أكّد رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع أنّ "تعامل رئيس مجلس النواب نبيه بري مع مشروع القانون المعجّل الوارد من الحكومة حول تعديل قانون الانتخابات النيابية يُشكّل خرقاً واضحاً وفاضحاً وضرباً لعرض الحائط بالمهل الدستوريّة، وهذا ما يعد أساساً خرقاً للمادة 5 من النظام الداخلي للمجلس التي تلزمه أن يرعى أحكام الدستور والقانون والنظام الداخلي في مجلس النواب".
كلام جعجع جاء خلال احتفال تسليم البطاقات لدفعة جديدة من المنتسبين لحزب القوات اللبنانية نظمته الأمانة العامة في المقر العام في معراب، في حضور: الأمين العام اميل مكرزل، الأمين المساعد لشؤون المناطق جورج عيد، الأمين المساعد لشؤون الإدارة رفيق شاهين، منسق منطقة المتن ميشال جمال، منسق منطقة بيروت مارك عازار، رئيس جهاز الإدارة نهرا بو يونس ورئيس مكتب الإنتسابات في الجهاز جان نصرالله وعدد من رؤساء مراكز القوّات في منطقتي المتن وبيروت.
وأوضح جعجع أنّ "الحكومة أحالت مشروع القانون بصفة عجلة على مجلس النواب لسبب، وهو أن البت فيه مرتبط بمهل دستوريّة لا يمكن خرقها كانتهاء ولاية مجلس النواب الحالي، هذا بالإضافة إلى المهل التي ينص عليها قانون الإنتخاب من تشكيل اللوائح والترشح، تنظيماً للعمليّة الإنتخابيّة، وما يقوم به الرئيس بري فعلياً لا يقتصر على عرقلة مشروع القانون المعجّل بحد ذاته فحسب، وإنما يمتد بجوهره إلى ضرب المهل الدستوريّة والمهل المتعلّقة بإجراء العمليّة الإنتخابيّة، بعدما أصبح الوقت داهماً والحكومة قد أبدت رأياً صريحاً في أنها غير قادرة على إجراء الإنتخابات من دون تعديل القانون النافذ".
وشدد جعجع على أنّ "دور اللجان النيابية في ما يتعلّق بمشاريع القوانين المعجّلة هو دور مقيَّد بمهلة زمنية لا تتجاوز خمسة عشر يوماً، وفي النهاية أياً كان مسار مشروع القانون المعجّل، فإن صلاحية القرار تعود إلى الهيئة العامة، وبالتالي بعد انقضاء مهلة الخمسة عشر يوماً على تاريخ ورود مشروع القانون إلى اللجان، أصبح واجباً إحالته فوراً على الهيئة العامة وإدراجه على جدول الأعمال من قبل الرئيس بري، وكل أمر غير ذلك يشكّل ضرباً واضحاً للمهل الدستوريّة ومخالفة صريحة للنظام الداخلي للمجلس وتجاوزاً لدوره كمكان لحسم الإختلافات بالرأي عبر الإحتكام للديمقراطيّة، وليس كما هو حاصل اليوم، حيث أن المجلس أضحى مكاناً يسوده التسلّط والتشبث بالرأي والتفرّد بالقرار".
وشدد جعجع على أن "ما يقوم به الرئيس برّي لم يعد يندرج في إطار الخلاف السياسي أو الإختلاف في تفسير النصوص، بل تحوّل أيضاً إلى تعطيل وضرب منظّم للعمل البرلماني في لبنان، وبالتالي ضرب الأسس الديمقراطيّة التي يقوم عليها دستور البلاد". وأشار إلى أن "القاصي والداني أصبحا يدركان تماماً أن المقصود من كل ما يقوم به الرئيس بري هو افراغ العملية الديمقراطية في لبنان من مضمونها وجوهرها وتحويلها إلى ديمقراطيّة صوريّة، الأمر الذي لم يشهده لبنان في أظلم الحقبات التي مرّت عليه في السنوات الخمسين الماضية".
واعتبر جعجع أنّ "الاستمرار في هذا النهج يهدّد الانتخابات بحدّ ذاتها ويُكرّس منطق اللادولة، ومواجهة هذا التعطيل أصبحت واجباً وطنياً لحماية الدستور، والانتظام العام، وحقّ اللبنانيين في تقرير مصيرهم".
من جهة أخرى، شدّد جعجع على "الدور الأساسي للمنتسبين الجدد إلى الحزب، معتبراً أنّ العمل السياسي العام الذي تقوم به القيادة يهدف إلى حماية المسار الوطني وتهيئة الظروف، فيما يبقى العمل التنظيمي والميداني في المراكز والمنسقيات والمصالح والأجهزة العامل الحاسم في ربح أي معركة"، داعياً المنتسبين الجدد إلى "العمل اليومي الدقيق والمتابعة المتواصلة، ولو في تفاصيل تبدو غير مرئية، لكنها تصنع الفارق الحقيقي، باعتبار أن النوايا وحدها لا تكفي، وأنّ المعارك تُكسب بالعمل والجهد والتعب والتحضير".
وفي ما يتعلّق بدور الحزب، أكّد جعجع أنّ "القوّات اللبنانيّة" ليست حزباً تقليدياً، بل ضمير المجتمع، نشأت من رحم المعاناة للمواجهة دفاعاً عن السيادة وبناء المؤسسات، وواصلت مسيرتها في مواجهة الوصايات والسلاح غير الشرعي والفساد".
وختم جعجع بالتشديد على أنّ "المرحلة المقبلة تتطلّب جهوزية سياسية وتنظيمية كاملة"، معتبراً أنّ "المعركة ليست معركة خطابات، بل معركة تنفيذ والتزام، وتُحسم بالعمل المنظّم على الأرض".
من جهته ألقى الأمين العام كلمة قال فيها: "الانتقال إلى الالتزام الحزبي في صفوف القوات لا يقتصر على القناعة العاطفية، بل يشكّل خيارًا واعيًا ومسؤولية يومية تتجسّد في الممارسة والسلوك والعمل التنظيمي"، معتبرًا أنّ "هذا اليوم يُعدّ محطة استثنائية في مسيرة المنتسبين الجدد، لما يحمله من انتقال فعلي إلى صلب المؤسسة الحزبية".
وأوضح مكرزل أنّ "القوات اللبنانية" لم تكن يومًا هدفًا بحدّ ذاتها، بل وسيلة لتحقيق أهداف وطنية واضحة"، مشيراً إلى أنّ "الالتزام الحزبي ينعكس مباشرة على الحياة اليومية للمنتسب". وقال: "هناك مجموعة من القواعد الأساسية التي تشكّل مدخلًا لنجاح هذا الالتزام داخل "القوات اللبنانية"، مشدّدًا على ضرورة تغليب القضايا الجوهرية على الخلافات الداخلية الثانوية، بما يسمح بتعزيز العمل الحزبي وتطويره.
وتوقّف مكرزل عند مسؤولية المنتسبين باعتبارهم صورة الحزب في مناطقهم ومراكزهم، معتبرًا أنّ "قول الحقيقة يشكّل أحد أسس العمل الحزبي السليم، شرط أن يتمّ ذلك ضمن الأطر التنظيمية الصحيحة، من خلال التواصل المباشر مع المسؤولين، لا عبر السجالات العلنية أو وسائل التواصل الاجتماعي". وقال: "الحقيقة لا يحتكرها أحد، والنقاش الصريح والمسؤول هو السبيل لتصويب الأداء".
كما شدّد على أهمية التواصل الداخلي القائم على المحبة والصدق، محذّرًا من الانجرار إلى صراعات جانبية تُبعد الحزب عن أهدافه الأساسية في خدمة المجتمع وتنمية حضوره السياسي. وقال: "إن حقّ التقدّم داخل الحزب مكفول للجميع، لكن شرطه الأساسي هو تقديم المصلحة الجماعية على المصلحة الفردية، لأنّ الجماعة هي التي تدعم الفرد وتساعده على النجاح".
ولفت مكرزل إلى أنّ الالتزام الحزبي يجب أن يكون ممارسة يومية غير انتقائية، داعيًا إلى التفاعل الإيجابي مع مختلف الأنشطة التنظيمية والفكرية والسياسية، من لقاءات وتنشئة سياسية وورش عمل، وقال: "الحزب يبذل جهودًا كبيرة في إعداد برامج تطويرية شاملة على المستويات الفكرية والسياسية والتنظيمية، لكنها تبقى بحاجة إلى المشاركة الفعلية لإنجاحها".
وختم مكرزل بالدعوة إلى مواكبة الحزب بروح إيجابية خلال المرحلة المقبلة، ولا سيما في الاستحقاقات الانتخابية وما بعدها، مشددًا على ضرورة التركيز على القواسم المشتركة الواسعة في الرؤية الوطنية، وعدم السماح للخلافات المحدودة بأن تطغى على المسار العام، ومعتبرًا أنّ المرحلة تتطلّب جهوزية كاملة، في ظلّ حجم التحديات التي يواجهها الحزب والبلاد على حدّ سواء.
كما كانت كلمة للأمين المساعد لشؤون المناطق، قال فيها: "إنّ نتائج انتخابات البلديات واتحادات البلديات والجامعات والنقابات كلّها تقول لنا إنّ الناس تقول لنا شيئًا، أو تطلب منّا شيئًا. في الحقيقة، الناس تقول لنا: لقد وضعنا ثقتنا في القوات، وضعنا ثقتنا بكم ووضعنا آمالًا كبيرة عليكم. وبالتالي، فهذه مسؤولية كبيرة جدًا على أكتافنا يا رفاق، مسؤولية على أكتاف كلّ واحد منكم، كلّ واحد في موقعه، وفي مسؤوليته، ووفق قدرته".
وشدد متوجهاً إلى الملتزمين الجدد على "أننا بحسب هذه المسؤولية علينا أن نعمل. ومن هنا يجب أن يكون عملكم مبنيًا على أداء الدور الأساسي في خدمة مجتمعنا. يجب أن يكون هذا الدور مبنيًا على احترام التزامكم الحزبي كما ينبغي، وعلى احترام تراتبيتكم الحزبية كما يجب. ووفق هذه المسؤولية، يجب أن تتصرفوا في عملكم، وفي بيوتكم، ومع عائلاتكم، وفي مجتمعاتكم، لكي تقدّموا بالفعل أفضل صورة عن القوات، وتُظهروا من خلال أي عمل كيف يمكن لنا أن نتقدّم ونحرز أي تقدّم".
وتابع: "يجب أن تكونوا حريصين جدًا، وأن تكونوا بعيدين عن أي مشاكل أو أي مصالح خاصة. يجب أن تبتعدوا عن اللهاث وراء التقدّم الشخصي، وأن تعملوا من أجل خدمة مجتمعنا. من المهم جدًا أن نعرف أنّ تقدّمنا يأتي نتيجة عملنا، وليس نتيجة أي شيء آخر".
ولفت إلى أنه "من هذا المنطلق، ومن هذه المسؤولية، أيها الرفاق، يجب أن تكونوا أنتم واجهة حزبنا في بلداتنا، وفي مراكزنا، وفي قرانا، وفي مناطقنا. يجب أن تُظهروا كلّ الاحترام وحسن التعاطي في ما بينكم، وأن تُظهروا كلّ التعاون في مراكزكم ومناطقكم. يجب أن تُظهروا انتظامًا حزبيًا كما تحدثنا، وأن تُظهروا تطويرًا منهجيًا وتطويرًا في عملنا الحزبي، لكي نتقدّم خطوة بعد خطوة إلى الأمام".
واعتبر أن "هذه الأعمال الصغيرة كلها ستلتقي مع انتظامنا الحزبي لتُترجم تقدّمًا للقوات: تقدّمًا على المستوى السياسي، وتقدّمًا انتخابيًا، وتقدّمًا نيابيًا، فيزداد تأثيرنا السياسي، بحيث نكون فعليًا نحقّق آمال هؤلاء الناس، وتكونون على قدر المسؤولية التي وُضعت على أكتافكم. وبالتأكيد، أنتم ستكونون على قدر هذه المسؤولية وأكثر".
وختم قائلاً: "أتمنّى لكم كلّ التوفيق في مسيرتكم الحزبية، وبالتأكيد سنلتقي كثيرًا على دروب القضية. لكن في كلّ تصرّف تقومون به، تذكّروا أنّ المسؤولية كبيرة على أكتافكم. لدينا الناس الذين وضعوا آمالهم فينا، ولا يمكننا أن نُخيّب الناس. أشكركم، وإن شاء الله بالتوفيق".


