لبنان

قطر تنسق مع "اللقاء الخماسي" وموفدها لم يطرح "دوحة جديدة"

قطر تنسق مع

كمال ذبيان


لم تغب قطر عن لبنان، لا سياسياً ولا مالياً او اقتصادياً، كما في تقديم المساعدات لا سيما بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان صيف 2006، فكانت من الدول التي اعادت بناء ما تدمر وتحديداً في الضاحية الجنوبية وبنت جبيل، حيث كانت المساهمة القطرية الكبرى ورفع "محور المقاومة" شعار "شكراً قطر"، التي كان لها الدور الديبلوماسي، في وقف العملية العسكرية الصهيونية على لبنان.

وتعود قطر من جديد سياسيا لتساهم في حل ازمة انتخاب رئيس الجمهورية، بعد خمسة اشهر من الشغور، وهي احدى الدول الخمس المهتمة في الشأن اللبناني، ومهمة موفدها الى لبنان وزير الخارجية للشؤون الاقليمية الدكتور محمد بن عبد العزيز الخليفي، تدخل في اطار العمل والتنسيق من خلال اطار "اللقاء الخماسي"، الذي لم يضع خطة واحدة او واضحة بشأن الاستحقاق الرئاسي كاولوية، لكنه يشدد على البنود الاخرى المتعلقة بالاصلاح المالي والاقتصادي، الذي هو مطلب خارجي وعلى ان انقاذ لبنان، يبدأ منه، بعد انتظام المؤسسات الدستورية، في انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة اصلاحية، لانه عليها يقع التنفيذ، من خلال تقديم خطة التعافي الاقتصادي، تناقش مع صندوق النقد الدولي، كي يرى اذا كانت مطابقة للمواصفات او الشروط التي وضعها، ليقدم القرض المتوافر لديه للبنان، والمقدر بنحو 3 مليار دولار، على مدى اربع سنوات، يترافق مع اعادة هيكلة المصارف، وترشيد الانفاق على القطاع العام عبر ترشيق اعداد الموظفين، وهو الذي استنزف ايضا الخزينة، كما الكهرباء وخدمة الدين العام.

فالموفد القطري، جاء مستطلعا، وحكومته على دراية بالوضع اللبناني، المواكبة له منذ اتفاق الدوحة الذي اوقف اقتتالا داخلياً كاد ان يتوسع بعد احداث 7 ايار 2008، فجرى انتخاب رئيس للجمهورية هو قائد الجيش العماد ميشال سليمان، ثم في تقديم وديعة بقيمة 500 مليون دولار عام 2018، وهي لم تتأخر في المساعدة باطلاق سراح اسرى مخطوفين في سوريا، لدى "جماعات ارهابية"، كان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم المكلف بالمكلف، الذي نجح فيه.

لكل هذه الادوار، وآخرها تقديم مساعدات للجيش اللبناني، فان قطر مقبولة لبنانيا، وفق مصدر سياسي، لا سيما، بعد ان حصلت المصالحة بينها وبين السعودية، فلم تعد تشكل لها منافسا في لبنان وساحات اخرى، اضافة الى ان هذه الدولة الخليجية، لها علاقات جيدة مع ايران، لكنها لم تستعد علاقتها مع سوريا، لانها وقفت ضد النظام فيها، وساعدت واحتضنت المعارضة ضده، بالتحالف مع تركيا، التي تمد اليد الى سوريا، التي استقبلت وفدا من حركة "حماس" المدعومة من قطر، التي كانت علاقتها ممتازة مع القيادة السورية والرئيس بشار الاسد بشكل خاص، الى ان بدأت الاحداث في سوريا قبل 12 عاماً.

من هنا، فان قطر قد تؤدي دوراً متقدماً في حل الازمة الرئاسية اولا، ثم المشاكل اللبنانية الاخرى، بعد ان اصبحت شريكاً في "كونسوريوم" نفطي بنسبة 30% وحلت مكان شركة "نوفاتك" الروسية، وبمساهمة مع شركة "توتال انرجي" الفرنسية والتي تفتح الطريق للدوحة، لاعادة انتاج اتفاق جديد وهذه المرة بالتعاون بين اللبنانيين مع دول اخرى فاعلة ومؤثرة في لبنان، وهذه اشارة ايجابية بان الدول لم تتعب بعد من المسألة اللبنانية، وفق ما يؤكد المصدر، الذي يشير الى ان هناك مسؤولية على الداخل اللبناني، وتحديداً المسؤولين وقوى سياسية وحزبية، التي عليها ان يكون الرئيس "صناعة لبنانية" بدعم دولي - اقليمي – عربي، حيث تأتي زيارة الوزير القطري في اطار تقريب وجهات النظر بين الاطراف اللبنانية، وهذا ما حصل في اتفاق الدوحة.

ورافق الصمت الموفد القطري، الذي لم يحمل مبادرة محددة، ولا دخل في التفاصيل مع من التقاهم من قيادات سياسية وروحية، اذ كانت مهمته، محصورة، في معرفة ما تريده الاطراف من الاستحقاق الرئاسي، فكان مستمعاً، ثم مشجعاً على الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، لانه اذا لم يحصل ذلك، فان لبنان متجه حتما نحو الفوضى السياسية والدستورية والمالية والاقتصادية ، حيث يكشف المصدر ان الوزير الخليفي لم يطرح اسماء لرئاسة الجمهورية، وتحدث عن التوافق حول مرشح، ورمى الكرة في الملعب اللبناني، ولم يتحدث عن مؤتمر في الدوحة على غرار ما حصل في ايار عام 2008 وان الظروف التي فرضته، في تلك المرحلة مختلفة عنها في هذه الفترة، التي تحصل فيها متغيرات على مستويات عربية واقليمية ودولية، فمن العودة العربية الى سوريا، والحوار التركي – السوري، والاتفاق السعودي – الايراني برعاية الصين، والتحولات التي تجري على صعيد تركيب نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب.

وهذه التطورات، اين يقف منها لبنان في ازمته، التي بات حلها مرتبطا بخريطة طريق سترسم له من الخارج، كما في كل تاريخه السياسي القديم والحديث، اذ وقع تحت حكم القناصل من سبع دول، منذ العام 1864، مع انشاء متصرفية جبل لبنان، فان "اللقاء الخماسي" لدول اميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، وقد تنضم اليهم ايران وربما سوريا، بعد عودتها الى جامعة الدول العربية، ومشاركتها لبنان قد يكون يشبه تلك المرحلة وربط ازمته بما يقرره الخارج، الذي حث اللبنانيين على "لبننة رئاسة الجمهورية" لكنهم لم يفعلوا بعد...  

كمال ذبيان- صحيفة الديار

يقرأون الآن