تتفاقم الخلافات داخل ما يسمى بـ "الحرس الوطني" في محافظة السويداء، مع تصاعد الصراع بين قياداته على خلفية اجتماعات ولقاءات غير منسّقة مع جهات خارجية، أبرزها وفد أميركي زار المحافظة مؤخرًا، لتنذر بانهيار وشيك فيما تبقّى من تماسك داخلي في بنية هذا التشكيل الذي أُسسه أحد مشايخ العقل حكمت الهجري عقب سقوط النظام بأشهر قليلة .
وشُكّل "الحرس الوطني" كمحاولة لخلق توازن أمني في السويداء بعيدًا عن سيطرة الدولة المباشرة لكنّ تركيبته غير المتجانسة التي ضمّت عناصر من الفصائل المحلية التي كانت تتبع للنظام البائد إلى جانب ضباط سابقين في جيش النظام متورطين بجرائم حرب حملت بذور الصراع منذ البداية.
الخلافات التي كانت تُدار سابقًا تحت الطاولة خرجت إلى العلن مؤخراً بعد الاشتباك الذي حصل بين قياديين يتبعون للهجري ومقربين منه وبين العميد جهاد الغوطاني الذي عينه الهجري قائداً "للحرس الوطني" بدأ بملاسنة وانتهى باشتباكٍ بالاسلحة الخفيفة والمتوسطة في مبنى الفرقة 15 وسط المدينة والذي يتخذه "الحرس الوطني" مقراً له.
زيارة خارجية تُفجّر الصراع
الأزمة انفجرت فعليًا قبل أيام بعد اجتماع موسّع عقده عدد من قيادات "الحرس الوطني" بالتزامن مع زيارة وفد أميركي إلى السويداء للاطلاع على ما جرى مؤخراً في المحافظة.
الاجتماع الذي جرى من دون علم قائد الحرس العميد جهاد الغوطاني أثار غضبه خاصة وأنه وصل بعد مغادرة الوفد مباشرة معتبراً أن ما قام به كلا من طارق المغوش وطارق خويص وهما من أبرز المقربين للهجري مخالف لقوانين التشكيل والتراتبية العسكرية على حد زعمهم فجاء الرد من خويص بعبارة (مكان ما بيكون حذائي بتكون القيادة) هذا الرد كان سببا في تدخل عناصر الغوطاني التي أدت إلى عراك بالأيدي أولاً ثم تطور إلى إطلاق نار في محيط المبنى بين عناصر الغوطاني وعناصر يتبعون لطارق خويص والمغوش علماً بأنهما ينتميان إلى "الحرس الوطني" ضمن ما يعرف بالمكتب الأمني التابع لقيادة الحرس.
إجراءات داخلية وتحويل للقضاء
ردًا على ما جرى، أصدر الغوطاني مجموعة من القرارات التنظيمية والإدارية، شملت حلّ المكتب الأمني التابع لقيادة الحرس الوطني وإلغاء عقود عدد من القادة والعناصر المرتبطين بالقياديين خويص والمغوش وإحالة الأسماء المذكورة إلى الجهات القضائية التي تتبع لـ "اللجنة القانونية العليا" التي شكلها الهجري أيضاً لمحاسبة المتورطين لاستعادة السيطرة على التشكيل ومنع مزيد من الانشقاقات التي قد تؤدي إلى تفكك الحرس الوطني بشكل كامل بحسب ما زعم الغوطاني في تسجيل مصور نشرته منصات محلية على مواقع التواصل الاجتماعي إلا أن ما حصل مخالف تماماً حيث إن الأسماء التي ذكرت لم تمثل أمام اللجنة القضائية ورفضت الخروج من التشكيل متذرعين بأنهم النواة الأساسية "للحرس الوطني" وهم من أتوا بالغوطاني .
ربط سياسي وخطاب خارجي
وفي سياق متصل تزايد الحديث داخل الأوساط المحلية عن علاقات الشيخ حكمت الهجري مع أطراف إسرائيلية وسط اتهامات له بتوظيف هذه العلاقات في سياق خطاب سياسي لم ينجح حتى الآن في تقديم حلول فعلية لأهالي المحافظة لا على مستوى المعابر ولا على صعيد تحسين الأوضاع المعيشية.
ويرى مراقبون أن استمرار التصعيد من قبل الهجري ضد الدولة السورية من دون بدائل واضحة أو خريطة طريق قد يدفع المنطقة نحو مزيد من التوتر، في وقت يراقب فيه المجتمع الدولي تطورات الجنوب السوري كجزء من المشهد الأوسع للملف السوري.