بعد خمسة أشهر من الجدل الواسع الذي عُرف إعلاميًا بـ“فضيحة حفل كولد بلاي”، خرجت مديرة الموارد البشرية السابقة في شركة “أسترونومر”، كريستين كابوت، عن صمتها لتروي تفاصيل اللحظة التي غيّرت حياتها، عقب ظهورها في مقطع مصوّر جمعها بالرئيس التنفيذي السابق للشركة خلال حفل للفرقة العالمية في مدينة بوسطن.
وقالت كابوت، في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز نُشرت الخميس، إن ظهورها المفاجئ مع الرئيس التنفيذي آندي بايرون على الشاشة العملاقة داخل ملعب “جيليت” بولاية ماساتشوستس شكّل “صدمة كاملة”، مضيفة: “كنت أشعر بإحراج ورعب شديدين. أنا مديرة الموارد البشرية، وهو المدير التنفيذي. بدا المشهد مبتذلاً وفاضحًا للغاية”.
وبحسب روايتها، غادر الاثنان موقع الحفل فورًا، وجلسا معًا في حالة من الذهول في محاولة لاستيعاب ما حدث، قبل أن يتفقا منذ اللحظات الأولى على إبلاغ مجلس إدارة الشركة والبدء بمناقشة كيفية التعامل مع التداعيات. وقالت: “بدأت نوبات الهلع، وكنت أرى مستقبلي المهني ينهار أمام عيني”.
وأوضحت كابوت أنها لجأت إلى استئجار منزل منعزل لقضاء عطلة نهاية أسبوع بمفردها، هربًا من العاصفة الإعلامية التي أثارها المقطع وانتشاره الواسع على منصة “تيك توك”، إلا أنها لم تنم طوال تلك الفترة، وبقيت تتنقل داخل المنزل باكية وسط اتصالات ورسائل لا تنقطع.
وأضافت أن هاتفها امتلأ برسائل بعد تعرّضها لكشف بياناتها الشخصية، إلى جانب مكالمات متواصلة من منتجين في برامج إخبارية، ومحاولات متكررة للتواصل معها. وأقرت بأنها “اتخذت قرارًا سيئًا تلك الليلة”، موضحة أنها شربت الكحول وتصرفت بشكل غير لائق، مؤكدة أنها تتحمل مسؤولية تصرفاتها.
وكشفت كابوت أنها تعرّضت لاحقًا لحملة تشهير واسعة عبر الإنترنت، وسخرية من شخصيات عامة، إضافة إلى تلقيها عشرات رسائل التهديد بالقتل. وأشارت إلى أن مجلس إدارة شركة “أسترونومر” عقد اجتماعًا معها عبر الهاتف، أبلغها خلاله الأعضاء بأنهم يدركون أن “الخطأ بشري”، لكنهم بحاجة إلى دراسة الموقف قبل اتخاذ قرار نهائي، قبل أن تعلن الشركة لاحقًا فتح تحقيق داخلي.
وأكدت كابوت أن حياتها العائلية والاجتماعية تأثرت بشكل عميق، مشيرة إلى أن والدتها قالت إن “ظلامًا خيّم” على حياتها منذ الواقعة. وروت حوادث متعددة، من بينها تعرّضها وابنتها للتصوير في مسبح عام، ومواقف أخرى واجهت فيها إهانات علنية أثناء تواجدها مع أفراد عائلتها.
وأوضحت أن أكثر ما أثار خوفها لم يكن حجم الإساءات، بل الرسائل التي أظهرت معرفة بتفاصيل حياتها اليومية وأماكن تواجدها، قائلة: “كان أطفالي خائفين من أن أموت، وأن يموتوا هم أيضًا”، ما دفع العائلة إلى تجنب الظهور في الأماكن العامة.
كما كشفت كابوت أنها تقدمت بطلب الطلاق من زوجها أندرو كابوت، الذي أكد في بيان أن الزوجين كانا منفصلين وقت الحفل، مطالبًا باحترام الخصوصية. وأشارت إلى أنها بدأت تدريجيًا استعادة بعض أنشطتها مع انحسار الضجة الإعلامية، في مؤشر على تحسن حالتها النفسية.
ويرى خبراء أن ما تعرضت له كابوت يعكس نمطًا أوسع في ثقافة الإنترنت، حيث تتحول الفضائح الشخصية إلى حملات تشهير عامة، غالبًا ما تتحمل فيها النساء أعباء أخلاقية واجتماعية أكبر من الرجال. وقالت بروك دافي، الأستاذة المشاركة في جامعة كورنيل والمتخصصة في ثقافة الإنترنت، إن وسائل التواصل الاجتماعي تمتلك قدرة هائلة على تضخيم الأخطاء الفردية وتحويلها إلى أزمات عامة تمتد آثارها إلى الحياة المهنية والعائلية.
ورغم تراجع الاهتمام الإعلامي بالقضية، أكدت كابوت أنها لا تزال تعيش تداعيات الحادثة يوميًا، في قصة تطرح تساؤلات واسعة حول حدود الخصوصية وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الحياة الشخصية.


