كشف تحقيق موسّع أجرته صحيفة نيويورك تايمز عن مصير عشرات من كبار مسؤولي النظام السوري السابقين المتورطين في أخطر فصول الحرب السورية، موضحاً أن كثيرين منهم ما زالوا أحراراً بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، ويتمتعون بحماية الثروة والدول المضيفة، فيما يواصلون الإفلات من المحاسبة.
ووفق التحقيق، فرّ الرئيس السابق بشار الأسد مع دائرته الضيقة إلى روسيا عقب هجوم خاطف شنّته فصائل معارضة، واستقروا في مجمّع فاخر تابع لفندق "فور سيزنز" في موسكو، حيث وفّرت لهم السلطات الروسية ترتيبات أمنية وإقامة مريحة.
كما شوهد شقيقه ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة، في مرافق الفندق، فيما أمضى آخرون أيامهم في التفكير بمستقبلهم بعد الهزيمة.
مصير 55 مسؤولاً
وتتبعت الصحيفة مصير 55 مسؤولاً أمنياً وعسكرياً وعلمياً ارتبطت أسماؤهم بالتعذيب والقتل واستخدام الأسلحة الكيميائية.
وخلصت إلى أن نصفهم تقريباً أمكن تحديد أماكن وجودهم، بينما لم يُحتجز سوى شخص واحد فقط حتى الآن.
كذلك أشار التقرير إلى أن معظم هؤلاء خضعوا لعقوبات دولية وبعضهم ملاحق بمذكرات توقيف، لكنهم تمكنوا من الاختفاء أو التنقل بجوازات سفر وأسماء مستعارة.
في روسيا، انقسم الفارّون بين قلة تعيش في رفاه واضح، تتسوق في مراكز فاخرة وتقطن في فلل وشقق بملايين الدولارات، وبين مئات الضباط الذين وصلوا على متن طائرات شحن عسكرية، وأُسكنوا في مرافق تعود للعهد السوفيتي بظروف متواضعة.
في حين فرضت موسكو قيوداً صارمة على تحركاتهم ومنعتهم من الظهور الإعلامي أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
حياة مترفة في أوروبا
كما أظهرت المعلومات أن عدداً من أفراد عائلاتهم يعيشون حياة مترفة في أوروبا، ويديرون أعمالاً أو يستثمرون في العقارات، رغم الاتهامات الخطيرة الموجهة إليهم، بما في ذلك الاتجار بالكبتاغون واستهداف المدنيين.
في المقابل، بقي بعض مسؤولي النظام داخل سوريا، مختبئين أو يعيشون في فقر وخوف من الاعتقال، بينما وثّق التحقيق حالة واحدة فقط لمسؤول كبير جرى توقيفه فعلياً.
كذلك أشار إلى أن ضحايا أكثر من خمسة عقود من حكم عائلة الأسد ما زالوا يجهلون أماكن جلاديهم ويتساءلون عما إذا كانوا سيُحاسَبون يوماً.
ونقل التقرير عن محامين وناشطين سوريين قولهم إن جهود ملاحقة المتورطين تصطدم بضعف الإرادة السياسية، وتركيز الحكومة السورية الجديدة على تثبيت سلطتها، إضافة إلى تردد دول أجنبية في تسليم حلفاء سابقين أو رغبتها في استخدامهم كمصادر معلومات.
ورغم ذلك، أكد التحقيق أن كثيرين من رموز النظام السابق، سواء في المنفى أو داخل سوريا، يصرّون على براءة ذممهم، بينما تبقى العدالة مؤجلة.


