عود على بدء. مرة أخرى يحتل قانون الانتخابات النيابية واجهة الصراع السياسي في البلد بين فريقين منقسمين في الرأي والرؤية. وجديد هذا الملف اليوم، الاتجاه نحو إجراء الانتخابات دون ان يصوّت المغتربون في الخارج لا على المقاعد الستة المخصّصة للانتشار، ولا للنواب الـ 128 في دوائرهم الأصلية على ان تمنح الفرصة لهم للمشاركة في لبنان بعد تأخير تقني لموعد الانتخابات ليتزامن مع العطلة الصيفية.
هذا المخرج لم يتبلور بعد، ولم تعلن الكتل السياسية موقفها منه مع العلم ان الرؤساء الثلاثة يؤكدون ان الانتخابات النيابية قائمة في موعدها في أيار المقبل كما ان وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار شدد على ان وزارته ملتزمة بإجراء الانتخابات في موعدها الدستوري "وباشرنا التحضيرات لإنجازها وفقاً لأعلى معايير الشفافية والحيادِ والنزاهة".
وفيما أحال وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي مشروع قانونٍ معجّل إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء يقضي بإلغاء المادتين 112 و122 من قانون الانتخاب، ما يسمح للبنانيين المنتشرين بالاقتراع في دوائر قيدهم الأصلية بدلاً من تخصيص ستة مقاعد فقط لهم، يُستبعد عقد جلسة لحسم الخلاف، والتذرع بإلزامية مناقشة الموازنة قبل أي أمر آخر. وبالتالي، يتم ترحيل النقاش حول إلغاء البند الوارد في القانون الذي ينص على اعتماد ستة نواب لتمثيل المغتربين في القارات الست الى مرحلة يُستحيل فيها القيام بهذا الاجراء.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير الدستوري سعيد مالك في حديث لموقع "وردنا" ان التذرع بضيق الوقت لعدم مناقشة اقتراح القانون، لا يستقيم مع الواقع لأنه ليس قانونا انما الغاء أو تعليقا لبعض مواد القانون الحالي. وهذا ما جرى عام 2022 حين صدر القانون رقم 8/2021 وعلّق العمل بالمواد ذات الشأن أي المادة 112، فقرة أولى 118، المادة 121 والمادة 122. وبالتالي، التذرع اليوم أن الحكومة لا يمكنها مناقشة مشروع القانون يهدف فقط الى عدم اشراك المغتربين في انتخاب 128 نائبا.لكن، اذا كان هناك نية في اشراكهم فلا مانع على الاطلاق من إحالة مشروع قانون معجل بهذا الخصوص الى مجلس النواب.
وعلى الرغم من أن أغلب الكتل النيابية تتفق على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، وعدم التأجيل تحت أي مسمى أو حجة الا أنها تختلف فيما بينها في ملف انتخاب المغتربين على الكثير من النقاط، وتتبادل الاتهامات من هنا وهناك انطلاقا من مصلحتها الانتخابية أو مقاربتها للدستور بطرق مختلفة.
النائب فادي كرم أكد في حديث لموقع "وردنا" ان القوات لا تقبل تأجيل الانتخابات، وترفض التسويات في هذا الاطار. نحن نرفض اعتماد ستة نواب لتمثيل المغتربين كما نرفض التأجيل التقني لمجيء المغتربين الى لبنان ليمارسوا حقهم الديموقراطي. نحن نريد مراكز اقتراع في الخارج لانتخاب 128 نائبا.
ولفت الى "اننا نخوض معركة قانون الانتخاب في الحكومة من خلال وزير الخارجية الذي قدم مشروع قانون لدرسه في مجلس الوزراء، ونطلب من الرئيس نبيه بري أن يدعو النواب الى جلسة للتصويت على اقتراح القانون. وهنا نسأل: هل يُعقل أن يوقع 67 نائبا على اقتراح قانون معجل مكرر، ولا تُعقد جلسة للتصويت عليه. هذا ضرب للمفاهيم الديموقراطية ولحق المغترب في التصويت. نحن نقوم بكل ما أمكن عبر الطرق القانونية لتمكين المغتربين من الاقتراع لـ 128 نائبا، وطرح وزير الخارجية أحد أنواع التصعيد، وسنضغط أكثر لوضع اقتراح القانون على جدول أعمال جلسة مجلس النواب.
واعتبر كرم ان الدائرة المخصصة للاغتراب بدعة خطيرة جدا،كاشفا ان المغتربين يريدون المشاركة في الانتخابات، لكنهم يتخوفون من عدم تمكنهم من انتخاب من يمثلهم في مناطقهم.
اما النائب علي خريس، فسأل عن أي تسوية يتحدثون؟. هناك قانون انتخابي نافذ. هناك صعوبة في تعديل قانون الانتخاب لأن هناك صعوبة في الاتفاق. لدى المغترب الحرية في المجيء الى لبنان ليدلي بصوته أو ينتخب في البلد المضيف على اساس 6 مقاعد، لكن الكلام عن تعديل قانون الانتخاب غير وارد حاليا. ورأى في حديث لموقعنا ان من يتحدث عن تعديل في قانون الانتخاب كأنه يدعو الى تأجيل الانتخابات، وهذا ما لا نريده. الانتخابات النيابية يجب أن تجري في مواعيدها الدستورية، ولا يجوز تكبير حجر الانتخابات بهذه الطريقة.
وفيما يتعلق بالحديث عن رشوة الناخب المغترب الذي يقترع في لبنان، سأل خريس:" هل المغترب بحاجة الى المال ليُقال ان ذلك يؤثر على الادلاء بصوته؟".
من الجانب القانوني، اعتبر سعيد مالك انه من الثابت والاكيد ان هذه التسوية موضوع بحث بين الرؤساء الثلاثة والقيادات الحزبية والسياسية. هذه التسوية تتحدث عن إمكانية الاقتراع للمغتربين والمنتشرين في الداخل اللبناني كما حصل في انتخابات 2018. هذا الامر يفترض تعديلا لقانون الانتخاب عن طريق إلغاء أو تعليق أحكام الفصل 11 من قانون 44/2017 حتى يصبح بإمكان هؤلاء المقترعين الانتخاب في لبنان وليس في السفارات أو القنصليات. مبدئيا، يمكن أن يمنح فرصة لهؤلاء المنتشرين للتصويت والمشاركة في الحياة السياسية، لكن هذا ينتقص من إمكانية أن يمارسوا هذا الحق وهم في بلدهم بدل تكبيدهم العناء من أجل الحضور الى لبنان مع ما يستتبع ذلك من هدر للوقت والمال للمشاركة في الانتخابات.
وفي الختام، لا بد من الاشارة الى ان المغتربين الذين سجلوا اسماءهم للاقتراع في الخارج بلغوا حتى يوم امس 12000 مقترع.