مقالات آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

خاص "وردنا"- لبنان يرزح تحت وطأة الاستحقاقات والمعضلات...وطبول الحرب تعلو على صوت أجراس السلام

خاص

حركة دبلوماسية ناشطة في اتجاه بيروت، لكن وفق المعطيات، فإن مساعي الموفدين لم تحقق أكثر من صفر نتيجة في الأزمة اللبنانية على مختلف تشعباتها ان كان لناحية التفاوض مع تل أبيب أو تجنيب لبنان الحرب الاسرائيلية الكبرى أو لناحية المؤتمرات الداعمة المجمّدة بانتظار خطوات وإشارات أكثر عملية تستطيع من خلالها الدولة اللبنانية إقناع المجتمع الدولي بأن مسار الدولة الفعلية قد انطلق، وبالسرعة المطلوبة خصوصا في ملف تطبيق حصرية السلاح.

وفيما لم يسجل أي خرق أو اقتراح واضح يمكن الاستناد اليه في وقت يفصل فيه الجانب الإسرائيلي بين المسارين التفاوضي والعسكري، ينتظر لبنان أكثر من استحقاق هام في المرحلة المقبلة: أولا، الاجتماع التحضيري في 18 الجاري، لعقد مؤتمر دعم الجيش، بحضور فرنسي أميركي سعودي وقائد الجيش رودولف هيكل بحيث ان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يريد توفير كل الدعم للمؤسسة العسكرية، لكن انعقاد هكذا مؤتمر يتوقف على مبادرة لبنانية أكثر جدية على اعتبار ان انتشار الجيش جنوب الليطاني شكل خطوة مهمة لكنها ليست كافية. أما الاستحقاق الثاني، فيتمثل بإجتماع لجنة "الميكانيزم" في 19 الجاري حيث ان الجميع يترقب التطورات أو التغيرات في نقاشات اللجنة بعد تعيين السفير سيمون كرم رئيسا للوفد اللبناني. ووفق معلومات "وردنا"، هناك حديث يتم تداوله في الكواليس السياسية بتوسيع أعضاء الوفد اللبناني بزيادة شخصيتين مدنيتين، سنيّة وشيعية. وناقش الموفد الفرنسي جان إيف لودريان هذا الامر مع المسؤولين، معتبرا ان تدعيم الموقف اللبناني في "الميكانيزم" يحرج إسرائيل ويسقط ذرائعها لاستمرار احتلالها لقسم من المنطقة الحدودية. وتشير المعلومات الى ان جلسات التفاوض المقبلة في الناقورة ستتركّز حول استكمال تنفيذ بنود اتفاق وقف النار جنوب الليطاني، وتنفيذ حصر السلاح شمال الليطاني، بدءاً من السنة المقبلة.

ويتمحور الاستحقاق الثالث حول لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 29 الجاري اذ ستتجه الأنظار إلى البيت الأبيض خصوصا وان المعطيات تشير إلى أن الملف اللبناني سيكون على الطاولة، وسيكون هذا اللقاء حاسما في تحديد توجهات إسرائيل بشأن التصعيد العسكري على الجبهة اللبنانية مع العلم ان الإدارة الأميركية أبلغت الحكومة اللبنانية برسائل تحذيرية، مفادها أن واشنطن قد لا تتمكن من كبح أي عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق ضد حزب الله، ما لم تبادر بيروت باتخاذ خطوات جدية وسريعة لنزع سلاح الحزب.ولفتت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الى أنّ تل أبيب لن تنتظر إلى ما لا نهاية.

معضلات متعددة الاتجاهات

وسط هذه المعطيات، يمكن الاستنتاج ان لبنان أمام معضلات متعددة الاتجاهات، أبرزها: فرنسا تريد دعم الجيش، لكن الدول المؤثرة في هذا المؤتمر هي المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، وهما ينتظران جدولا زمنيا لاستكمال تطبيق حصرية السلاح شمال الليطاني. وبالتالي، السؤال المشروع اليوم: هل تنتظر اسرائيل انعقاد مؤتمر لدعم الجيش لتتخذ أي خطوة تصعيدية في اتجاه لبنان؟ وهل مؤتمر دعم الجيش سيثنيها عن توسيع حربها على لبنان خصوصا انها تكرر مرارا على ألسنة مسؤوليها انها لن تسمح بعودة الحزب الى سابق عهده بعد التقارير التي تحدثت عن استعادة قوّته القتالية بإشراف خبراء من الحرس الثوري الإيراني، وان الجيش اللبناني "عاجز أو غير راغب" في مواجهة "حزب الله"، ويقتصر نشاطه على مناطق جنوب الليطاني، ولا يتحرّك إلا بموافقة الحزب؟.

العميد بسام ياسين، أشار في حديث لموقع "وردنا" ان اسرائيل ليست حسنة النية، ولا تريد أن يكون الجيش قويا في لبنان، وإذا أرادوا فعلا انتشار الجيش، فلينسحبوا من نقاط الاحتلال. الجيش بحاجة لتطوير العتاد، ويفتقر الى السلاح المتطور الذي يعمل بفعالية عالية، لكن الجيش لديه القدرة الكاملة على الانتشار وبسط سلطته وتنفيذ مهمته حتى بالسلاح الخفيف. لا أحد يقف في وجه الجيش في تنفيذ مهامه. وبالتالي، يجب دعم الجيش مع أو بدون حصر السلاح كي يكون هو القوة الوحيدة في لبنان. الجيش لديه عقيدة وإيمان في الدفاع عن لبنان، وهذا أهم من السلاح، وهو قادر على الانتشار على كامل الاراضي اللبنانية بإمكانياته المتوافرة. 

التصعيد واقع حتما

اما المعضلة الثانية، فتكمن في زيارة نتنياهو الى واشنطن للحصول على الضوء الاخضر من صاحب الكلمة الأخيرة، الرئيس دونالد ترامب، لتوسيع عملياته ضد الحزب فيما الرئيس الاميركي لا يرغب في أي تدهور في مدماك السلام الذي يبنيه في الشرق الاوسط، واصفاً السلام في المنطقة بـ"العظيم" لأنه حسب العميد ياسين، فإن نتنياهو لديه دائما الاطماع التوسعية، ويريد انشاء منطقة عازلة على الحدود الاسرائيلية من كل الجهات، ونحن في لبنان لا يمكن تحقيق المنطقة العازلة التي يتحدثون عنها لأنها مأهولة، وليست كالجنوب السوري الخالي من السكان وبمساحات شاسعة. نتنياهو يريد التشاور مع ترامب حول اتفاقيات السلام وربما التطبيع أكثر من الحصول على الضوء الاخضر لتوسيع الحرب.التصعيد واقع حتما لأن المفاوضات لن تحقق الاهداف الاسرائيلية نحو التطبيع، ونزع السلاح من كل الاطراف وليس فقط من الحزب. اتفاقيات السلام والتفاوض ربما تكون تحت النار، والامر ليس مرتبطا بلبنان فقط انما لبنان وسوريا معا، اما سيذهب البلدان الى الحرب أو الى السلام. 

الميكانيزم لن تحقق هدفها

أما لجنة "الميكانيزم" التي يقتصر دورها على المراقبة والتنسيق الفني وتبادل المعلومات لتجنب التصعيد، لا اتخاذ قرارات سياسية أو عسكرية، بل إبلاغ الأطراف المعنية بالانتهاكات وطلب التهدئة، تكثر التساؤلات حول دورها بعد تعيين مدني فيها، وان كانت ستتحول الى منصة تفاوضية أو بإمكانها تحقيق أي خرق أو تأجيل شبح الحرب عن لبنان خلال اجتماعها المقبل في 19 الجاري؟

اعتبر العميد ياسين انه مجرد ضم المدنيين للميكانيزم يعني ان النقاش يتعدى الموضوع التقني الأمني. التفاوض من خلال الميكانيزم أو من خارجها يمكن أن يؤدي الى نتيجة. الميكانيزم اليوم أصبحت أكثر فعالية، وتتخطى الطابع الأمني والتقني الى الطابع السياسي. لكن، كل الاتصالات والاجتماعات والتحركات الديبلوماسية لم تغير أي شيء الى الآن، وربما الميكانيزم لن تصل الى هدفها. وفي النتيجة، لا بد من حل ملف السلاح، لكن لا بد أيضا أن تنسحب اسرائيل من نقاط احتلالها، ويكون هناك ضمانات من الجانب الاميركي والفرنسي والامم المتحدة بأن اسرائيل لن تعتدي على لبنان، ولا على أجوائه ولا على بحره. التفاوض يعني أن يربح طرفي التفاوض، وغير ذلك تعتبر المفاوضات فاشلة وهيمنة.

يقرأون الآن