وستكون هذه القمة استثنائية، رغم أنها الدورة العادية الـ 32 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى قادة وزعماء الدول، إلا أن استثنائيتها تكمن في توقيتها والظرف الذي تنعقد فيه.
ورغم أجندة البحث المزدحمة بالعديد من القضايا والملفات العربية الساخنة، من فلسطين إلى لبنان مروراً بالأوضاع الملتهبة في السودان وليبيا، والأزمة اليمنية، إلا أن القمة التي ترأسها المملكة العربية السعودية، نجحت قبل أن تنعقد، إذ إنها تشهد عودة سوريا إلى مقعدها، ومشاركة الرئيس بشار الأسد بعد نحو 12 عاماً من الغياب عن الحضن العربي.
وعُلّقت عضوية دمشق في جامعة الدول العربية ردا على قمعها الاحتجاجات التي خرجت في العام 2011 إلى الشارع قبل أن تتحوّل إلى نزاع دام، أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص.
ويرى خبراء أنّ دعوة الأسد للمشاركة في قمة جدة، تظهر أيضا نفوذ السعودية التي تسعى راهنا إلى البروز كصانعة سلام في المنطقة، بعدما تغلّبت على اعتراضات عدد من الدول، من بينها قطر، لإعادة سوريا إلى الحضن العربي خلال مباحثات في القاهرة مطلع الشهر الجاري.
وبالإضافة لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، من المتوقّع أن تتصدّر جدول أعمل القمة، أزمتان رئيسيتان: النزاع المستمر منذ شهر في السودان بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، والنزاع في اليمن المستمر منذ أكثر من ثماني سنوات.
وتُعقد القمة في جدة حيث يتفاوض ممثلو الطرفين السودانيين منذ نحو عشرة أيام، برعاية مسؤولين أميركيين وسعوديين.
وفي اليمن، تدفع السعودية نحو اتفاق سلام بين "الحوثيين" والحكومة التي تدعمها بينما لم تؤد الجهود الدبلوماسية السعودية في الملفين إلى مكسب كبير، لكن محللين وكتّاب رأي سعوديين متفائلون.
موجة مصالحة
تسارعت التحوّلات الدبلوماسية الأخيرة بعد اتفاق مفاجئ بوساطة صينية أسفر عن استئناف العلاقات التي كانت مقطوعة بين السعودية وإيران، أعلن عنه في 10 آذار/ مارس الماضي.
وبعد أقل من أسبوعين، أعلنت السعودية أنها بدأت محادثات حول استئناف الخدمات القنصلية مع سوريا، الحليف المقرب من إيران، قبل أن تعلن قرار إعادة فتح بعثاتها في البلاد، وتلا ذلك تبادل زيارات لوزراء خارجية البلدين للمرة الأولى منذ أكثر من عقد.
وفي دليل على اهتمام الجانب السوري بالمشاركة في القمة، شارك وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، أول من أمس الأربعاء، في جلسة تحضيرية للقمة المرتقبة.
وليس واضحا ما إذا كانت الجامعة العربية ستتمكّن من القيام بجهود فاعلة بشأن قضايا ملحّة مثل مصير اللاجئين السوريين وتجارة "الكبتاغون" التي تُتهم دمشق بدعمها.