أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي إطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق في محافظة أبين جنوبي اليمن، تحت مسمى “عملية الحسم”، بهدف قطع الشريان الحيوي للتنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيم القاعدة.
وأكد المجلس أن العملية الجديدة تختلف عن الحملات الأخيرة التي ركزت على بسط السيطرة في محافظتي حضرموت والمهرة، إذ تستهدف هذه المرة تفكيك البنية القتالية لتنظيم القاعدة، وحرمانه من خطوط الإمداد البشرية واللوجستية، لا سيما القادمة من مناطق سيطرة جماعة الحوثي.
وبحسب مصادر ميدانية، بدأت وحدات من القوات المسلحة الجنوبية، الاثنين، انتشاراً ميدانياً واسعاً في المناطق الشمالية الشرقية من محافظة أبين، بمشاركة قوات الحزام الأمني، وقوات الدعم والإسناد، ومحور أبين القتالي، مع تعزيز خطوط التماس المتاخمة لمنطقة مكيراس، في إطار خطة عسكرية متكاملة لتأمين المديرية وربطها بالمناطق المحررة.
خطة استراتيجية لمواجهة الإرهاب
وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة الجنوبية، المقدم محمد النقيب، إن “عملية الحسم” تأتي ضمن خطة استراتيجية محكمة صُممت لمواجهة التهديدات المستجدة، وفي مقدمتها إعادة دفع عناصر إرهابية نحو أبين بدعم مباشر من الحوثيين، عقب خسارتهم خطوط الإمداد الرئيسة بعد سيطرة القوات الجنوبية على وادي وصحراء حضرموت ومحافظة المهرة.
وأوضح النقيب أن مسرح العمليات سيشهد توسعاً نوعياً وجغرافياً، يسمح بالوصول إلى مختلف بؤر التنظيم، بما في ذلك المناطق الجبلية الوعرة في مديريات مودية والمحفد وجيشان، وشمال شرق مديرية لودر، مؤكداً أن المعركة ضد الإرهاب طويلة الأمد وتتطلب جهداً تراكمياً نظراً لتعقيد الطبيعة الجغرافية وتشابك شبكات الإمداد.
وأشار إلى أن عملية “سهام الشرق” السابقة نجحت في تفكيك وطرد عناصر القاعدة من معاقل رئيسة، أبرزها وادي عومران، الذي ظل لعقود أحد أخطر أوكار التنظيم في اليمن والمنطقة.
وشدد النقيب على أن المعركة ستظل مفتوحة ما دامت شبكات التمويل والتسليح قائمة، محذراً مما وصفه بـ”تسييس النشاط الإرهابي” من قبل الحوثيين وجماعة الإخوان المسلمين، في محاولة لإرباك الجهود الأمنية في الجنوب.
أبعاد إقليمية ودولية
وأكد المتحدث أن العمليات العسكرية الجنوبية، بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة، تندرج ضمن حملة أمنية شاملة بدأت من عدن وبادية المكلا وساحل حضرموت، وصولاً إلى أبين وشبوة، بهدف اجتثاث الإرهاب وتأمين الجنوب.
وأشار إلى أن أهمية هذه العمليات لا تقتصر على البعد المحلي، بل تمتد إلى أبعاد إقليمية ودولية، نظراً لخطورة تنظيم القاعدة في اليمن، وضلوعه في تهديد الملاحة الدولية وخطوط الطاقة والتجارة في البحر الأحمر وخليج عدن.
تأمين حضرموت وإغلاق الثغرات الأمنية
من جهته، قال نائب رئيس دائرة الإعلام بالمجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح إن انتشار القوات الجنوبية في حضرموت جاء استجابة لمطالبات شعبية بإنهاء الفوضى وبسط الأمن، مؤكداً أن السيطرة على الوادي والصحراء أسهمت في إغلاق ثغرات أمنية استُخدمت لتهريب السلاح والمخدرات، ولتنشيط التنظيمات الإرهابية.
وفي السياق ذاته، باشرت قوات النخبة الحضرمية مهامها الأمنية في تأمين المدخل الشرقي لوادي وصحراء حضرموت، وإجراء عمليات تفتيش دقيقة، في إطار حماية خطوط العبور الدولية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
مرحلة حاسمة
ويرى مراقبون أن إطلاق “عملية الحسم” يمثل تحولاً نوعياً في معادلة مكافحة الإرهاب في اليمن، إذ أدى إلى تعطيل شبكات التهريب وخطوط الإمداد التي اعتمدت عليها التنظيمات المتطرفة، ما انعكس تراجعاً في قدرتها على المناورة وتنفيذ الهجمات.
وفي رد على الانتقادات الإيرانية، أكد عمرو علي سالم البيض، الممثل الخاص لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي للشؤون الخارجية، أن مكافحة الإرهاب يجب أن تكون أولوية مشتركة، مشدداً على أن الجنوب “لن يساوم على أمنه واستقراره، وسيضع مصلحة شعبه فوق كل اعتبار”.


