يقضي الكثير من الأطفال والمراهقين وحتى البالغين ساعات طويلة من يومهم في ألعاب الفيديو التي تشهد تطوراً بالغاً يجتذب الناس من مختلف الثقافات والاهتمامات، فيما يجد الكثيرون في هذه الألعاب تسلية مناسبة مع شيء من الإثارة والتحدي، لكن العلماء على الجانب الآخر ينشغلون في البحث عن أية تأثيرات محتملة لهذه الألعاب على دماغ الإنسان، سواء كانت هذه التأثيرات إيجابية أم سلبية.
وبحسب تقرير نشره موقع "سايكولوجي توداي" Psychology Today المتخصص، واطلعت عليه "العربية.نت"، فقد طرح الباحثون عدة فرضيات قد تفسر أي علاقة بين ألعاب الفيديو ومشاكل الانتباه.
ويقول الباحثون إن ألعاب الفيديو مثيرة للغاية لدرجة أن كل شيء آخر ممل إذا ما قورن بها، كما أن الوقت الطويل المبذول أمام شاشات الألعاب الإلكترونية يمنع من ممارسة أنشطة أخرى تساعد على بناء الانتباه، ويرى البعض أنه نظراً لسهولة التركيز على ألعاب الفيديو، فإننا نفوت فرصاً لبناء الانتباه من خلال أنشطة مثل القراءة أو تعلم آلة موسيقية.
وبحسب التقرير، فإن "الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في التركيز هم أكثر عرضة للعب ألعاب الفيديو، كما يبدو أن الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ينجذبون بشكل خاص إلى ألعاب الفيديو لأنها أسهل في التركيز من العديد من الهوايات الأخرى".
ويقول العلماء إن هناك متغير آخر يرتبط بكل من مدى الانتباه ولعب ألعاب الفيديو، فعلى سبيل المثال، الأولاد أكثر عرضة للعب ألعاب الفيديو بقليل عن الفتيات، كما يتم تشخيصهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بمعدل ثلاثة أضعاف عن البنات، وهذا أحد التفسيرات لوجود علاقة واضحة بين لعب ألعاب الفيديو وقلة الانتباه.
كما يقول العلماء إن ألعاب الفيديو تؤثر على النوم أيضاً، مما يؤثر على قدرتنا على الانتباه، حيث إن النوم ضروري للتركيز، وأي شيء يمنعنا من الحصول على قسط كاف من النوم قد يرتبط أيضاً بمشاكل الانتباه.
واستكشفت عدة دراسات وجود صلة محتملة بين لعب ألعاب الفيديو وصعوبة الانتباه، حيث استطلعت مجموعة من الباحثين آراء ثلاثة آلاف مراهق سنغافوري حول الوقت الذي يقضونه في اللعب، وألعابهم المفضلة، وربطوا بين ذلك وبين أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والاندفاعية، ومدى أدائهم في الاختبارات الأخيرة، كما كرروا ذلك ثلاث مرات، بفارق عام واحد بين كل مرة.
ووجد الباحثون أن الوقت الذي يقضيه اللاعبون في لعب ألعاب الفيديو يرتبط بزيادة طفيفة جداً في أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والاندفاعية. والجدير بالذكر أن الدراسة اعتمدت على المراهقين لتقدير الوقت الذي يقضونه في لعب ألعاب الفيديو بدقة، ولتقييم أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لديهم.
لكن بالمقابل، طلبت دراسة أخرى من 85 لاعباً إكمال اختبار انتباه، وخلال الاختبار، شاهد المشاركون جهاز كمبيوتر بينما تومض رموز على الشاشة.
وكان على كل مشارك الضغط على زر في وحدة تحكم اللعبة بأسرع ما يمكن عند رؤية رمز معين، ولكن ليس عند ظهور رموز أخرى. ويسمى هذا اختبار "انطلق/امتنع"، ويقيس الاندفاعية، حيث تبين أن الأشخاص المندفعون يميلون إلى الضغط على الزر عند ظهور الرمز الخطأ على الشاشة.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين لعبوا ألعاب فيديو أكثر حققوا نتائج أفضل في هذا الاختبار، وهذا يعني أن اللاعبين المتفانين أفضل في التركيز.
لكن الباحثين قالوا إن هذه الدراسة شابها بعض العيوب، حيث كان الاختبار ارتباطياً، فالأشخاص الذين يتمتعون بردود فعل أفضل قد يكونون أفضل بطبيعتهم في ألعاب الفيديو، وبالتالي يستمتعون بها أكثر.
واستطلعت دراسة ثالثة آراء 600 شخص من أصل إسباني في تكساس تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عاماً حول الوقت الذي يقضونه في اللعب، وعدد من ضغوط الحياة مثل التعرض للعنف في المنزل وفي المجتمع، وسألوا الآباء والأطفال عن مشاكل الانتباه ومعدلهم التراكمي. ووجدوا أن العديد من المتغيرات تنبئ بمشاكل في الانتباه، وخاصة القلق.