تكنولوجيا

تحديث “إكس" يقلب الطاولة: الجغرافيا تكشف خيوط النفوذ السياسي الخفي

تحديث “إكس

تشهد منصة "إكس" مرحلة إعادة تشكّل قد تكون الأعمق منذ استحواذ إيلون ماسك عليها، بعد إطلاق ميزة جديدة تُظهر الموقع الجغرافي للحسابات. فرغم تقديمها كتطوير تقني لتعزيز الشفافية، سرعان ما تحوّلت إلى أداة تعيد رسم خريطة التأثير السياسي في المنصة، وتكشف شبكات تمتد خارج الحدود الأميركية لكنها تتفاعل بعمق داخل النقاش المحلي.

الميزة الجديدة تتيح للمستخدمين معرفة الدولة أو الإقليم الذي يُدار منه الحساب، إلى جانب تاريخ إنشائه وعدد مرات تغيير اسم المستخدم. وقد أثارت هذه الخطوة نقاشاً واسعاَ حول مستقبل الهوية الرقمية على المنصات الاجتماعية، في وقت تتزايد فيه المطالب بضبط المعلومات المضللة التي ترافقت مع محطات انتخابية واقتصادية حرجة داخل الولايات المتحدة.

فور ظهور الخاصية، بدأ ناشطون ومحللون عبر الإنترنت بتتبع مواقع الحسابات الأكثر نشاطًا في المشهد السياسي الأميركي، ليكتشفوا — وفق ما كشفت صحيفة نيويورك تايمز في تقريرها المنشور في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 — أن عدد اW من الحسابات التي تروّج لمحتوى مؤيد للرئيس دونالد ترامب ولحركة MAGA لا تُدار من داخل الولايات المتحدة، رغم خطابها المصمم بلهجة محلية. وأشارت الصحيفة إلى أن أحد أبرز هذه الحسابات هو حساب MAGA NATION، الذي يضم قرابة 400 ألف متابع، ويغرد يومياً، لكنه يُدار فعلياً من أوروبا الشرقية. ونقل التقرير أن حسابات مشابهة تُدار من دول مثل تايلاند ونيجيريا وبنغلاديش، في ما اعتبره مراقبون دليلاً إضافياً على وجود "تأثير خارجي مموّه" داخل النقاش السياسي الأميركي.

هذه الظاهرة ليست جديدة بالكامل. فالمنصة واجهت لسنوات موجات من الحسابات الوهمية والروبوتات الرقمية التي روّجت لمعلومات مضللة خلال الانتخابات وجائحة كورونا، ودفعت بنظريات المؤامرة إلى الواجهة. لكن الجديد اليوم هو أن مصدر تلك الحسابات بات مرئيًا للمستخدمين أنفسهم، ما يغيّر طريقة استقبال الجمهور للمحتوى ويمنح الباحثين أدوات أكثر وضوحًا لتحليل شبكات التأثير.

وفي سياق أكثر حساسية، شهد الموقع منذ عام 2022 ارتفاعاً ملحوظاً في المحتوى العنصري وخطاب الكراهية، وهو ما ضاعف القلق من هوية من يقف خلف الحسابات السياسية، التي تبدو جزءاً من المشهد الأميركي، بينما تُدار فعلياً من خارج حدوده. وقد بلغ الجدل حدّ التشكيك في مصدر حسابات رسمية، ما دفع وزارة الأمن الداخلي الأميركية إلى إصدار توضيح نقلته نيويورك تايمز، جاء فيه: "لا نصدق أننا مضطرون إلى قول هذا. لكن هذا الحساب أُدير دائماً، ومنذ البداية من داخل الولايات المتحدة".

هذا الردّ، وإن بدا في ظاهره محاولة لاحتواء شائعة، يعكس حجم الارتباك الذي خلّفته الميزة الجديدة، ويُظهر أن النقاش لم يعد محصوراً بين مستخدمين مجهولين، بل وصل إلى المؤسسات الحكومية نفسها.

ومع تعهّد إدارة "إكس" بإضافة المزيد من أدوات التحقق، يتجه النقاش إلى مساحات أعمق: كيف يمكن تعزيز الشفافية دون المساس بالخصوصية؟ وكيف ستعيد هذه الخطوة تشكيل ميزان التأثير في واحدة من أكثر الساحات السياسية حساسية في العالم؟ المؤكد أن المنصة تدخل مرحلة جديدة، قد تغيّر قواعد اللعبة في النقاش السياسي الرقمي خلال السنوات المقبلة.

يقرأون الآن