أصدر أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تقريره السنوي حول تطبيق القرار 1701 بناء على ما قدّمته منسّقة الأمم المتحدة الخاصة في لبنان يوانا فرونتسكا للفترة ما بين 21 شباط/فبراير إلى 20 حزيران/يونيو 2023، والذي على أساسه بنى غوتيريش تقريره.
ويتألف التقرير من 23 صفحة وهو يتضمن 91 نقطة بينها مقدمة تحتوي تقييماً شاملاً لتنفيذ القرار 1701 الصادر عام 2006 وتشير إلى أن "الطرفين اللبناني والإسرائيلي لم ينفّذا بعد كامل التزاماتهما بموجب القرار 1701 ولم يُحرَز أي تقدم نحو التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل".
وجاء في التقرير: " رصدت في 6 نيسان/ابريل إطلاق 24 صاروخاً من السماعية والمالكية وزبقين عابرة إلى جنوب الخط الأزرق. وفي 7 نيسان/ابريل شنّ الجيش الإسرائيلي غارات جوية على ثلاثة مواقع قريبة من مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين".
وذكر أن "أشغال البناء والهندسة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي بالقرب من الخط الأزرق كانت سبباً في إشعال فتيل التوتر في عدة مناسبات في عيتا الشعب وحولا وصوّب أفراد من الجيش اللبناني ومن الجيش الإسرائيلي أسلحتهم نحو بعضهم بعضاً بالقرب من مارون الراس وعيترون وتكرر ذلك في بليدا (…) وأدت حوادث وقعت في مزارع شبعا المحتلة أيضاً إلى إشعال التوتر. ففي 7 أيار/ مايو لاحظت القوة المؤقتة وجود خيمة يزيد حجمها على 30 متراً منصوبة جنوب الخط الأزرق بالقرب من بسطرة، ورصدت في وقت لاحق اجتياز أفراد الخط الأزرق من جهة الشمال مراراً للوصول إلى الخيمة. وفي 30 أيار تمّ تركيب كاميرات تعمل بنظام الدوائر التلفزيونية المغلقة بجوار الخيمة. وفي 17 حزيران/يونيو لوحظ وجود خيمة ثانية، وقد طلبت القوة المؤقتة من الجيش اللبناني إزالة هاتين الخيمتين".
وعرض التقرير كذلك لما حصل "بالقرب من كفرشوبا حيث قام أفراد بإلقاء الحجارة وانتهاك الخط الأزرق من جهة الشمال وإشهار أفراد الجيش الإسرائيلي أسلحتهم واستخدامهم الغاز المسيل للدموع".
اسرائيل تنتهك الأجواء
وأشار الى "مواصلة إسرائيل خرق المجال الجوي اللبناني في انتهاك للقرار 1701 وللسيادة اللبنانية، مسجلاً 131 انتهاكاً وبلغ مجموع ساعات التحليق 187 ساعة و7 دقائق ونُفّذ نحو 85 في المئة من الانتهاكات بواسطة مركبات جوية مسيّرة عن بُعد و5 في المئة بواسطة طائرات مقاتلة و10 في المئة بواسطة مركبات غير محددة الهوية".
ورصدت القوة المؤقتة 609 انتهاكات برية ارتكبها لبنانيون يرتدون الملابس المدنية عبروا إلى جنوب الخط الأزرق، بما يشمل 372 انتهاكاً ارتكبها رعاة ومزارعون و237 انتهاكاً ارتكبها أفراد آخرون. واجتاز الجيش اللبناني الخط الأزرق بالقرب من المجيدية وبسطرة ومروحين في تسع مناسبات كان أكثرها لغرض نزع فتيل التوتر. ورصدت القوة المؤقتة اجتياز ذراع حفارة إسرائيلية الخط الأزرق 11 مرة بالقرب من مركبا وميس الجبل وعرب اللويزة.
وأضاف: "للمساعدة في إبقاء المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من الأفراد المسلحين غير المأذون بهم ومن الاعتدة والأسلحة غير المأذون بها، احتفظت القوة المؤقتة بالتنسيق الوثيق مع الجيش اللبناني بما عدده 16 نقطة تفتيش دائمة و79 نقطة تفتيش مؤقتة مع قيام القوة بما متوسطه الشهري 489 عملية لمكافحة إطلاق الصواريخ. وعقب حادث إطلاق الصواريخ الذي وقع في 6 نيسان/ابريل زادت البعثة من عمليات مكافحة إطلاق الصواريخ مما متوسطه اليومي 12 عملية إلى 30 عملية في الفترة من 7 إلى 24 نيسان/ابريل.
ولاحظت القوة المؤقتة 303 مرات وجود أسلحة غير مأذون بها في منطقة عملياتها، بما في ذلك 285 مرة لاحظت فيها وجود أسلحة صيد بها. ورصدت القوة 18 مرة وجود مدفع رشاش خفيف وبنادق هجومية وبنادق بعيدة المدى، كما رصدت مرة واحدة وجود أسلحة غير محددة ووجود مسدسات ثلاث مرات. ورصدت ثماني مرات وجود أسلحة ليست من أسلحة الصيد في ميدان الرماية الواقع قرب زبقين ولاحظت منذ شهر آذار/ مارس وجود علمين لونهما أصفر يحملان فيما يبدو شعارات حزب الله، منصوبين في ميدان الرماية بزبقين، وأبلغت القوة الجيش اللبناني بكل هذه الانتهاكات".
وبالنسبة إلى دوريات "اليونفيل" في الجنوب، "حافظت القوة المؤقتة على كثافة عالية في عملياتها وعلى حضور واضح، فنفّذت 14034 نشاطاً عملياتياً كل شهر، من بينها 6193 دورية راكبة أو جوية أو راجلة. ورغم احترام حرية تنقّل القوة المؤقتة في معظم الحالات، فإن البعثة واجهت قيوداً عدة أعاقت حركتها.
وقد وقع أخطر حادث من ذلك النوع في 16 نيسان/ابريل بالقرب من ميس الجبل حيث أوقف 17 ملثماً منهم شخصان يحملان مسدسات دورية تابعة للقوة، ووجّه أحد الملثمين ضربة لقائد دورية القوة أصابت رأسه، وحينما حاولت الدورية المغادرة أتلف شخصان نوافذ مركبتها وإطاراتها باستخدام فأس، وأصيب ثلاثة من حفظة السلام بجروح طفيفة. ووقعت حوادث أخرى عرّضت سلامة حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة وأمنهم للخطر بما في ذلك مواقف صُوّبت فيها الأسلحة نحوهم. ففي 22 و31 آذار/مارس وفي 6 و18 و20 حزيران/يونيو أيضاً، صوّب الجيش الإسرائيلي الأسلحة بما فيها فوهة دبابة في حادث 31 آذار/مارس نحو أفراد فريق مراقبي لبنان بالقرب من يارون وكفرشوبا وبليدا ومروحين".
وفي بند الملاحظات، جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة ما يلي: "لقد أصبح الوضع السياسي القائم في البلد غير قابل للاستمرار، ولذا أدعو جميع الجهات صاحبة المصلحة أن تسارع بروح من التوافق والتراضي إلى انتخاب رئيس جديد تحقيقاً لمصلحة الشعب اللبناني ودعماً لاستقرار البلد. فاستمرار الشغور في الجهاز التنفيذي للدولة مع قيام حكومة تصريف لتصريف الاعمال بتسيير شؤون البلد أمر ينال من قدرة لبنان على التصدي للتحديات التي تواجهه".
وأعرب عن القلق "من استمرار وقوع الحوادث واستعراض القوة بالقرب من الخط الأزرق بما في ذلك عن طريق إطلاق النيران في الهواء واستخدام قنابل الدخان والقنابل الصاعقة وتصويب الأسلحة نحو الجانب الآخر وإلقاء الحجارة. فالمواجهات بين الجيش الإسرائيلي والجيش اللبناني وكذلك بين الأفراد والجيش الإسرائيلي يمكن أن تؤدي إلى التصعيد مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب وخيمة. وبغية التقليل من البقع الساخنة المحتملة أشجع الطرفين على استخدام الصيغة الثلاثية للقوة المؤقتة بغية استئناف المناقشات بشأن ما تبقّى من نقاط مثيرة للخلاف على طول الخط الأزرق".
وأضاف الأمين العام "مازلت أشعر بقلق بالغ إزاء وجود أسلحة غير مأذون بها في المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والخط الأزرق، واستمرار الافتقار إلى الدعم اللازم لكي يتسنى الوصول إلى ميادين الرماية أمر غير مقبول. وإقامة البنى التحتية في شمال الخط الأزرق وإن كانت لا تشكل انتهاكاً للقرار 1701 تهدّد حرية تنقل القوة المؤقتة كما يتضح من الحوادث التي وقعت في الآونة الاخيرة. وإني ألاحظ بقلق بالغ إجراء حزب الله تدريباً عسكرياً في 21 أيار شارك فيه مقاتلون مسلحون يرتدون الزي العسكري ويحملون الأسلحة الثقيلة، فهذا انتهاك للقرار 1701 وأدين احتفاظ حزب الله وجماعات مسلحة أخرى غير تابعة لدول بأسلحة غير مأذون بها لا تخضع لسيطرة الدولة كما أدين اعترافها المتكرر بذلك".
وتابع “إنني أهيب بالحكومة اللبنانية مرة أخرى أن تتخذ جميع الإجراءات اللازمة حتى لا تكون هناك أي أسلحة في لبنان غير أسلحة الدولة اللبنانية أو سلطة غير سلطتها بما في ذلك التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف وقراري مجلس الأمن 1559 و1680 اللذين يطالبان بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان. وأكرر دعوتي إلى تناول عناصر القرار 1701 التي لم تنفذ بعد ومسألة استراتيجية الدفاع الوطني. وفي هذا الصدد، يظل تنفيذ القرارات السابقة المتخذة في إطار الحوار الوطني أمراً يتسم بالأهمية وتحديداً تنفيذ القرارات المتعلقة بنزع سلاح التنظيمات غير اللبنانية وتفكيك القواعد التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة وتنظيم فتح الانتفاضة”.
بلدة الغجر
وتناول الأمين العام مسألة بلدة الغجر فقال "إن مواصلة الجيش الإسرائيلي احتلاله الجزء الشمالي يشكل انتهاكاً مستمراً للقرار 1701 يجب أنهاؤه، ويؤسفني عدم إحراز أي تقدم بشأن مسألة مزارع شبعا".
وختم مهيباً بالحكومة اللبنانية "التقيّد بسياستها المتعلقة بالنأي بالنفس بما يتفق مع اعلان بعبدا لعام 2012، وأدعو جميع الجهات الفاعلة اللبنانية إلى الكف عن المشاركة في النزاع السوري وغيره من النزاعات، وأدين أي تنقل للمقاتلين أو نقل للعتاد الحربي عبر حدود لبنان مع سوريا".
وحول قضية اللاجئين قال إن "الجهود التي يبذلها لبنان لحماية اللاجئين فريدة من حيث نطاقها ومازلت أقدّر للشعب اللبناني ما يبديه من حسن ضيافة ملحوظ. ومازالت الاستجابة القوية والموحدة للاحتياجات المتزايدة للاجئين والمجتمعات المحلية التي تستقبلهم إلى جانب توفير التمويل المناسب لها مطلباً ذا أهمية حيوية. وفي هذا الصدد يشكل تحديد حالة جميع الوافدين في الفترة التي تلت عام 2015 في إطار ترتيبات تبادل البيانات خطوة ذات أهمية. وإنني أشعر بقلق شديد إزاء تصاعد الخطاب المعادي للاجئين الذي يقوّض حماية اللاجئين في لبنان وينال كذلك من الاستقرار الاجتماعي في البلد. وأحث السلطات اللبنانية على العمل بهمة على نزع فتيله بغية تلافي أي تفاقم للتوترات الاجتماعية. كما أهيب بالسلطات اللبنانية أن تكفل التطبيق المتسق للضمانات القانونية والاجرائية وأن تتمسك بمبدأ عدم الإعادة القسرية".