دولي

أوكرانيا بين المطرقة الأميركية والرفض الأوروبي

أوكرانيا بين المطرقة الأميركية والرفض الأوروبي

أكد قادة أوروبيون، المجتمعون على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة جوهانسبرغ، أن مسودة الخطة الأميركية المكوّنة من 28 بنداً لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا تمثل أساساً أولياً يتطلب مزيداً من العمل والتعديل، مشددين على رفضهم القاطع لأي محاولة لتغيير حدود أوكرانيا بالقوة.


وجاء في بيان مشترك أن القيود المقترحة على حجم وقدرات القوات المسلحة الأوكرانية تثير قلقاً بالغاً، مؤكدين أن أي بنود تتعلق بعضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي لا يمكن إقرارها دون موافقة المؤسستين، في إشارة واضحة إلى رفض فرض شروط تمس سيادة أوكرانيا أو خياراتها الاستراتيجية.


وشارك في الاجتماع كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، وذلك في ظل غياب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن القمة على خلفية خلاف دبلوماسي مع الدولة المضيفة.


وتنص الخطة الأميركية على تنازل أوكرانيا عن مناطق واسعة تشمل القرم ولوغانسك ودونيتسك، إضافة إلى تحديد سقف لحجم قواتها المسلحة، والتخلي عن السعي للانضمام إلى حلف الناتو، مقابل وقف إطلاق النار ورفع تدريجي للعقوبات المفروضة على موسكو، مع الدعوة إلى إجراء انتخابات خلال 100 يوم.


واعتبر القادة الأوروبيون أن هذه الشروط تمثل تنازلاً غير مقبول، بينما تسعى العواصم الأوروبية إلى منح كييف مزيداً من الوقت وإعادة صياغة إطار تفاوضي أكثر توازناً يضمن سيادة أوكرانيا وأمنها، ويحول دون فرض شروط أحادية من جانب موسكو.


وفي هذا السياق، أبلغت واشنطن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بضرورة قبول الخطة بحلول 27 نوفمبر، وهو ما دفع القادة الأوروبيين إلى تكثيف اتصالاتهم خلال الأيام المقبلة لتقييم الموقف الأوكراني والعمل على تقديم تعديلات تبدو بنّاءة من وجهة نظر دبلوماسية.


وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك إن زيلينسكي عرض موقفه من الخطة خلال مكالمة هاتفية، مؤكداً أن روسيا لا يمكنها فرض شروطها على أوكرانيا وأوروبا، وأن أي قرار يمس بولندا يجب أن يتم بالتنسيق مع الحكومة البولندية.


ورغم تشدد ترامب في تصريحاته وتحذيره من احتمال انسحاب الولايات المتحدة من النزاع إذا لم توافق كييف على الخطة، إلا أنه أشار إلى إمكانية إظهار مرونة في الجدول الزمني حال تحقق تقدم ملموس في المفاوضات.


وفي واشنطن، شدد نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس على أن أي خطة سلام يجب أن تضمن وقف القتال مع الحفاظ على سيادة أوكرانيا وأن تحظى بقبول الطرفين، فيما أعرب أعضاء بارزون في الحزب الجمهوري عن تحفظاتهم على المقترح، معتبرين أنه قد يمثل ممالأة لموسكو على حساب تحقيق سلام عادل ومستدام.


في المقابل، رحبت روسيا بالخطة واعتبرتها خطوة تهدف إلى تقليل الخسائر البشرية ومنع سقوط المزيد من الضحايا، بينما رأى مراقبون أوروبيون أن المبادرة قد تكون تكراراً لمواقف سابقة قدمها ترامب ثم تراجع عنها لاحقاً تحت ضغط الحلفاء.


وأكد القادة الأوروبيون في ختام اجتماعهم تمسكهم بالمبدأ الأساسي القاضي بعدم جواز تغيير حدود أوكرانيا بالقوة، معربين عن مواصلة التنسيق الوثيق مع كييف وواشنطن خلال المرحلة المقبلة سعياً للتوصل إلى تسوية سياسية تضمن إنهاء الحرب دون المساس بسيادة أوكرانيا أو أمن القارة الأوروبية.

يقرأون الآن