حثّت اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) على تحرك فوري لمعالجة الوضع الحرج الذي يعيشه الناس في سوريا، مؤكدةً أن كلفة عدم التحرك "لا تحتمل"، وستُثقل كاهل السكان في المقام الأول، وعلى المجتمعات المحلية الضعيفة أن تواجه، إلى جانب النزاع والزلزال الأخير، التضخم الجامح والإنكماش الإقتصادي وانهيار خدمات الصحة العامة ودمار المنازل وخطر تعطل البنى التحتية الحيوية.
وأشارت اللجنة الدولية، خلال استضافت الإتحاد الأوروبي لمؤتمر بروكسل السابع بشأن "دعم مستقبل سورية والمنطقة"، في بروكسل، إلى أن ما يقارب 90 في المئة من السوريين، يعيشون اليوم تحت خط الفقر، ويحتاج أكثر من 15 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، وهو توجه ظلّ ثابتًا في السنوات الماضية، لافتةً إلى أن انهيار البنى التحتية الحيوية مدعاة قلق داهم.
وأكدت أن التدابير التقييدية والعقوبات الدولية أعاقت استيراد قطع الغيار اللازمة لصيانة البنى التحتية الحيوية في المدن الرئيسية، وهو السبب الذي يدفع اللجنة الدولية إلى أن تواصل الدعوة إلى إدراج استثناءات مُحدّدة الإطار ومستدامة في نُظم العقوبات التي لا تتضمن بعد مثل هذه الاستثناءات. وتضرر معظم محطات تكرير المياه وباتت تعمل بقدرات متدنية، وهو ما أدى إلى تدنٍ مقلق لإمكانيات الوصول إلى مياه الشرب.
وكشفت اللجنة أنها كثّفت استجابتها في أعقاب الزلزال، في شراكة مع الهلال الأحمر العربي السوري، من أجل تلبية الاحتياجات المتنامية، فقدّمت مواد إغاثية أساسية، وخدمات الرعاية الصحية، والماء، والدعم في مجال الصحة النفسية، وأعادت تأهيل المرافق، وخاصة المدارس، التي تُستخدم كمآوٍ. بالإضافة إلى ذلك، عملت اللجنة الدولية بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري على تحسين إمكانيات الحصول على مياه الشرب ووفرّت محوّلات لإعادة تشغيل التيار الكهربائي.
ودعت اللجنة الدولية الدول المانحة إلى قطع التزام دولي فوري بالحفاظ على البنى التحتية الحيوية والخدمات الأساسية، وضمان إمكانية مواصلة استجابة إنسانية شاملة بينما يجري العمل على إيجاد حلول مستدامة.
كاربوني: علينا التحرك الآن!
من جهته، رأى المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط باللجنة الدولية، فابريزيو كاربوني أن على المجتمع الدولي أن يواجه "الحقيقة الصعبة"، التي تؤكد أن الوضع في سوريا لا يُحتمل وأن عدم التحرك سيترك تداعيات خطيرة على جميع المعنيين، وسيعيق أي احتمالات للتوصل إلى تعافٍ مستدام". وقال: "لا يمكننا أن نغضّ الطرف عن معاناة الناس في سوريا. وعلينا أن نمنح الأولوية للحفاظ على البنى التحتية الحيوية وتقديم استجابات إنسانية شاملة".
وأضاف كاربوني: "ليس انهيار هذه الخدمات الأساسية تهديداً بعيداً، بل إن احتمال حدوثه مرتفع جداً، وستكون له تداعيات مدمرة على الشعب السوري، إذا لم تُتخذ التدابير اللازمة لمنع حدوثه".
وتابع: "يمكننا إذا استثمرنا في تلبية هذه الاحتياجات الحيوية أن نولّد أثراً إيجابياً مضاعفاً. وسيمكّن هذا الأثر السوريين من أن يحسنوا إمكانية حصولهم على الخدمات الأساسية بالحدّ الأدنى، وهو ما من شأنه أن يُسهم في إعادة بناء حياتهم ويزوّد المنظمات الإنسانية بالقدرات اللازمة لتعزّز بشكل كبير فعالية مساعداتها وأثرها. فلنتحرك الآن".