عربي السودان

أزمة السودان.. إجلاء وتأهّب ونهب أسواق وأرواح

تردد دوي قصف متقطع في العاصمة السودانية الخرطوم، اليوم السبت، على الرغم من الهدنة التي أعلن عنها الجانبان المتحاربان، في حين قالت قوات الدعم السريع التي تخوض قتالًا ضد الجيش السوداني إنها مستعدة للسماح بإعادة فتح المطارات لإجلاء الرعايا الأجانب.

أزمة السودان.. إجلاء وتأهّب ونهب أسواق وأرواح

حمل اليوم الثامن من الاقتتال في السودان مشاهد موجعة لحجم الدمار الذي أتى على سوق بحري ومعالم المدينة ومخازن المواد الغذائية والطبية، وبينما العالم منشغل بإنقاذ جالياته من صندوق الموت الأسود المتمثل بالنزاع الأعمى بين طرفي النزاع: الجيش السوداني وقوات الدعم، أطلق المواطن السوداني صرخات استغاثة من حرب لا تعود عليه الا بالمزيد من الدمار والخسائر والفقر والعتمة. وبالدخول في الاسبوع الثاني، لا تزال الاشتباكات محتدمة في منطقة شرق النيل ومحيط مقر الإذاعة بأم درمان.

البرهان: ليس لي علاقة بالنظام السابق

أشار رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، إلى أن "مجموعات الدعم تتخذ المدنيين دروعا بشرية، وتخلي المستشفيات وتحولها لمرتكزات عسكرية، كما أنها حاليا منتشرة داخل الأحياء السكنية".

وأوضح البرهان، أن "كل المطارات تحت سيطرة الجيش، عدا مطاري الخرطوم ونيالا حتى الآن"، وأكد أن "الجيش هو قوات سودانية وطنية خالصة وليس خاضعا لأي شخص".

وقال، إنه "موجود حاليا في مركز القيادة، ولن يتركه إلا على نعش، ولا أحد يمكنه التكهن متى وكيف ستنتهي الحرب".

ورداً على قائد قوات الدعم السريع حميدتي، أكد البرهان، أن "تصريحاته كذب صريح"، قائلاً: "ليس لي علاقة بالنظام السابق، ومزاعمه يراد بها الفتنة والوقيعة مع الجيران".

وأشار إلى أنه "لا أحد يعرف أين حميدتي حتى قواته"، وتابع: "ولا تأكيد حتى الآن على دعم مجموعة "فاغنر" للدعم السريع".

وذكر البرهان، أن "التنسيق مع تشاد إيجابي ومستمر لضبط أي مسلح تابع للدعم السريع"، وأضاف إن "قائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر اتصل بي، وأكد أن دعمه للطرف الآخر لا صحة له".

حميدتي: ملتزمون بوقف إطلاق النار خلال الهدنة

وبدوره، أكد حميدتي، إلتزامه الكامل بوقف "إطلاق النار خلال فترة الهدنة"، مؤكداً "احترامه للقانون الدولي الإنساني".

ولفت إلى أنه "إتفق مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، على مسائل ضرورية سيكون لها تأثير مباشر على مجمل الأوضاع في البلا".

عبدالرحيم دقلو

ظهر القائد الثاني لقوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، اليوم السبت، موجها رسائل في عدة اتجاهات، بينها:"على البرهان الخروج والقتال مع أبناء الشعب وليس الزج به في الحرب والتخفي".

وأضاف:"طالبنا البرهان بعدم الكذب على الشعب السوداني، وسنخرجه وكباشي وياسر العطا من "البيد روم" الذي يتخفون فيه".



نقابة الأطباء

واعتبرت نقابة الأطباء السودانية أن "الضغط لإجلاء الرعايا الأجانب يدلّ على فشل مطالب وقف إطلاق النار واستمرار النزاع المسلح"، مناشدةً المجتمع الدولي، في بيان، "للضغط على طرفي النزاع لفتح ممرات آمنة لنقل الجرحى والجثث".

كذلك، كشفت نقابة أطباء ⁧‫السودان‬⁩ عن "إستهداف 6 سيارات إسعاف ومنع عدد من الطواقم من العبور بين مناطق المعارك لنقل المرضى".

الصحة العالمية

وقالت منظمة الصحة العالمية، أمس الجمعة، إن 413 شخصًا لقوا حتفهم وأصيب 3551 منذ اندلاع القتال في السودان قبل ستة أيام. ومن بين القتلى خمسة على الأقل من موظفي الإغاثة.

تشاد.. واللجوء

توقع مدير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في تشاد بيير أونورا وصول مزيد من اللاجئين من السودان عبر الحدود هربا من القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.

وعبر ما بين عشرة آلاف و20 ألف سوداني الحدود إلى تشاد بالفعل بعد أسبوع من بدء القتال في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى في البلاد.

وقال أونورا إن 400 ألف لاجئ سوداني فروا خلال صراعات سابقة منتشرون في 14 مخيما بمنطقة الحدود في تشاد.

وأضاف: "برنامج الأغذية العالمي سيستعد لاستقبال 100 ألف على الأقل. من المرجح أن يكون هناك المزيد، لذلك علينا أن نكون مستعدين".

وتابع: " أغلب من وصلوا في الأيام القليلة الماضية كانوا من النساء والأطفال من قرى على الحدود".

وأردف "عدد الأطفال مدهش. فوجئنا برؤية هذا العدد الكبير من الأطفال يعبرون الحدود. فُطرت قلوبنا لرؤية النساء والأطفال تحت الأشجار. عانى بعضهم من العنف واحترقت منازلهم ودُمرت قراهم ونُهبت أحياؤهم تماما".

وختم أونورا: "هناك ضرورة ملحة لتوفير مياه شرب كافية في المنطقة الصحراوية القاحلة".


الخارجية الأميركية

وحث وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، المقاتلين على الإلتزام بالهدنة قائلًا إن "القيادة العسكرية والمدنية في السودان يتعين أن تبدأ على وجه السرعة في مفاوضات بشأن وقف إطلاق نار قادر على الصمود لمنع مزيد من الأضرار".

السعودية

أعلنت وكالة الأنباء السعودية "واس" وصول مواطني المملكة الذين تم إجلاؤهم من جمهورية السودان وعددٍ من رعايا الدول الشقيقة والصديقة بينهم ديبلوماسيون ومسؤولون دوليون، في عملية إجلاء نفذتها القوات البحرية الملكية السعودية بإسناد من مختلف أفرع القوات المسلحة".

وأوضحت أنه "بلغ عدد المواطنين الذين تم إجلاؤهم 91 مواطناً، فيما بلغ عدد الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من الدول الشقيقة والصديقة نحو 66 شخصاً، يمثلون الجنسيات التالية الكويت، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، وتونس، وباكستان، والهند، وبلغاريا، وبنغلاديش، والفلبين، وكندا، وبوركينا فاسو. حيث عملت المملكة على توفير كامل الاحتياجات الأساسية للرعايا الأجانب تمهيداً لتسهيل مغادرتهم إلى بلدانهم".

الخارجية المصرية

 أعلنت وزارة الخارجية المصرية أنها تتابع مع أجهزة الدولة المعنية والسلطات السودانية أوضاع الجالية المصرية في السودان، بهدف الإعداد لعمليات الإجلاء.

وقالت الوزارة في بيان: "ننسق ونتابع على مدار الساعة مع كافة أجهزة الدولة المعنية والسلطات السودانية، والسفارة المصرية في الخرطوم وقنصليات مصر في بورسودان ووادي حلفا، أوضاع الجالية المصرية في السودان، وذلك بهدف الإعداد لعمليات الإجلاء للراغبين في العودة فور توفر الظروف الميسرة لذلك".

وناشدت الخارجية جميع المصريين الموجودين في السودان إلتزام مناطق سكنهم وتجنب التواجد في مناطق التوتر والإنفلات الأمني، مع التحلي بالهدوء والإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة مع التمثيل الديبلوماسي والقنصلي المصري في السودان، إلى حين ورود الإرشادات الخاصة بعمليات الإجلاء.

لبنان

وأعلنت وزارة الخارجية اللبنانية، أنه "في إطار متابعة أوضاع اللبنانيين المتواجدين في السودان والراغبين بالتوجه على مسؤوليتهم الشخصية برا الى الحدود المصرية، نأمل إيداع صور عن جوازات سفرهم الى سفارة لبنان في القاهرة على رقم الواتس آب التالي- القنصل إبراهيم شرارة: ٠٠٢٠١٢٢٠١١٣٢٢٢ +201220113222".

ونصحت، بعدم إستعمال "السيارات الخاصة للتوجه الى المراكز الحدودية، والإستعاضة عن ذلك بوسائل نقل جماعية حرصا على أمنهم وسلامتهم، كما يطلب الى اللبنانيين الراغبين بالمغادرة برا تحديد النقطة الحدودية المزمع الدخول منها إلى الاراضي المصرية التي يعود لها وحدها صلاحية إعطاء الاذونات، علما أن السفارة اللبنانية في القاهرة ستبلغكم بها فور تبلغها موافقة السلطات المصرية المختصة".

الأردن

ومن جهتها، أعلنت الخارجية الأردنية، عن "بدء تنفيذ خطة لإجلاء المواطنين الأردنيين الموجودين في السودان وفقا للوضع الأمني".

العراق

أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحّاف أنه "تم بنجاح إجلاء الكادر الديبلوماسي العراقي من مبنى السفارة في الخرطوم بعملية نوعيّة"

كما وأوضحت الوزارة أنها "تنسق مع دول شقيقة لإجلاء آمن للرعايا العراقيين في السودان البالغ عددهم نحو 300 شخص".

الكويت

كما وأعلنت وزارة الخارجية الكويتية، وصول المواطنين الكويتيين الذين كانوا عالقين في السودان إلى جدة تمهيدا لنقلهم إلى الكويت.

وللمناسبة، تقدمت الوزارة بالشكر للسلطات السعودية على توفير كافة التسهيلات لنقل مواطنيها".

فلسطين

وأعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية، عن بدء الإستعدادات لإجلاء رعاياها، طالبة من الخرطوم، تشكيل "خلية أزمة مركزية لهذا الغرض".

بريطانيا

وترأس رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، إجتماعا للجنة الحكومية للإستجابة للطوارئ، اليوم السبت، لبحث الموقف في السودان بحضور وزير الدفاع بن والاس.

وحدثت الخارجية البريطانية، توصياتها بخصوص التحركات في السودان، وحذرت من أن "المسؤولية عن أي قرار بالتحرك في حالة وقف إطلاق النار يجب أن تكون شخصية".

اليونان

وفي هذا الإطار، ناقش وزير الخارجية اليوناني مع مفوض السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي تنسيق عمليات إجلاء المواطنين اليونانيين.

المجر

كذلك، أعلن زير الخارجية المجري بيتر سيارتو، إجلاء "14 مجريا و48 آخرين معظمهم أميركيون وإيطاليون من السودان إلى مصر".

هنغاريا

أعلن وزير الخارجية الهنغاري بيتر سيارتو أن بلاده "ساعدت في تنفيذ عملية دولية لإجلاء المواطنين الأجانب من السودان"، حيث يستمر النزاع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وأضاف الوزير: "تم تنفيذ عملية إجلاء دولية تحت قيادة هنغاريا، شارك فيها ديبلوماسيون من دول أخرى".

وذكر الوزير، أنه تم خلال عملية الإجلاء استخدام "سفينة بحرية مملوكة جزئيا لهنغاريا"، كان يجب عليها نقل بشكل إجمالي 48 شخصا من الرعايا الأجانب من السودان إلى مصر، من بينهم 14 شخصا من هنغاريا كانوا يمارسون الغوص في السودان، بالإضافة إلى مواطنين من 11 دولة أخرى، معظمهم من الإيطاليين والأميركيين".

قصف مدفعي

قال الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني نبيل عبدالله، إن "الجيش أخمد التمرد، وخلص السودان من أكبر مشروع انتهازي في تاريخ البلاد، ولكن يصعب تحديد مدى زمني معين لنهاية العملية ونسعى جاهدين للقضاء على التمرد".

وأضاف أن "الحياة بدأت تعود تدريجيا في العاصمة وبقية المدن".

وصرح شاهد لـ"رويترز" بأن "القصف المدفعي استمر حتى ساعة متأخرة في الخرطوم وإن كان أقل حدّة ممّا كان عليه في وقت سابق اليوم".

وأعلن جيش السودان وقوات الدعم السريع في بيانين منفصلين إنهما وافقا على هدنة لمدة ثلاثة أيام كي يستطيع شعب السودان الإحتفال بعيد الفطر.

وجاء في بيان الجيش "تأمل القوات المسلحة أن يلتزم المتمردون بكل متطلبات الهدنة ووقف أي تحركات عسكرية من شأنها عرقلتها".

من جهتها، أعلنت قوات الدعم السريع، السيطرة الكاملة على التصنيع الحربي، و"يجري حصر العتاد المستولى عليه".


وقالت قوات الدعم السريع إنها مستعدة لفتح جميع مطارات السودان بشكل جزئي حتى تتمكن الحكومات الأجنبية من إجلاء رعاياها، مضيفةً أنها "ستتعاون وتنسق وتوفر جميع التسهيلات التي تمكن المغتربين والبعثات من مغادرة البلاد بسلام".

وتبادل جنود الجيش ومسلحون من قوات الدعم السريع إطلاق النار في أحياء من العاصمة حتى أثناء صلاة العيد. واستمر دوي إطلاق النيران طوال يوم أمس الجمعة ولم يقطعه إلا ضجيج صوت المدفعية والضربات الجوية.


نفاد الطعام والمياه

ويفاقم القتال صعوبة مغادرة السكان لمنازلهم والإنضمام لحشود المغادرين من الخرطوم.

وقال محمد صابر ترابي (27 عامًا)، وهو من سكان الخرطوم، الذي يرغب في زيارة والديه على بعد 80 كيلومترًا من المدينة بمناسبة العيد، إنه في كل مرّة يحاول فيها مغادرة المنزل تحدث إشتباكات.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن "عددًا متزايدًا من الناس ينفد منهم الغذاء والمياه والكهرباء، من بينهم أشخاص في الخرطوم". 

وبدأت قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع صراعًا عنيفًا على السلطة في مطلع الأسبوع. ولقي المئات حتفهم حتى الآن وبات السودان الذي يعتمد على المساعدات الغذائية "على شفا كارثة إنسانية" بحسب وصف الأمم المتحدة.

رويترز

يقرأون الآن