إقتصاد

عام 2026: هل يقترب العالم من ركود اقتصادي؟

عام 2026: هل يقترب العالم من ركود اقتصادي؟

يستقبل العالم عام 2026 كعام حاسم بالنسبة للاقتصاد العالمي بحسب خبراء اقتصاديين وتقارير دولية، خصوصاً أنه يأتي عقب موجة من الصدمات المتتالية: استمرار حرب أوكرانيا والتحرشات الروسية في الدول الأوروبية، اضطرابات سلاسل التوريد، الحرب التجارية بين أمريكا والصين، حرب التعريفات الجمركية التي أعلنها ترامب، وموجات الاستثمار الضخمة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وارتفاع مستويات الديون العامة والخاصة للدول.

تقاطع هذه المخاطر إلى جانب مخاطر أخرى أقل تأثيراً يدفع المحللين وصناديق الاستثمار ودوائر صنع القرار لإعادة حساباتهم. ولا تتفق المؤسسات الدولية على سيناريو واحد لما يستعد له العالم في 2026، إذ ما زال صندوق النقد الدولي يتوقع نمواً معتدلاً يبلغ نحو 3.1%، بينما يشير البنك الدولي إلى تباطؤ أعمق واحتمالات تعافٍ ضعيفة في العام نفسه. ويطرح خبراء في "الإيكونومست" و"فاينانشيال تايمز" و"بلومبيرغ" سيناريوهات متناقضة تتراوح بين انتعاش مدعوم بطلب مرتفع على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وبين ضغوط مالية قد تدفع بعض الاقتصادات إلى ركود أو تباطؤ شديد وسط حالة عدم اليقين.

وتقول "بلومبيرغ" إن الاقتصاد العالمي صمد أمام موجة الرسوم الجمركية الأمريكية، لكن استمرار الحرب التجارية بين واشنطن وبكين يفاقم المخاوف ويزيد التحذيرات من ارتفاع الديون وظهور فقاعة في أسهم التكنولوجيا. وتشير توقعات "بلومبيرغ إيكونوميكس" إلى نمو بنسبة 3.2% في 2025 و2.9% في 2026. أما صندوق النقد الدولي فلا يتوقع ركوداً عالمياً في 2026، لكنه يحذر من "مخاطر هبوطية متعددة". وفي المقابل، خفّض البنك الدولي توقعاته ووصف الفترة 2025/2026 بأنها من "أضعف فترات النمو منذ 2008" محذراً من أن الحواجز التجارية أو صدمات الطاقة والمناخ قد تدفع بعض الاقتصادات نحو الانكماش.

وخلال العام المقبل، يُرجّح أن يشكل ارتفاع الدين العام محوراً رئيسياً في قتامة المشهد العالمي، إذ ارتفع الدين العالمي بأكثر من 21 تريليون دولار في النصف الأول من 2025 ليبلغ نحو 338 تريليون دولار، وفق معهد التمويل الدولي. وفي الولايات المتحدة تباطأ نمو الرواتب خلال 2025، وتراجعت وظائف التصنيع. وفي الصين واصل قطاع المصانع انكماشه لسبعة أشهر، بينما سجّل الاقتصاد الألماني انكماشاً أكبر من المتوقع.

وفي 7 أكتوبر 2025 توقعت منظمة التجارة العالمية تباطؤ نمو تجارة السلع في 2026 إلى نحو 0.5% مقارنة بـ2.4% هذا العام، نتيجة التأثير المتأخر للرسوم الجمركية الأمريكية. ويرى محللون أن تزايد الرسوم سيقوّض الصادرات العالمية. وتحدّد "فاينانشيال تايمز" خمسة مخاطر رئيسية في 2026: عودة التضخم، احتمال تراجع أسهم Nvidia، انكماش هوامش الربح، انتقال رؤوس الأموال إلى أسواق أخرى، والتشدد التجاري المتوقع خلال ولاية ترامب الثانية.

وتبرز مجموعة شروط قد تدفع إلى ركود عالمي، بينها تشديد مالي مفاجئ، تصاعد النزاعات التجارية، احتمال انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي، ارتفاع مستويات الديون، ومخاطر جيوسياسية تؤثر على أسواق الطاقة. وتحذر "الإيكونومست" من أن انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى ركود عالمي غير معتاد، خاصة أن الأسهم تمثل 21% من ثروة الأسر الأمريكية، وأي هبوط كبير قد يخفض الإنفاق بما يكفي لدفع الاقتصاد الأمريكي إلى الركود، ما سينتقل بدوره إلى أوروبا والصين.

ومع ذلك، يرى آخرون أن الركود غير مرجّح في 2026 بسبب صمود سوق العمل والإنفاق الأسري، وحزم مالية تحفيزية، وابتكارات تكنولوجية قد ترفع الإنتاجية.

وتبقى الصين محوراً أساسياً في توقعات 2026 مع تباطؤ النمو بسبب أزمة العقارات وتراجع الصادرات، فيما تراهن الحكومة على تحفيز الطلب الداخلي. أما أوروبا فتبقى معرضة لضغوط سوق السندات وتقلبات الطاقة، مع نمو متواضع متوقع بين 1.1 و1.6%.

وفي المنطقة العربية، تختلف الآثار بحسب طبيعة الاقتصادات، فالدول المصدّرة للطاقة قد تستفيد من ارتفاع الأسعار، بينما الاقتصادات غير النفطية ستتأثر بتراجع الطلب الخارجي وزيادة الضغط على الديون، مع احتمال تراجع الاستثمار الخاص إذا تباطأ النمو العالمي.

ويرجّح صندوق النقد الدولي أن يؤدي "ركود جزئي" محتمل في 2026 إلى ارتفاع البطالة في القطاعات الحساسة، وتقلّص أرباح الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتشديد مالي إذا اضطرت البنوك المركزية لرفع الفائدة من جديد، إضافة إلى ضغوط على سياسات الدعم في الدول المثقلة بالديون.

وفي الخلاصة، لا يوجد إجماع على دخول العالم في ركود حاد في 2026، لكن المرجح هو تباطؤ عالمي ملموس مع مخاطر ركودات إقليمية أو قطاعية. والعامل الحاسم سيكون مسار السياسات التجارية، واستقرار أسواق السندات والمال، واتجاه الاستثمارات التكنولوجية، وهي عوامل ستحدّد ما إذا كان 2026 عاماً داعماً للنمو أو دافعاً لهبوطه.

يقرأون الآن