على الرغم من الإعلان في أيار/مايو الفائت بأن ملكة البوب والمشاعر تبذل مجهودا كبيرا للعودة الى الساحة الفنية، إلا أن "متلازمة الشخص المتيبس"، والتي تصيب واحدا في المليون، وتخلف آلاما وتصلبا لعضلات الجسم ، تبقي جولتها الأخيرة بعنوان "الشجاعة" معلقة إلى أجل غير معلوم، وربما الى اللاعودة بإعلان عائلتها قبل أيام أن سيلين اختارت بيع منزلها في بوسطن، وتبلغ قيمته نحو 30 مليون دولار، بغرض العودة الى موطنها كندا، ولأن الفريق الطبي أوصى بذلك.
ابنة "كيبيك"
لم تكن سيلين ديون، ابنة بلدة شارلمان في مقاطعة كيبيك الكندية، المولودة عام 1968، تجيد التحدث بالإنكليزية، لتبدأ رحلة الغناء مبكرا باللغة الفرنسية، مطلقة عام 1981 أول ألبوم " La Voix du Bon Dieu "، بتشجيع من عائلتها المعروفة بجمال خامة الصوت، وتحمل الرقم 14 بين أخواتها. فكان أن وجد فيها والداها تريز تانغواي وأديمار ديون "منجم الذهب" لأسرة متواضعة الحال، إنما متماسكة جدا.
هكذا اتخذت الوالدة الخطوة الأولى بوضع ابنتها على الدرجة الأولى من سلم نجومية أخذها لتغدو بعد أعوام النجمة الأكثر مبيعا، بنسبة قياسية بلغت 200 مليون نسخة في جميع أنحاء العالم. ومن ينسى صوتها العابر للأجيال، في أغنية فيلم "تيتانيك": "مي هيرت ويل غو أون"، أو في فيلم "الجميلة والوحش"..
بداية الأسطورة ..
تتشارك عائلة سيلين الشغف نفسه: الموسيقى. حتى أن والديها وأخوتها الـ13 نالوا شهرة في مونتريال حيث أدوا أغنيات جماعية في بداية المشوار الفني. وبتميز سيلين عن إخوتها، في سن الثانية عشرة، كتبت أغنيتها الأولى بمساعدة والدتها وشقيقها جاك بعنوان: "لقد كان مجرد حلم". وأرسلت والدتها الأغنية الى المغني اللبناني السوري الأصل رينيه أنجليل. كان رينيه مدير أعمال مغنية كيبيك جينيت رينو، والتي تمت بصلة قرابة لعائلة ديون.
ومنذ تعرف الى صوتها، دعاها الى مكتبه، ليسلمها قلم رصاص ويطلب منها: "هذا هو الميكروفون الخاص بك. الآن غني كما لو كنت أمام جمهور واسع". وبإيمانه بصوتها القوي، رهن رينيه منزله ليمول ألبومها الأول: "لقد كان مجرد حلم". ومنذ ذلك الحين، لم يسجل التاريخ ولادة مغنية أسطورة فحسب، وإنما قصة حب تظهرت بأشكال فنية مؤثرة.
وبرواج الألبوم على المستوى العالمي، وافق الشاعر الغنائي إيدي مارني، الذي عمل مع نجوم بينهم إديث بياف وإيف مونتاند وباربرا سترايسند، على كتابة الأغاني لسيلين. وفي المرة الأولى التي سمع فيها مارني صوت سيلين، صرخ: "إنه صوت الرب الطيب!". فكانت تلك العبارة عنوانا لأول تعاون فني بينهما.
ميداليات وشهرة
فازت سيلين بالميدالية الذهبية في مهرجان ياماها العالمي الثالث عشر للأغنية الشعبية في طوكيو، عام 1982. غنت أمام جمهور بلغ 115 مليون مشاهد تلفزيوني. كانت تبلغ من العمر 14 عامًا فقط. بعد ذلك، ظهرت لأول مرة على شاشة التلفزيون في فرنسا، في البرنامج الشهير Champs-Élysées . في ذلك الحفل، أعلن مقدم الحفل: "إنها سيلين ديون.. تذكروا هذا الاسم جيدا".
اللغة الإنكليزية
وبعد عام من النجاح والشهرة والتألق، اختارت سيلين أن تأخذ قسطا من الراحة. غابت عن الجمهور لمدة 18 شهرا بغرض تعلم لغات أخرى، ومن ثم أطلقت أولى ألبوماتها باللغة الإنكليزية بعنوان " Unison "، لتكتسب شهرة واسعة في أميركا الشمالية وسائر البلدان المتحدثة بهذه اللغة. كان أول ألبوم يتم إنتاجه باستخدام علامة التسجيل الجديدة الخاصة بها ، CBS ، والتي ستصبح Sony Music .
غزو عالمي
عام 1988، فازت ديون في مسابقة "يوروفيجن" أمام جمهور من 600 مليون مشاهد تلفزيوني. كانت تلك اللحظة بداية غزوها للعالمية. وبتطور حياتها المهنية، حققت المغنية حلمها الأميركي الخاص بها بفضل الأغنية الرئيسية لفيلم والت ديزني "الجميلة والوحش"، ليفوز بجائزة غرامي وجائزة الأوسكار.
قوة الحب
بعد إطلاق أغنية "بور أوف لوف"، أعلنت ديون بأن مدير أعمالها رينيه هو حب حياتها. عارضت العائلة بداية نظرا لفارق العمر بينهما، إلا أنها رضخت أمام إصرار سيلين التي لم تندم يوما بارتباطها به. وفي 17 كانون الأول/ديسمبر 1994 ، تزوجت سيلين من حب حياتها في كنيسة نوتردام في مونتريال. كان حفل زفاف مناسبًا لأميرة، ومذهلاً بقدر ما كان خياليا.
قوة الحلم
في 19 تموز/يوليو 1996، غنت سيلين ديون لجمهور تلفزيوني بلغ 3.5 مليار مشاهد "قوة الحلم" خلال مراسم افتتاح دورة الألعاب الأولمبية بأتلانتا. كان هذا هو الانتصار النهائي: لقد أصبحت الآن أشهر مطربة على هذا الكوكب. وبعد خمسة أعوام، حققت أهم دور في حياتها: أنجبت طفلها الأول رينيه تشارلز أنجليل. ومن ثم تتالت جولاتها، في جنوب أفريقيا ، ثم انتقلت إلى آسيا وأستراليا وأوروبا وكندا والولايات المتحدة: 5 قارات و 23 دولة و 93 مدينة و 3 ملايين متفرج.
خسائر بالجملة
في نهاية عام 2013 ، أتى الخبر الصادم: بدأ رينيه في محاربة السرطان. وبعد أشهر، أعلنت سيلين أنها أرجأت جميع ارتباطاتها للبقاء على مقربة من زوجها. عادت إلى المنزل لتعتني بزوجها وعائلتها. فكان أن طلب منها زوجها أنه يريد رؤيتها على المسرح مرة أخرى. أراد أن يسمعها تغني لآخر مرة. وهكذا استأنفت سيلين حفلاتها، لتودع زوجها عام 2016. لقد صنفه الجمهور بأنه رجل الظل الذي احتل مكانة مهمة في القلوب. وبعد وفاته بيومين، خسرت سيلين شقيقها الأقرب إليها دانيال.
تحدي المرض
فاقمت خسائر سيلين لأحبتها، بدءا من ابنة شقيقتها التي توفيت في الـ16 من عمرها وغنت لها بحرقة، الى زوجها وشقيقها، من صحتها النفسية لتصاب بالهزال وبمرض عصبي حاولت التغلب عليه من خلال قبول عرض البطولة في أول فيلم لها بعنوان "الحب مجددا"، من بطولة بريانكا تشوبرا وجوناس وسام هيوجان. ولأنها لم تأخذ منذ بدء مسيرتها استراحة تذكر، إذ كانت تقدم سنويا أكثر من ألبوم، تراكمت خطوط العمر على وجهها معلنة في أيار/مايو الفائت بدايات استسلام جسدها لمتلازمة "الشخص المتيبس".
وكان أن صارحت جمهورها: " آسفة جدا لإحباط آمالكم جميعا مرة أخرى. أنا أعمل بجد لإعادة بناء قوتي، لكن التجول قد يكون صعبًا للغاية، وليس من العدل أن أستمر في تأجيل العروض. ذلك يكسر قلبي ، فمن الأفضل أن نلغي كل شيء الآن حتى أكون جاهزة حقًا للعودة إلى المسرح مرة أخرى. أريدكم جميعًا أن تعرفوا، لن أستسلم ... ولا أطيق الانتظار لرؤيتكم مرة أخرى".