منذ سنوات يقف فهري بالحاج أمام حرارة الفرن المرتفعة لينتج عن طريق النفخ في الزجاج، فناً يأسر القلوب في محاولة لإحياء فن تشكيل الزجاج أو ما يسمى في تونس بحرفة "البلورالتي".
تعتبر صناعة الزجاج من الحرف التقليدية التي توارثتها الأجيال في تونس حيث تمثل الحرف اليدوية مقوما أساسيا في النسيج الثقافي.
ويقول بالحاج (40 عاما) لرويترز، وهو من محافظة نابل في شمالي تونس، إن "تصنع قطعة بلورية بأنفاسك وتعطيها من روحك فتتحول إلى جزء منك تعامله برفق حتى لا تشوبه شائبة هي المتعة في أبهى تجلياتها".
وفضل بالحاج أن يتميز في مهنته على الرغم من صعوبتها وما تحمله من مشقة وجهد في محاولة منه لإعادة الإهتمام بهذه الحرفة التي تراجعت منذ وقت طويل.
ووفقا لبيانات الديوان التونسي للصناعات التقليدية، تسهم الحرف اليدوية بنسبة إثنين في المئة من إجمالي صادرات تونس، وتوفر عشرة بالمئة من فرص العمل سنويا حيث تنتشر ورش الحرف التقليدية في مختلف المحافظات التونسية ويصل عدد العاملين بها إلى 142 ألفا.
وأشار بالحاج إلى أن شغفه بصناعة الزجاج دفعه ليتعلمها.
وأضاف: "درست وتعلمت تصميم الزجاج في مركز للتكوين المهني في تونس من أجل إعادة إحياء هذا الفن، والعمل فيه دون كلل أو ملل".
ويشارك فهري في المعارض المحلية وكان يصدر قبل ثورة 2011 إلى فينيسيا لكن بعدها وبسبب صعوبات في الحصول على ما يحتاجه من المواد الخام يبيع منتجاته عبر وسائل التواصل الإجتماعي.
الملابس التقليدية
أرادت هيفاء الحوات أن تشغل وقت فراغها دون مغادرة بيتها إذ إنها أم لطفلتين، ولذلك اتجهت إلى حرفة الأجداد فن تطريز الملابس التقليدية التونسية.
واستطاعت هيفاء في ظرف أربع سنوات أن تفرض نفسها من خلال منتجات تقليدية أدخلت عليها بعض التجديد لتخطو خطواتها الأولى بثبات في تأسيس مشروعها الخاص.
وتحدثت هيفاء لرويترز، والابتسامة لا تغادر محياها وكأنها تصف فخرها وحبها لهذه الحرفة التي تعلمتها بمفردها من خلال مشاهدة فيديوهات مصورة على موقع يوتيوب، وكأنها تقول أيضا: "أنا هنا بدأت من لا شيء فأصبحت أملك مشروعا ناجحا".
وأضافت هيفاء البالغ عمرها 30 عاما: "حين يكتشف الإنسان شغفه الحقيقي تتحول حياته إلى عالم من المتعة والسعادة".
وتابعت: "العمل في مجال التطريز ممتع وجميل فكأنك تحيك بأناملك قطعا فنية خالدة وما علينا إلا تطوير أنفسنا والإنخراط في بيئة عمل تشجع الإبتكار والإجتهاد ونشجع غيرنا على ما نقوم به".
ولم تستأثر هيفاء بالنجاح لنفسها بل شاركته مع العديد من السيدات، حين بدأت في تعليمهن التطريز عقب حصولها على شهادات معترف بها في تونس.
نسبة الشباب قليلة
من جانبها قالت سامية فوراتي المكلفة بالإعلام والإتصال في الديوان التونسي للصناعات التقليدية لرويترز إن "نسبة الشباب أقل من 40 سنة الذين يستثمرون في قطاع الصناعات التقليدية يقدر بنحو 57 في المئة في 2022 بزيادة نحو 12 في المئة عن 2021".
وأضافت: "نسبة تشغيل المرأة في القطاع تقدر بحوالي 83.4 في المئة في 2022، وأن نسبة الوافدين على القطاع من مستوى التعليم العالي ارتفع إلى 11 في المئة في 2022 بعد أن كان في حدود 9.4 بالمئة في 2021".