دخل العراق اليوم السبت في ما يعرف بالصمت الانتخابي، حيث يحظر على الكتل والأحزاب الترويج لمرشحيها، قبل 3 أيام من الانتخابات النيابية المرتقبة في 11 من الشهر الحالي.
فيما يرتقب أن يتوجه ملايين العراقيين إلى مراكز الاقتراع في كافة أنحاء البلاد من أجل اختيار329 نائبًا جديداً، علماً أن عدد الناخبين حسب المفوضية العليا للانتخابات بلغ 21 مليون.
لكن ما هو المزاج السائد بين العراقيين؟
إلا أن عدداً كبيراً من الناخبين يشعرون بخيبة أمل من التجربة الديمقراطية العراقية التي مضى عليها 20 عاماً، قائلين إنها لم تجلب سوى الفساد والبطالة وسوء الخدمات العامة، بينما يتقاسم السياسيون والأحزاب والجماعات المسلحة غنائم الثروة النفطية الهائلة وتوزع الوظائف على الموالين، وفق ما نقلت وكالة رويترز.
من يخوض الانتخابات؟
لكن رغم خيبة الأمل هذه، سجلت ظاهرة لافتة تجسدت في ترشح عدد غير مسبوق من الشباب. إذ أوضحت اللجنة العليا للانتخابات أن ما يقرب من 40 بالمئة من المرشحين المسجلين تقل أعمارهم عن 40 عاما، مما يسلط الضوء على محاولات الجيل الجديد لتحدي الهيمنة السياسية لشبكات السلطة القديمة.
كما رئيس الحكومة الحالي محمد شياع يقود السوداني، الذي تولى منصبه في 2022 ويسعى لولاية ثانية، فإن ائتلاف الإعمار والتنمية الذي يضم عدة أحزاب شيعية يركز في حملته الانتخابية على تحسين الخدمات ومحاربة الفساد وتوطيد سلطة الدولة.
فيما لا يزال ائتلاف دولة القانون، الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، يتمتع بنفوذ ويتنافس مع الائتلاف الذي ينتمي إليه السوداني من أجل فرض الهيمنة داخل الأوساط الشيعية. علما أن منتقدي المالكي يعتبرون أن سياسته الطائفية شجعت بظهور تنظيم داعش عام 2014.
وهناك أيضاً مجموعة من الأحزاب التي تربطها علاقات مع إيران ولديها جماعات مسلحة خاصة بها تخوض الانتخابات على قوائم منفصلة.
أما القوة السياسية السنية الرئيسية فهي "حزب تقدم" بقيادة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي. وتتركز شعبية الحزب في غرب وشمال العراق حيث الغالبية السنية. ويدعو الحزب إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة وتمكين المجتمعات السنية بعد صراع وتهميش دام لسنوات.
إقليم كردستان
أما في إقليم كردستان العراق، فيهيمن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه الزعيم المخضرم مسعود بارزاني على الحكومة شبه المستقلة ويسعى إلى الحصول على حصة أكبر من عوائد النفط التي تدعم الميزانية العامة.
كما ينافس الاتحاد الوطني الكردستاني، بقيادة بافل طالباني، الحزب الديمقراطي الكردستاني. ويدعو الاتحاد إلى توثيق العلاقات مع بغداد وكثيرا ما تحالف مع الفصائل الشيعية. ويهدف إلى الدفاع عن معاقله التقليدية.
في حين يقاطع تيار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الانتخابات بسبب الفساد بصورة رئيسية، تاركا المجال مفتوحا أمام الآخرين. علماً أن تيار الصدر لا يزال يسيطر على أجزاء كبيرة من الدولة من خلال التعيينات الرئيسية في المناصب الحكومية.
كيف سيؤثر التصويت؟
يشار إلى أن نسبة الإقبال ستشكل مقياساً رئيسياً لثقة العراقيين في نظامهم السياسي، وسط إحباط شعبي من الفساد المستشري وسوء الخدمات.
إذ من شأن انخفاض نسبة المشاركة أن يشير إلى استمرار خيبة الأمل، في حين أن الإقبال القوي قد يمنح المرشحين الإصلاحيين والأصغر سنا نفوذا محدودا في البرلمان.
في حين من غير المتوقع أن تغير الانتخابات المشهد السياسي العراقي بشكل جذري. فغالبا ما تطول المفاوضات لاختيار رئيس للوزراء، وتنتهي بتسوية بين الأحزاب الأكثر ثراء وتسليحا ونفوذا.
لا سيما أنه بموجب نظام تقاسم السلطة القائم على أسس طائفية في البلاد، يجب أن يكون رئيس الوزراء شيعيا ورئيس البرلمان سنيا ورئيس الجمهورية كرديا.
لكن الحكومة العراقية المقبلة ستواجه ضغوطا شديدة لتحقيق تحسينات ملموسة في الحياة اليومية ومنع تحول السخط الشعبي على الفساد إلى اضطرابات.
ما التالي؟
هذا ومن المتوقع أن تظهر النتائج الأولية في غضون أيام من التصويت، لكن المحادثات لتشكيل الحكومة قد تستغرق شهورا.
ثم بعد التصديق على النتائج من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والمحكمة الاتحادية العليا، سيجتمع البرلمان الجديد المكون من 329 عضوا لانتخاب رئيس له ونوابه ثم رئيس الدولة الذي يكلف الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة.
وسيكون أمام المرشح 30 يوما للحصول على الموافقة على تشكيل الحكومة، وهو إنجاز غير مضمون في العراق.


