حيث يقول باحث كيمياء الكواكب، البروفيسور (شين ستون) من جامعة أريزونا في توكسون: " هذا يغير تماما الطريقة التي اعتقدنا بها أن الهيدروجين، على وجه الخصوص، قد ضاع في الفضاء، حيث تم تشكيل سطح المريخ من خلال تدفق المياه، ولكن الكوكب اليوم عبارة عن صحراء قاحلة، ففي السابق اعتقد العلماء أن مياه المريخ اختفت على شكل تدفق بطيء وثابت، لأن أشعة الشمس تقسم الماء وتبخره في الغلاف الجوي السفلي، ما أدى إلى انتقال وانتشار الهيدروجين تدريجيا إلى الغلاف الجوي العلوي للمريخ."
لكن مركبة MAVEN، التي كانت تدور حول المريخ منذ عام 2014، حصدت جزيئات الماء في الغلاف الجوي المتأين للمريخ، على ارتفاع حوالي 150 كيلومترا، وقد كان ذلك مفاجئا حقا، حيث كانت أعلى منطقة شوهدت فيها جزيئات المياه في المريخ على ارتفاع 80 كيلومترا فقط.
والجدير بالذكر أن تركيزات جزيئات المياه هذه قد اختلفت مع تغير الفصول على كوكب المريخ، حيث بلغت ذروتها في الصيف الجنوبي، عندما تكون العواصف الترابية الموسمية أكثر شيوعا، فخلال عاصفة ترابية عالمية في عام 2018، قفزت مستويات المياه أعلى من ذلك، مما يشير إلى أن العواصف الترابية ترفع المياه في "تناثر مفاجئ"، وذلك بحسب ما قاله البروفيسور ستون.
كما وتجدر الإشارة إلى أن الجزء العلوي من الغلاف الجوي لكوكب المريخ مليء بالجزيئات المشحونة والمهيأة للتفاعلات الكيميائية السريعة، خاصة مع جزيئات الماء، لذلك ينقسم الماء هناك بسرعة، بحيث يحدث ذلك في المتوسط لمدة أربع ساعات فقط، تاركا ذرات الهيدروجين تطفو بعيدا في غلافه، وهذه العملية أسرع بعشر مرات من الطرق المعروفة سابقا التي يفقد بها المريخ الماء.
بالإضافة إلى ذلك، وجد الباحثين أن هذه العملية يمكن أن تفسر فقدان المريخ ما يعادل محيطا عالميا بعمق 44 سنتيمتر خلال المليار سنة الماضية، بالإضافة إلى محيط عالميا آخر بعمق 17 سنتيمتر خلال كل عاصفة ترابية، ولكن لا يمكن أن يفسر ذلك فقدان المريخ بالكامل للمياه، حيث أن العلماء يعتقدون أن هذه الاكتشافات مجرد بداية.