هو قانونٌ لا يضمن استعادة ودائع اللبنانيين. صاغته الحكومة لتوزيع الخسائر والتّهرّب من مسؤولياتها، وإلقاء المسؤولية على القطاع الخاصّ والتّنصّل من المادة 113 من قانون النّقد والتسليف. شعبويّة وهروب إلى الأمام، ولا ضمان لاستعادة ودائع اللبنانيين.
الدّولة هي من صرفت ودائع اللبنانيين. وهذه هي الحقيقة التي يريدُ قانون الفجوة إخفاءها. لا يعني ذلكَ أنّ المصارف لا تتحمّل من المسؤوليّة، ولكن ليس من الصّواب أيضاً أن تُسمّى الودائع والدّيون "خسائر".
بدأت القصّة منذ عام 2010، وتحديداً مع انقلابِ حزب الله على حكومة سعد الحريري ومجيء ما يُعرف بحكومة القمصان السّود. منذ ذلكَ الحين سجّل الاقتصاد اللبنانيّ 0% نموّ، وبدأ بالتّراجع بفعل خطوات قوى محور الممانعة، ناهيكَ عن إدخال لبنان في صراعات الإقليم وزجّه بالحروب الوكالة وإبعاد الاستثمارات الأجنبيّة عن لبنان.
وعلى الرّغم من جميع ما سلفَ، بقيت الدّولة مُصرّة على سياسة الدّعم وتحديداً للكماليّات والمحروقات التي كانت تُهرّب إلى سوريا، وكذلكَ الدّولارات الطازجة التي كانت هي الأخرى تعبر الحدود نحوَ الدّاخل السّوريّ.
حصلَ كلّ ذلكَ أثناء تعثّر الدّولة اقتصاديّاً، وإصرارها على سياسة رمي أموال المودعين على الدّعم، وأيضاً لتمويل سلسلة الرّتب والرّواتب قبل انتخابات 2018، والتي تجاوزت كلفتها 3900 مليار ليرة لبنانيّة، من دون تخصيص أيّ إيرادات لتمويلها. هذا بالإضافة إلى خسائر الكهرباء، والتي تجنبت الدّولة إصلاح قطاعها وحدّ خسائره التي قُدّرت بأكثر من 25 مليار دولار في آخر 10 سنوات.
بعمليّة حسابيّة بسيطة ومن دون تعقيد للقارئ والمُودع، فإنّ هذه الأكلاف كانَ يُمكن تجنّبها بقرار سياسيّ، لكنّ حسابات الطبقة السياسية بما يتعلق بالانتخابات والمزاج العام، دفعتها لتسجيل خطوات شعبويّة على حساب المودعين.
وللتذكير أيضاً أنّ الدّولة اللبنانيّة هي الطّرف الذي تخلّفَ عن دفع مُستحقّات حاملي سندات "يوروبوندز"، الأمر الذي أدّى إلى إغراق المودعين في كارثةٍ ماليّة، تُريد الدّولة اليوم تحميلها للمودعين وعلى حسابهم.
أضِف إلى ذلك أنّ الحكومة اللبنانية تسعى وراء تحصيل 3 مليار دولار من صندوق النّقد الدّولي منذ 6 سنوات، علماً أنّها لو قامت بخطوات إصلاحيّة في الجمارك فقط، لكانت حصّلت ما بين 4 و6 مليار على مدى السّنوات الماضية. كما أنّ شروط صندوق النّقد تكون لمصلحته، لا لمصلحة المودِع ولا المصارف اللبنانيّة. فهو ليسَ جمعية خيرية، بل يريد تأمين استرداد أمواله. والأهمّ أنّ كلامَ وشروط الصندوق ليست مُنزلةً، والكلام عن كونها شرطاً أميركيّاً لدعم لبنان بغير محلّه، بدليل أنّ الموفدة مورغان أورتاغوس قالت إنّ لبنان لا يحتاج إلى صندوق النّقد، وذلكَ في أيّار 2025، خلال منتدى الدّوحة الاقتصاديّ.
كما أكّدت أنّ وصفات صندوق النقد الموحدة قد تعمّق الأزمات بدلاً من حلها، خاصة فيما يتعلق بخطوات مثل تخفيض الإنفاق العام ورفع الدعم. ولفتت إلى أنّ الإصلاحات المحلية وجذب الاستثمارات هما الطريق الأفضل، وأن لبنان لديه فرصة للنمو دون الاعتماد على القروض المشروطة. دعت القادة اللبنانيين لاتخاذ قرارات شجاعة لإصلاح الاقتصاد واستعادة الثقة.
وهذا ما يدحض كذبة أنّ صندوق النّقد شرطٌ أميركيّ.. في الحقيقة هو شرطٌ للدّولة للتنصّل من مسؤولياتها وشطب أموال المودعين.


