أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون ونظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس، في مؤتمر صحافي مشترك عُقد في القصر الجمهوري في بعبدا، عن إنجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، في خطوة وُصفت بأنها محطة استراتيجية تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الثنائي والإقليمي.
وأكد الرئيس عون، عقب توقيع الاتفاق، أن هذا الإنجاز يتيح للبنان وقبرص البدء فعلياً في استكشاف ثرواتهما البحرية، ويفتح المجال أمام توقيع اتفاقات ثنائية مع الشركات المستكشفة، إلى جانب إطلاق مشروعات مشتركة في مجالات متعددة أبرزها الطاقة والسياحة والاتصالات.
وشدد عون على أن الاتفاق يعكس التزام البلدين بالقانون الدولي، معتبراً أن احترام الأطر القانونية «يحصّن الصداقات بين الدول ويعزز الروابط التاريخية»، موجهاً الشكر إلى الرئيس القبرصي وجميع المسؤولين والخبراء الذين ساهموا في إنجاز الترسيم.
آفاق تعاون موسّعة
وأوضح الرئيس اللبناني أن التفاهم البحري يشكل أساساً لتطوير الاتفاقيات التقنية المتخصصة التي تنظم عمل الشركات المستكشفة، تمهيداً لإطلاق مشاريع مشتركة في الطاقة التقليدية والمتجددة، وربط شبكات الاتصالات، وتعزيز التعاون السياحي بين الساحلين اللبناني والقبرصي.
وأشار أيضاً إلى أهمية التعاون الدفاعي بين البلدين، ولا سيما عبر مشروع مركز البحث والإنقاذ المشترك بين وزارتي الدفاع، معتبراً أن هذا التعاون يندرج ضمن تعزيز الاستقرار الإقليمي.
وأضاف عون أن تولي قبرص رئاسة الاتحاد الأوروبي مطلع العام المقبل يمنح بعداً إضافياً للعلاقات الثنائية، ويتيح تسريع آليات التنسيق مع الاتحاد الأوروبي، خصوصاً فيما يتعلق بمشروع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين لبنان والاتحاد الأوروبي، إلى جانب التعاون في مكافحة الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط.
رسالة إلى دول الجوار
وجدد الرئيس عون التأكيد أن الاتفاق لا يستهدف أي دولة، بل يشكّل خطوة تهدف إلى تحويل البحر إلى مساحة تعاون واستقرار، داعياً الدول المجاورة إلى استكمال التفاهمات البحرية بما يخدم المصالح المشتركة ويُبعد المنطقة عن التوتر والنزاعات.
قبرص: اتفاق تاريخي
من جهته، وصف الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس الاتفاق بأنه «تاريخي» ويعكس عمق العلاقات بين البلدين، معتبراً أنه يرسل رسالة واضحة مفادها أن بيروت ونيقوسيا ماضيتان في تعزيز الثقة والاحترام المتبادل.
وأكد أن الاتفاق يفتح آفاقاً واسعة للتعاون في استكشاف الثروات البحرية وتطوير الشراكات الاقتصادية في شرق المتوسط، معبّراً عن تطلع بلاده إلى استثمار الفرص التي ستنتج عن هذه الخطوة الاستراتيجية.
جدل داخلي سابق
وكان مجلس الوزراء اللبناني قد وافق في وقت سابق على اتفاقية الترسيم، رغم اعتراضات صدرت عن لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه في مجلس النواب، التي اعتبرت أن الاتفاقية السابقة الموقعة عام 2007 ألحقت ضرراً بالمصالح اللبنانية، مشيرة إلى وجود خلافات تقنية حول آلية احتساب المساحات البحرية.


