قرّر وزير العدل القاضي عادل نصّار في خطوة لافتة، تحريك ملفات الاغتيالات السياسية التي وُضعت طويلاً في أدراج النسيان، لتعود اليوم إلى الواجهة بعد عقود من الجمود القضائي والتعطيل السياسي.
القرار، الذي شمل تعيين محققين عدليين في عدد من القضايا المحالة إلى المجلس العدلي، يُعيد إلى الأذهان أبرز المحطات الدامية في تاريخ لبنان الحديث، من اغتيالات طالت شخصيات سياسية وأمنية، إلى مجازر بقيت من دون حساب، في ظلّ ما كان يُعرف بـ"زمن الوصاية" وما رافقه من حصانات سياسية وأمنية عطّلت العدالة.
وبين من يرى في الخطوة استعادةً لهيبة القضاء وحقّ الضحايا في الحقيقة، ومن يقرأ فيها رسائل سياسية مبطّنة قد تُعيد نبش ملفات طُويت بتسويات قديمة، أكدت مصادر كتائبية عبر "وردنا" أن خطوة الوزير نصّار تأتي في سياق قضائي بحت، بعيدًا عن أي استنسابية سياسية أو رسائل موجّهة لأي طرف.
وأوضحت المصادر أن الوزير نصار، الذي يمثل حزب الكتائب في الحكومة، اعتمد مقاربة شملت جميع الملفات العالقة أمام المجلس العدلي، سواء كانت تتعلق بجرائم قديمة أو بملفات أكثر حداثة، مؤكدة أن الهدف هو تفعيل عمل القضاء العدلي وإعادة تحريك الملفات التي لم يُعيّن لها محققون عدليون منذ سنوات.
وشددت المصادر على أن القرار لا يستهدف أي جهة سياسية، بل يندرج ضمن منهج واضح لدى حزب الكتائب يقوم على دعم استقلالية القضاء وإبعاد العمل القضائي عن التجاذبات. وأضافت أن من غير المنطقي أن يُفسَّر التعيين على أنه موجَّه ضد أي فريق، لأن الاستنسابية كانت لتكون قائمة لو تم استثناء قضية دون أخرى، وهو ما لم يحصل.
وفي السياق نفسه، استغربت أوساط في حزب القوات اللبنانية إعادة فتح ملف مجزرة إهدن، معتبرة أن "كل هذه القصة غلط بغلط"، إذ إنّ ما جرى في حينه كان قرارًا سياسيًا اتخذه المجلس الكتائبي بقيادة بشير الجميّل، وليس تصرّفًا فرديًا من المنفذين على الأرض. وأضافت الأوساط: "ما بدنا نحكي باللي راح ونفّذ أو أُصيب، لأن الأساس هو من اتّخذ القرار".
وشددت هذه الأوساط على أنّ عائلة فرنجية نفسها كانت قد أقفلت الملف عائليًا منذ زمن طويل، وبالتالي فإنّ إعادة تحريكه اليوم تثير تساؤلات حول دوافعه وأهدافه، خصوصًا أنّ "فتح هذا الملف يُصيب الكتائب أكثر مما يُصيب القوات"، على حدّ تعبيرها.
من جانبها، أكدت المصادر الكتائبية أن الموضوع لم يُقارب من زاوية سياسية أو كيدية، بل من منطلق ضرورة احترام المؤسسات الدستورية والقضائية. ولفتت إلى أن الحزب يحرص على الحفاظ على العلاقات الوطنية الجامعة، وعلى استمرار التواصل والتنسيق مع جميع القوى السياسية، وخصوصًا تلك التي تلتقي معه على ثوابت سيادية ووطنية مشتركة.
وختمت المصادر بالتشديد على أن كل تحقيق عدلي هو اليوم في عهدة المحققين المعينين وضميرهم المهني، وأن حزب الكتائب يرفض أي تدخل سياسي أو ضغط على القضاء، مؤكدًا ثقته بالمجلس العدلي وبالقضاة المكلّفين متابعة هذه الملفات حتى خواتيمها القانونية العادلة.
وتأتي خطوة وزير العدل في سياق تعيين محققين عدليين في عدد واسع من القضايا المحالة إلى المجلس العدلي، والتي شكّلت على مدى عقود علامات فارقة في الذاكرة السياسية والأمنية اللبنانية. وتشمل لائحة التعيينات كلاً من:
القاضي سامر ليشع محققًا عدليًا في قضية اغتيال الصحافي سمير قصير،
القاضي كلود غانم في قضية اغتيال النائب والصحافي جبران تويني ومرافقيه،
القاضي يحيى غبورة في جريمة الهجوم المسلّح على بلدة إهدن التي أسفرت عن مقتل النائب طوني فرنجية مع أفراد عائلته وعدد من مرافقيه،
القاضي جوزيف تامر في قضية محاولة اغتيال الرئيس الأسبق كميل شمعون،
القاضية آلاء الخطيب في ملف المواجهات التي حصلت في محلة بورضاي – بعلبك،
القاضي فادي صوان في قضية اغتيال الوزير السابق إيلي حبيقة،
القاضي سامر يونس في قضية اغتيال النائب أنطوان غانم ورفاقه،
القاضي كمال نصار في قضية مقتل الشيخ صالح العريضي في بلدة بيصور،
القاضي سامي صادر في قضية اغتيال الوزير والنائب بيار أمين الجميّل ومرافقه سمير الشرتوني،
القاضية أميرة صبرا في قضية اغتيال الشيخ أحمد عساف،
القاضي فادي عقيقي في قضية محاولة اغتيال النائب السابق مصطفى معروف سعد.