دولي مقالات

خاص- هل تهيئ كوريا الشمالية ابنة الزعيم للرئاسة.. وماذا عن الكونفوشيوسية الأبوية؟

تحكي أفعال رئيس كوريا الشمالية كيم يونغ أون عنه، حيث لا يمكن أن يفلت من عقوبة الإعدام صغير أو كبير.كأن يعدم قريب أو مسؤول بأدوات تروق لمزاجه: إعدام بواسطة صاروخ مضاد للطائرات بـ"جنحة" النوم خلال عرض عسكري، أو قاذفة لهب بتهمة الصلة مع عمه الزعيم الذي أعدمه هو الآخر جانغ سونغ تيك، وكذلك زوج عمته، وشقيقه وغيرهم كثر. وفي مقابل صورة الزعيم الديكتاتوري، تبرز الى العلن في الآونة الأخيرة صورة الأب الحنون الذي يغدو طفلا طيبا يلاعب طفلته الملقبة بـ"الطفلة المحبوبة"، أو "الطفلة النبيلة" أو "الطفلة المحترمة" أو"الابنة الثمينة" أو "الابنة الحبيبة"، وممنوع على أي عائلة في "القمقم الشمالي" تسمية مولودتها باسم كيم جو آي، ذلك أنه اسم حكر على ابنة الزعيم البالغة من العمر 10 سنوات.  

خاص- هل تهيئ كوريا الشمالية ابنة الزعيم للرئاسة.. وماذا عن الكونفوشيوسية الأبوية؟

تقول "عيون" كوريا الجنوبية الاستخباراتية أنه ربما يجري إعدادها لتصبح الوريثة المحتملة لوالدها الزعيم، في حين يستبعد من يقرأ في تاريخ الشعوب أن تسيطر شابة على الجيش الذي يبلغ قوامه 1.2 مليون جندي، في بلد يسيطر عليه الذكور وله جذور عميقة في الكونفوشيوسية الأبوية. وهناك رأي ثالث يشهد بأن لا مستحيل مع الزعيم، وما يريده مقدس تماما كما ابنته التي تتبع مباشرة لنسب الأب المؤسس "كيم إل سونغ".

كيم جو آي

ظهرت كيم جو آي لأول مرة في تشرين الثاني/نوفمبر من العام المنصرم، جنبًا إلى جنب مع والدها أثناء تفقده لصاروخ هواسونغ -17. وكانت إلى جانبه في عملية الإطلاق. قبل ذلك التاريخ، لا أحد يعرف عن عائلة كيم أكثر من المسموح، لولا تسريب نجم كرة السلة السابق دنيس رودمان اسم الابنة بعد زيارة قام بها إلى من يصفه بـ"الصديق". أما الذكور من أبناء الزعيم، تؤكد بعض التقارير أن الطفل الأول صبي ولد في عام 2010، والثالث لم يتم الكشف عن جنسه ولكن ميلاده كان في عام 2017. وهناك من يزعم بأن طفله الأول يعاني وضعا صحيا خاصا، أو أنه يدرس في بلد ما باسم متخف. وتبقى هوية زوجة الزعيم ري سول جو ضبابية، يقول بعضهم أنها كانت مغنية في أوركسترا كوريا الشمالية الشهيرة "الأونهاسو"، ومن ثم غيرت اسمها بعد الزواج.

وتنامى اسم الابنة كيم جو آي بعد إصدار كوريا الشمالية ثمانية طوابع جديدة لإحياء ذكرى أحدث تجربة إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات، بينها خمسة من هذه الطوابع تحمل رسمها، إضافة الى تكرار تواجدها برفقة والدها في مناسبات مختلفة خولت الكوريين الشماليين التعرف إليها عن قرب. فأي صورة تشكلت عنها؟


البدانة تعني الثراء

يصف مواطنو كوريا الشمالية كيم جو آي بالـ"مختلفة تمامًا" عن أطفال "عامة الناس" الذين لا يحصلون على ثلاث وجبات في اليوم لأن البلاد تواجه نقصًا في الغذاء. وبحسب خبراء كوريون جنوبيون أخيرا، إن كوريا الشمالية ستعاني من نقص في مليون طن من الحبوب هذا العام، وهو ما يمثل حوالي 20 في المئة من حاجتها السنوية.

ويقارنها مواطن بأبنائه: "لابد أنها تأكل جيدًا، وجهها أبيض ممتلئ مثل القمر، أما ابنتي فعظام وجهها بارزة بفعل سوء التغذية". أما أسلوب حياة كيم جو آي مغلق، ولا يعرف عنه سوى أنها لا تذهب إلى المدرسة العادية لأنها تتلقى التعليم في المنزل، وتستمتع بركوب الخيل والسباحة والتزلج.

وإلى جانب "خديها المستديرين والورديين"، يشعر المواطنون بالاستياء من الطريقة التي تطل بها لجهة ارتداء أي شيء تحبه، مهما كان ثمنه، سواء من "ديور" أو "شانيل"، بينما يُعاقب الآخرون في البلاد لاتباعهم "الثقافة الرأسمالية" عندما يرتدون ملابس عصرية أو يطلقون شعرهم طويلا. ويتعين على المرأة هناك تجنب ارتداء التنورة القصيرة، والجوارب النسائية المثيرة، وكذلك اللباس الذي يحمل كتابات بالإنكليزية. وتعتبر المرأة التي ترتدي مثل هذه الأشياء، مخالفة للقانون وبإمكان الشرطة ضبطها، وعقوبة هذه المخالفة غرامة مالية.

العمّة يو جونغ

تنامى نفوذ شقيقة الرئيس الكوري الشمالي يو جونغ بعد أخبار عن مرض الزعيم، لتتبوأ في آب/أغسطس المنصرم منصب "الرجل الثاني" في السلطة، وتتولى مسؤولية العلاقات مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وهي توجه شؤون الدولة بشكل عام على أساس ذلك التفويض.

ويو جونغ الابنة الصغرى للزعيم السابق كيم جونغ إيل من زوجته الثالثة الراقصة السابقة كو يونغ هوي.بدأت المشوار في عالم السياسة مع والدها عندما خدمت في الحكومة، قبل تعيينها في عام 2014 نائب مدير إدارة الدعاية تحت إدارة شقيقها. ومنذ وفاة والدها، كانت بمثابة أقرب المقربين للزعيم الجديد كيم جونغ أون، وهي علاقة بنيت على أخوّة وزمالة دراسية في سويسرا. ونشأت في الغالب في ظل تربية متشددة، حيث كانت تقيم أعياد ميلاد عادية من دون بذخ أو ترف.

ومنذ سنوات، تشغل منصب مدير الدعاية في حزب العمال، وعادة ما تظهر في اللقاءات الرسمية إلى جانب الزعيم كيم، ويعتقد أنها تشغل المنصب ذاته حاليا إلى جانب عملها كمستشارة شخصية له. فما الذي تغير بعد ظهور "الابنة الثمينة" على الساحة؟


لمن الزعامة؟

على الرغم من تداول تقارير عن مخاطر تحيط بشقيقة الزعيم الكوري من أجل إفساح المجال للإبنة المدللة، ولاسيما أن لكيم سوابق في التخلص من عمه وأخيه غير الشقيق وعدد من أفراد أسرته، يبقى نظام كيم سري للغاية ولا أحد بإمكانه معرفة السبب الحقيقي وراء الظهور المفاجئ لابنة السلالة الحاكمة، وما يمثله من رسالة واضحة.

يقول بعض النقاد أن كيم يريد أن يجعل ابنته درعا لأخيها وأن تحظى بشعبية بين الجمهور والجيش، وأن تساعد شقيقها في تنفيذ السياسة بمجرد توليه السلطة. وهذا هو سبب ظهورها في الغالب في المناسبات العسكرية، مع الأخذ في الاعتبار أن إنشاء القوات المسلحة هناك سبق إنشاء الدولة. ويعني ذلك أن من يقود الجيش في وقت الأزمات هي مسألة ذات أهمية حيوية للبلاد.

وكانت ظهرت ابنة كيم في مناسبات متعددة في مقاطع فيديو وصور دعائية على ظهر حصان أبيض. في نسخة التاريخ الخاصة بسلالة كيم ، يعتبر الحصان الأبيض رمزًا قويًا للواجب المقدس للعائلة لقيادة مهمة كوريا الشمالية نحو مستقبل مجيد. وربما يكون مؤشرا عن ديكتاتور كوريا الشمالية القادم.

في النهاية ، كيم جونغ أون هو من سيقرر خليفته. يمكن أن يتخذ خيارًا مفاجئًا، أو قد يتضح أن ابنه غير موجود بالفعل. وفي كلتا الحالتين، لا يزال في الثلاثينيات من عمره وليس في عجلة من أمره لتسمية خليفة له، إلا إذا كان يعاني من مرض مميت. وعلى خط مواز، هناك من يربط بين التشريع الذي صدر قبل أشهر، ويسمح بشن ضربات نووية استباقية إذا تعرضت القيادة للتهديد. وفي إطلالة الابنة، ما مفاده أن الأبوة والعاطفة والـ"مودرن مان" في خانة، وحماية استقرار البلاد في خانة أخرى. أما الشؤون النسوية في القيادة، فإنها معروفة بحسب التقاليد الكورية الشمالية: الرجال للجيش والنساء لتحصيل الأموال اللازمة للانفاق على الأسرة، مع ما يتبع ذلك من تضحيات يجب أن تقدمها المرأة في كوريا الشمالية من أجل أن تحظى بلقب "الأم البطلة والمقاومة".

وإن غدا لناظره قريب.

يقرأون الآن