يترقّب اللبنانيون ظهور نتائج إيجابية من اللقاء الذي يُعقد في باريس اليوم الخميس، للبحث في ترتيب مؤتمر لدعم الجيش اللبناني، بمسعى فرنسي–سعودي، وبحضور قائد الجيش العماد رودولف هيكل، وذلك لدراسة الاحتياجات اللوجستية للجيش، عدّةً وعدداً، وتأمين الأموال اللازمة لزيادة عديده في منطقة جنوب الليطاني ليصل إلى عشرة آلاف جندي، إضافة إلى الحاجة الماسّة إلى ضباط وجنود لحماية الحدود الشرقية والشمالية، في ظل الأنباء المتداولة عن استمرار عمليات تهريب السلاح من سوريا إلى لبنان، والمحروقات بالاتجاه المعاكس من لبنان إلى سوريا.
ومع تزايد الحديث عن انكفاء الشباب المسيحي عن التطوّع في الجيش والمؤسسات العسكرية، واختيار الهجرة الطوعية طلباً للرزق إلى حين استقرار الأوضاع في لبنان، برز موضوع إعادة التجنيد الإلزامي كأحد الحلول المطروحة لسدّ حاجة البلاد من الجنود لحماية الحدود وتعزيز الأمن الداخلي.
الجلسة التشريعية
في الأثناء، يتواصل الجدل حول مصير الانتخابات النيابية المقبلة، فيما شكّلت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة تشريعية اليوم لمناقشة مشاريع القوانين المدرجة على جدول الأعمال، من دون الإشارة إلى دراسة الاقتراح المقدم من الحكومة لتعديل قانون الانتخاب بما يسمح للمغتربين بالتصويت للنواب الـ128، عاملاً أعاد الانقسام النيابي بين الكتل التي جدّدت مقاطعتها للجلسة، وتلك التي أكدت حضورها، وفي مقدّمها "اللقاء الديمقراطي"، ما قد يؤدي إلى تطيير النصاب وتعطيل عمل المجلس النيابي وإقرار المشاريع المقترحة.
وفي السياق نفسه، أكد "اللقاء الديمقراطي"، على لسان أمين سر الكتلة النائب هادي أبو الحسن، مشاركة اللقاء في الجلسة التشريعية اليوم، انطلاقاً من الواجب الوطني الذي يحتّم عدم تعطيل عمل المؤسسات الدستورية، منتقداً سياسة "الكيل بمكيالين"، لافتاً إلى أن الكتل النيابية جميعها تشارك أصلاً في النقاشات عبر اللجان المشتركة وغير المشتركة، كما ستشارك الشهر المقبل في الجلسة التشريعية المخصصة لدراسة مشروع الموازنة وإقراره.
وذكّر أبو الحسن بأن على جدول أعمال جلسة اليوم مشاريع قوانين واقتراحات مهمة تمسّ المواطن مباشرة، ولا سيّما تلك المرتبطة بمشاريع البنك الدولي المحكومة بمهل زمنية محددة، وبالتالي يجب إقرارها كي لا يخسر لبنان فرصة الاستفادة منها.
وفي الإطار نفسه، جدّد أبو الحسن التأكيد على موقف "اللقاء الديمقراطي" الداعي إلى إجراء الانتخابات في موعدها، مع قبول تأجيلها لفترة لا تتجاوز الشهرين كحدّ أقصى إذا اقتضت الضرورة، مشدداً على ضرورة احترام حق المغتربين في التصويت لمرشحيهم أسوة بالمقيمين، استناداً إلى المادة السابعة من الدستور.
كشف رئيس الجمهورية، خلال لقائه المجلس الجديد للجامعة الثقافية في العالم، أنه يعمل عبر التفاوض على تثبيت الأمن والاستقرار، ولا سيّما في الجنوب، مؤكداً أن التفاوض لا يعني الاستسلام. وأشار إلى ضرورة نقل الاغتراب الصورة الحقيقية عن لبنان إلى الخارج، لأن بعض الجهات "تعيش الحرب نفسها" لإجراء الانتخابات على هذا الأساس، مطمئناً إلى أن الوضع في لبنان جيد.
وشدّد عون على حق الاغتراب في المشاركة في القرار السياسي عبر الانتخابات، متمنياً ألّا تنعكس الصراعات القائمة على واقع الاغتراب، مؤكداً مسؤوليته في إعادة النهوض بالبلاد. ولفت إلى أنه يعوّل على مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب واهتمامه بملف السلام، معلناً أن همه الأساسي يتركز على إبعاد شبح الحرب، وإعادة الإعمار، وتثبيت الناس في أرضهم، مثنياً على دور الجيش والمؤسسات الأمنية في حفظ الأمن والاستقرار. وأعرب عن أمله بأن يشهد العام المقبل "ولادة لبنان والدولة الجديدة".
بدوره، أشار نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، بعد لقائه رئيس الجمهورية، إلى أنه لا يمكن إقرار قانون انتخابي من دون توافق سياسي، قائلاً: "هناك توجّه لإعادة فتح المهل، ما يعني تأجيلاً تقنياً للانتخابات لمدة شهرين".
وأوضح نائب رئيس الحكومة طارق متري أن التشرذم داخل مؤسسات الدولة معروف المصدر، وأن العمل مستمر لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية، ولا سيّما ما يُعرف بـ"قانون الفجوة المالية"، الذي يُنتظر إقراره قريباً لمعرفة مساره العملي. واعتبر أن الحكومة قامت بما هو ممكن ضمن الظروف القائمة، مؤكداً أن الجيش اللبناني يؤدي دوراً بارزاً ويتمتع بمصداقية واضحة، وهو ما لمسه السفراء ميدانياً خلال جولاتهم في منطقة جنوب الليطاني.
وفي ما يتعلق بسلاح "حزب الله"، كشف متري أن قائد الجيش اقترح خطة على مراحل تنطلق من تعزيز قدرات المؤسسة العسكرية، مشيراً إلى أن بسط سلطة الدولة في المنطقة الحدودية لنهر الليطاني يشهد تقدماً تدريجياً، مع اقتراب الجيش من إنهاء مهمته جنوب الليطاني، تمهيداً للانتقال إلى مرحلة لاحقة.
أما في ما يخص لجنة "الميكانيزم"، فرأى متري أنها تشكل مساحة نقاش وإطاراً للإشراف والتحقق من احترام الاتفاقات، مؤكداً التزام لبنان بها منذ اليوم الأول، في مقابل استمرار الخروقات الإسرائيلية. وأوضح أن المجتمع الدولي يربط ملف إعادة الإعمار ببسط سلطة الدولة كمدخل أساسي.
وفي ملف العلاقات مع سوريا، اعتبر متري أن لبنان أمام فرصة تاريخية لبناء نمط جديد من العلاقات قائم على التعاون والاحترام المتبادل.
تشدّد مصري
أشارت مصادر متابعة إلى أن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي يصل إلى بيروت في الساعات المقبلة، يحمل خطاباً عالي السقف ضد «حزب الله». وأوضحت المصادر، عبر "الأنباء الإلكترونية"، أن هناك تحوّلاً جديداً في مواقف الطبقة السياسية المصرية تجاه الحزب، ولا سيّما بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على خلفية ما وُصف بالتعاطي السلبي من قبل "حزب الله" مع المبادرة التي طرحها، على الرغم من كل ما أُشيع عن إيجابياتها، ما دفع القاهرة إلى تغيير لهجتها لتصبح أكثر تشدداً وتناغماً مع الدول المعنية بهذا الملف.


