حصل شهر حزيران/يونيو عام 2023 على لقب جديد وهو "يونيو الأكثر سخونة على الإطلاق" وفقًا لتحليل درجة الحرارة العالمية التابع لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) وعدة هيئات أخرى حول العالم.
وسجّل أول أسبوع من شهر تموز/يوليو الحالي، رقمًا قياسيًا جديدًا في ارتفاع درجات الحرارة في العديد من الدول التي تمر بموجة حارة تاريخية في الوقت الراهن.
صيف تاريخي.. والدول تنازع
في الصين مثلًا، ونتيجة موجة الحر الشديدة، أعلنت مؤسسة استثمار الطاقة الصينية، أنّ "إجمالي توليد الكهرباء بلغ 4.09 مليارات كيلوواط/ساعة في تموز/يوليو، بزيادة قدرها 210 ملايين كيلوواط ساعة عن اليوم السابق".
وفي الإطار عينه، إنطلقت التحذيرات في أميركا خوفًا من مستويات حرارة خطيرة قد تضر بصحة ثلث السكان.
وكانت درجات الحرارة في أنحاءٍ من أميركا الشمالية أعلى بنحو 10 درجات مئوية عن المتوسط هذا الشهر، في حين غطّت سحب الدخان الناتج عن حرائق الغابات، سماء كندا والساحل الشرقي للولايات المتحدة مع انبعاثات كربونية يقدر حجمها بنحو 160 مليون طن متري.
وعانت العديد من المناطق في جنوبي أوروبا وفرنسا وإسبانيا من درجات حرارة قصوى، كما أفادت تقارير عن انهيار السياح في اليونان، حيث وصلت درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية أو أعلى.
إرتفاع قياسي لدرجات الحرارة
سجّلت الهند، وهي واحدة من أكثر المناطق تأثرًا بتغير المناخ، زيادة في عدد الوفيات بسبب استمرار ارتفاع درجات الحرارة، كما سجلت إسبانيا وإيران وفيتنام إرتفاعًا شديدًا في درجات الحرارة، مما أثار المخاوف من أن يصبح صيف العام الماضي، الذي أسقط وفيات، أمرًا معتادًا.
وفي كندا، قالت السلطات إنه عام "غير مسبوق" من نواح كثيرة.
وتجاوزت مساحة الأراضي التي احترقت حتى الآن هذا العام في كندا 24 مليون فدان، متجاوزة بذلك الرقم القياسي السابق في البلاد.
وتوجب إجلاء أكثر من 155 ألف شخص نتيجة للحرائق، وهو أكبر عدد من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم في العقود الأخيرة.
وفي السعودية، كسرت درجات الحرارة في حزيران/يونيو كل الأرقام القياسية. وكانت درجات الحرارة أعلى بمقدار 0.9 درجة مئوية من الرقم القياسي السابق، الذي سجل عام 1940، وهو فارق هائل.
وتتعرض غزة لموجة حارة قفزت معها درجات الحرارة إلى 38 درجة مئوية.
وتشهد الأرجنتين موجة حر غير مسبوقة منذ أكثر من 6 عقود، مما استدعى توجيه تحذيرات من درجات حرارة قصوى في تسع مقاطعات في وسط البلاد وشمالها، وفق ما أفادت السبت هيئة الأرصاد الوطنية.
وأفاد خبير المناخ إينزيو كامبيتيلا أنّ "موجة حر واحدة تشكل جزءًا من التنوع المناخي المألوف. ولكن مع التغير المناخي، نرصد موجات أكثر كثافة واستدامة في كل القارات".
لبنان لم يسلم من موجة الحر
يشهد لبنان موجة حرّ، مصدرها الخليج العربي حيث ارتفعت درجات الحرارة الى ما فوق معدلاتها الموسمية، واقتربت إلى عتبة الأربعين درجة بقاعًا.
وعلى الرغم من التحذيرات البيئية، إندلعت الحرائق في معظم المناطق اللبنانية ومنها، جونية، عاليه، عكار، الناعمة، بيروت وغيرها.
تحذير من خطر النوبات القلبية والوفاة
أفادت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية اليوم الثلاثاء، بأنّ "موجة الحرارة التي يشهدها نصف الكرة الأرضية الشمالي ستتصاعد هذا الأسبوع، مما قد يترتب عليه ارتفاع درجات الحرارة ليلًا"، مضيفةً أنّ "ذلك من شأنه أن يؤدي لزيادة مخاطر النوبات القلبية والوفيات".
وذكرت المنظمة في بيانٍ، أنّ "درجات الحرارة في أميركا الشمالية وآسيا وفي أنحاء شمالي أفريقيا والبحر المتوسط ستتجاوز 40 درجة مئوية لأيام عديدة من الأسبوع الجاري مع اشتداد موجة الحرارة".
ماذا عن شهر آب؟
يتوقّع بعض المتخصصين في هذا النطاق أن شهري حزيران/يونيو وتموز/يوليو يفتحان الباب لموجة حر إضافية في شهر آب/أغسطس يمكن أن تكون استثنائية إذا استمر صيف 2023 على هذا الحال.
ويجمع العلماء على أن ما يحدث اليوم يدلّ على مشكلة كبرى يواجهها كوكب الأرض وهي التغيّر المناخي، بحيث تؤكّد دراسة علمية في جامعة هاواي، أنّ "أكثر من 30% من سكان العالم يتعرضون لمدة 20 يومًا على الأقل لظروف حرارية تتجاوز عتبة التعرض لخطر الوفاة، وبحلول عام 2100 سوف ترتفع تلك النسبة إلى 48% في حال أخذنا حذرنا وبدأنا في التقليل من نفث غازات الصوبة الزجاجية (الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري)، وستصل إلى 74% في حال ظل السيناريو الحالي لأفعالنا ولاستجابات الطبيعة قائمًا. وهذا ما يدلّ على كارثة مناخية حقيقية يمكن أن تتعرض لها الأرض.
وهنا المشكلة الحقيقية. فموجات الحر تحدث من حين إلى آخر، لكن التغير المناخي يرفع من معدلاتها، فتحدث أكثر، وتتجاوز أرقامًا قياسية، وطول مدة الواحدة منها، فتطول الموجات الحارة لأسابيع وشهور وليس أيامًا كما اعتدنا عليها قديمًا.