في حدث جيولوجي نادر وغير مسبوق، سَجّل بركان "هايلي غوبي" الواقع في شمال شرقي إثيوبيا ثورانه الأول منذ ما يقرب من 12 ألف عام، وفق ما ذكره برنامج علم البراكين العالمي التابع لمؤسسة سميثسونيان.
ويقع البركان داخل إقليم عفر، على بُعد نحو 800 كيلومتر من العاصمة أديس أبابا، وبالقرب من الحدود الإريترية، في واحدة من أكثر البقاع نشاطاً على مستوى القارة.
كما يُعد الموقع جزءاً من وادي الصدع الذي يشهد اضطرابات جيولوجية عميقة ناجمة عن تفاعل الصفائح التكتونية، ما يجعل المنطقة مسرحاً دائماً لنشاط بركاني وزلزالي مكثف وغازات سامة بارتفاع 15 كيلومتراً.
جبل الدخان.. طريق الجحيم
وفي السياق، كشف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة عن ثوران بركاني جديد في بركان "هايلي غوبي"، الذي يقع على مسافة غير بعيدة من بركان "أرتا ألي"، أحد أشهر وأخطر البراكين النشطة في أفريقيا، والمعروف في لغة العفر باسم "جبل الدخان" أو "طريق الجحيم".
كما أوضح شراقي للعربية.نت/الحدث.نت أن منطقة الأخدود الإثيوبي ضمن ما يُعرف بـ"مثلث العفر"، تُعتبر من أغنى مناطق العالم بالبراكين القديمة والحديثة، حيث تتقاطع في هذا الجزء ثلاث صفائح تكتونية كبرى هي: الأفريقية، والآسيوية، والصومالية. وأشار إلى أن هذا التقاطع هو المحرك الأساسي لتكرار الثورانات في تلك البقعة، والتي تمثل جزءاً من الأخدود الأفريقي الشرقي الذي يشهد تفككاً تدريجياً في القشرة الأرضية.
كذلك أكد الخبير الجيولوجي أن ثوران بركان "هايلي غوبي" جاء قوياً ومفاجئاً، حيث أدى إلى تشكل عمود كثيف وضخم من الرماد البركاني والغازات التي تصاعدت إلى ارتفاع يتراوح بين 10 و15 كيلومتراً داخل الغلاف الجوي.
غازات خطيرة
إلى ذلك، شدد على أن هذا العمود البركاني يحتوي على نسب مرتفعة من غاز ثاني أكسيد الكبريت، الذي يُعد من أخطر الغازات المنبعثة من البراكين ويمكن أن يؤثر على جودة الهواء في المناطق التي يمر فوقها. ولفت إلى أن حركة الرياح دفعت بالسحابة البركانية نحو شمال البحر الأحمر باتجاه اليمن.
أما فيما يتعلق بالتخوف من تأثير الثوران على سد النهضة، فقد نفى شراقي وجود أية خطورة، مؤكداً أن بركان "هايلي غوبي" يقع على مسافة تصل إلى 650 كيلومتراً من موقع السد. وأوضح أن هذه المسافة الكبيرة تنفي تماماً وجود أية خطورة مباشرة أو غير مباشرة على السد أو على بحيرته، سواء من حيث الزلازل المصاحبة أو الرماد البركاني.
تدهور نسبي في جودة الهواء
من جانبه، قال الدكتور علي قطب، أستاذ المناخ بجامعة الزقازيق لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، إن ثوران البركان قد يخلّف بعض التأثيرات على الطقس وجودة الهواء في المناطق القريبة من مسار السحب البركانية، لكنه أوضح أن هذه التأثيرات ستظل محدودة ومؤقتة ولا ترقى إلى مستوى التغيرات المناخية طويلة المدى، مشيراً إلى أن سحب الرماد المتصاعدة يمكن أن تُخفّض من مستوى الرؤية في طبقات الغلاف الجوي، وقد يؤدي انبعاث ثاني أكسيد الكبريت إلى تدهور نسبي في جودة الهواء أو تسبّب تهيّجاً بسيطاً لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض تنفسية.
كما شدد أستاذ المناخ على أن حركة الرياح هي العامل الحاسم في رسم مسار السحب، مؤكداً أن التأثيرات المتوقعة لن تصل إلى مستوى إحداث تغيّر مناخي، وأن هذا النوع من الثورانات يبقى قصير المدى مقارنة بالثورانات البركانية الكبرى القادرة على التأثير في حرارة الأرض لسنوات.


