي من تحديد مركّبين رئيسيين يحملان رمزي "كيه 102″ (K102) و"كيه 110" (K110).
وسجلت التجارب قدرة هذين المركبين على إعادة تكوين الميالين حول المحاور العصبية المتضررة بأمان وفعالية أعلى، وخصائص دوائية محسنة في كل من التجارب على الفئران والخلايا البشرية.
وأظهر المركب "كيه 102" قدرة مزدوجة واعدة، إذ ساعد على إعادة تكوين الميالين وتنظيم نشاط الجهاز المناعي، مما يجعله مرشحا قويا لعلاج التصلب المتعدد وربما أمراض أخرى تصيب الجهاز العصبي.
بالمقابل أبدى المركب الثاني "كيه 110" تأثيرات مختلفة قليلا، قد تجعله مناسبا لعلاج إصابات أخرى مثل إصابات الحبل الشوكي أو بعض إصابات الدماغ. ويستمر العمل حاليا على دراسة خصائصه بشكل أعمق.
ويمثل هذا الاكتشاف خطوة مهمة نحو تطوير علاجات قد تساعد على إصلاح الأعصاب المتضررة، وليس مجرد إبطاء التلف كما تفعل العلاجات الحالية.
ويأمل الفريق البحثي أن تبدأ التجارب السريرية على البشر قريبا، بما قد يفتح الطريق أمام أول علاج مبتكر لإعادة بناء الميالين وتحسين حياة مرضى التصلب المتعدد.
ورغم أن التركيز الأولي للدراسات ينصب على هذا المرض، فإنّ الفريق يعتقد أن المركبين قد يكون لهما تطبيقات مستقبلية في أمراض أخرى تتضمن تلف الأعصاب، مثل السكتة الدماغية والتنكس العصبي.