كشف تقرير حكومي مصري تفاصيل عن جيل "زد"، وهو المصطلح الذي بات يتردد كثيراً في الآونة الأخيرة، حيث يحظى مواليد هذا الجيل باهتمام بالغ نتيجة تأثيرهم في بعض الدول وظهورهم كقوة كبيرة وكتلة بشرية ضخمة.
وأوضح التقرير الذي أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري، اليوم الثلاثاء، أبرز سمات جيل زد وسلوكياته الاقتصادية، وكيف ينظم هذا الجيل علاقته مع الاقتصاد، وأنماط إنفاقه واستهلاكه، وتأثيره على سوق العمل، فضلًا عن التحديات التي يواجهها.
كما بين التقرير أن مصطلح "جيل زد" يشير إلى الأشخاص المولودين بين عامي 1997 و2012، حيث يقع هذا الجيل بين جيل الألفية وجيل ألفا، وقد تشكَّلت هويته في ظل العصر الرقمي، والقلق المتزايد بشأن التغيّر المناخي، والتقلُّبات في الأوضاع المالية.
وحسب التقرير فإن أفراد هذا الجيل يتم تعريفهم بأنهم "جيل الرقميين الأصليين"، إذ يُعتبرون أول جيل نشأ منذ طفولته مع وجود الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة، وتتمثل سماتهم الرئيسة في الواقعية في نظرتهم للعمل، وأنهم أذكياء ماليًّا ويميلون للتوفير والاستثمار، فضلاً عن أنهم أكثر عرضة للشعور بالقلق.
وأشار التقرير إلى أن السفر بالنسبة لجيل "زد" ضرورة لا رفاهية، كما أكد أن هذا الجيل يعتبر وسائل التواصل الاجتماعي آلية التواصل الرئيسية، ولديهم تطلعات كبيرة تجاه الذكاء الاصطناعي، ويفضلون التخصص والمدارس المهنية، وأقل ميلًا للتخطيط للتقاعد، ويعطون الأولوية للولاء الوظيفي.
كما أوضح أن "جيل زد" يُعد أول جيل رقمي حقيقي، إذ نشأوا منذ صغرهم وهم على اتصال بوسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الرقمية، وتتمثل أبرز معالم جيل زد في الحصول على فرص العمل من خلال المنصات الرقمية، وتعدد مظاهر الدخل، فيما تعتبر العملات المشفرة الاستثمار الأكثر شيوعاً بين مستثمري هذا الجيل
ولفت التقرير الانتباه إلى أن القوة الشرائية لهذا الجيل تُقدَّر بأكثر من 400 مليار دولار عالمياً، وتنتشر بين أفراده خدمات "اشترِ الآن وادفع لاحقاً"، إذ يستخدمها أكثر من 44% من المشترين الرقميين فوق سن 14 سنة، وقد ازداد الإقبال عليها بنحو ستة أضعاف خلال خمس سنوات.
أيضاً كشف التقرير أن أفراد جيل زد يعتمدون على توصيات العائلة والأصدقاء لاكتشاف علامات تجارية جديدة في المرتبة الأولى، وتأتي إعلانات "يوتيوب" في المرتبة الثانية وعلى عكس جيل الألفية، فهم يُفضِّلون التسوق داخل المتاجر، ويُظهرون اهتماماً واضحاً بالتميُّز الفردي، إذ يفضِّل 48% منهم العلامات التجارية التي لا تُصنِّف منتجاتها حسب النوع الاجتماعي.
وحسب التقرير يُظهر هذا الجيل أيضاً استعداداً واضحاً للدفع مقابل خدمات بث الموسيقى، إذ تشير بيانات عام 2025 إلى أن 67.6% منهم مشتركون في هذه الخدمات، وفي المقابل، لا يهتم سوى أقل من 16% بالصحف أو الاشتراكات في المجلات أو الكتب الإلكترونية؛ ما يعكس تراجع جاذبية المحتوى التقليدي لديهم.
أما من حيث الحضور الرقمي، فـ81% من أفراد هذا الجيل يقضون ساعة واحدة على الأقل يوميًّا على منصات التواصل الاجتماعي، بينما يقضي أكثر من نصفهم ثلاث ساعات أو أكثر، فيما تشير البيانات إلى أن الفتيات أكثر استخدامًا لهذه المنصات مقارنة بالذكور، كما يُفضِّلون المحتوى القصير الذي لا يتعدى بضع دقائق، مثل المقاطع المنشورة عبر (Instagram Reels) و(YouTube Shorts) و(TikTok)؛ مما يعكس أسلوبهم السريع في الاستهلاك الرقمي وتفاعلهم مع المحتوى البصري السريع.
وأوضح التقرير أن جيل زد يعتمد بشكل خاص على ترشيحات الهدايا وتوصيات المؤثرين كمصدر للإلهام عند الشراء، إذ استخدم 47% منهم ترشيحات الهدايا، وأظهروا ثقة كبيرة في المحتوى المقدم من المؤثرين المحليين، ورغم هذا التأثر الملحوظ بالمحتوى التسويقي، فإن قرارات الشراء لا تكون فورية، حيث يحتاج معظم المستهلكين إلى رؤية الإعلان مرتين أو ثلاثا قبل اتخاذ القرار، بينما يحتاج 23% من جيل زد إلى مشاهدته أربع أو خمس مرات قبل الإقدام على الشراء.
وعلى الرغم من اهتمامهم بالجودة والتميُّز، فإن جيل زد - وحسب التقرير- يتمتع بوعي سعري مرتفع، ويحرص على تحقيق أقصى قيمة ممكنة مقابل المال ووفقًا لبيانات عام 2024، فقد أشار 32% منهم إلى تفضيلهم شراء المنتج الأرخص، بينما أكد 37% حرصهم على البحث عن العروض والتخفيضات.
وسلط التقرير الضوء على تأثير جيل زد على مستقبل العمل، حيث أشار إلى أن أفراد جيل زد يُعَد أحدث الموظفين في بيئة العمل المعاصرة، وإلى جانب ما يحظون به من اهتمام خاص بسبب مساهماتهم الفريدة، فإن لهم تأثيرًا كبيرًا على المشهد العام لسوق العمل.
وأوضح التقرير أن خوف جيل زد قد يكون ناتجًا عن الأخبار المقلقة بشأن التضخم والبطالة وتسريحات الموظفين، حيث يولون أهمية كبيرة لصحتهم المالية وأمنهم الوظيفي، مشيرا إلى أن أهمية المال بالنسبة لجيل زد كبيرة لدرجة أنهم مستعدون للتضحية بالعمل من المنزل (41%)، والهوايات (37%)، والحياة الاجتماعية (34%)، بل والعلاقات الشخصية (19%)، وحتى مهام مثيرة في العمل (22%)، مقابل حصولهم على راتب أعلى.
أشار التقرير إلى هيمنة جيل زد قريبًا على القوى العاملة بعد تقاعد الأجيال الأكبر سنًّا، ولكن يواجه هذا الجيل تحديات غير مسبوقة، بدءًا من الاضطرابات الاقتصادية وصولًا إلى التغير التكنولوجي السريع.
وأوضح أنه في ظل السعي المستمر نحو التوازن بين العمل والحياة، والرغبة في الاستقلالية المهنية، يبدو أن اقتصاد العمل الحر يشكل خيارًا مثاليًّا لجيل زد، فهو يمنحهم حرية التحكم في مسارهم المهني، ويتيح لهم متابعة شغفهم بعيداً عن قيود الوظائف التقليدية، مضيفا أنهم إذا ما أحسنوا استثمار ما يتيحه هذا النموذج من مرونة، ومواجهة سلبياته، مع الحفاظ على حدود واضحة والاهتمام بالصحة النفسية والجسدية، فبإمكانهم بناء مسيرة مهنية متكاملة تتسم بالاستقرار والإنتاجية والرضا الذاتي.
وأشار التقرير في ختامه إلى أن جيل زد رغم التحديات التي يواجهها، فإنه يُظهر مرونة واضحة، إذ يعتمد كثيرون منهم عادات ذكية، مثل: العمل الإضافي. ومع تقلبات الاقتصاد، يصبح من الضروري لهذا الجيل مواصلة التثقيف المالي، وتطوير استراتيجيات مرنة لبناء شبكة أمان مالي، فيكون فهم هذه التحديات أمرًا حيويًّا لوضع خطط مالية فعالة تضمن أمانًا ماليًّا طويل الأجل، سواء من خلال التعامل مع اقتصاد العمل الحر، أو بناء مدخرات مستقرة؛ فالتخطيط السليم سيكون مفتاحًا لجيل زد لبناء مستقبل مستقر.


