بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وصعود قوى عالمية جديدة على الساحة الدولية تمثلت بالولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وقعّت 12 دولة عام 1949 على معاهدة عسكرية أسست لـ "حلف شمال الأطلسي" وهذه الدول هي: الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وفرنسا، وثماني دول أوروبية أخرى، على معاهدة شمال الأطلسي، وتعهدت بحماية بعضها البعض بالوسائل السياسية والعسكرية.
على مدى عقود منذ ذلك الحين، توسع التحالف ليشمل 30 عضوًا هم: ألبانيا، بلجيكا، بلغاريا، كندا، كرواتيا، جمهورية التشيك، الدنمارك، إستونيا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، المجر، أيسلندا، إيطاليا، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبورغ، الجبل الأسود، هولندا، مقدونيا الشمالية، النرويج، وبولندا، والبرتغال، ورومانيا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، وإسبانيا، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة.
يهدف الناتو إلى تعزيز السلام والإستقرار وحماية أمن أعضائه
الهدف من الناتو؟
كان الهدف من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة هو حماية دول أوروبا الغربية من التهديد الذي يشكله الإتحاد السوفياتي، ومواجهة انتشار الشيوعية بعد الحرب العالمية الثانية.
يعمل الناتو كتحالف أمني جماعي بهدف توفير الدفاع الجماعي المتبادل، بين الدول الأعضاء عبر الوسائل العسكرية والسياسية في حالة تعرض أي بلد عضو في الحلف لأي تهديد خارجي.
The principle of collective defence is at the very heart of NATO’s founding treaty
— NATO (@NATO) May 23, 2023
وجاء في الفقرة الخامسة من المادة الخامسة لميثاق تأسيس الحلف والمتعلقة بالدفاع الجماعي: "تتفق الأطراف على أنّ أي هجوم مسلح ضد أي عضو أو أكثر في الحلف سواء في أوروبا أو أميركا الشمالية، يعدّ هجومًا ضد جميع أعضاء الحلف. ويتفق الأعضاء في الحلف على أنّه في حالة وقوع هجوم مسلح، يحق لجميع الأعضاء ممارسة حق الدفاع عن النفس بشكل أحادي أو جماعي بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، لمساعدة العضو أو الأعضاء الذين تعرضوا لهجوم بكافة الوسائل الممكنة فورًا سواء بشكل أحادي أو جماعي، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لإستعادة الأمن في منطقة شمال الأطلسي والحفاظ عليه".
تمّ تفعيل المادة الخامسة مرة واحدة من قبل الولايات المتحدة إثر هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام 2001
كيف يمكن للدول أن تنضم إلى الحلف؟
قد يستغرق الأمر عامًا للتقديم والإنضمام إلى عضوية الناتو، ويجب أن توافق جميع الدول الأعضاء على أنّه يمكن لدولة جديدة الإنضمام، اضافة الى أن لا تكون الدولة التي تطلب العضوية في حالة حرب.
ويجب أن تتمتع الدول الأعضاء في الناتو بحكم ديمقراطي، وأن تُعامل الأقليات بإنصاف وتلتزم بحل النزاعات سلميًا، كما يجب عليها أيضًا تقديم الدعم العسكري للتحالف.
حلف وارسو
رد الإتحاد السوفياتي على الناتو بإنشاء تحالف عسكري خاص به، يتكون من دول أوروبا الشرقية الشيوعية، أطلق عليه حلف "وارسو". إثر مؤتمر ضمّ دول الكتلة الشرقية في العاصمة البولندية وارسو. وقد ساهم في ميلاد الحلف دخول جمهورية ألمانيا الإتحادية (الغربية في ذلك الوقت) إلى منظمة حلف شمال الأطلسي في 9 مايو/أيار 1955، وهو ما رأى فيه الإتحاد السوفياتي تهديدًا جدّيًا.
نصّت اتفاقية وارسو على أنّ الدول المنّضمة للحلف، ستدافع عن أي دولة عضو تتعرض للهجوم من طرف قوة خارجية، وأنشأت لتحقيق ذلك جيشًا تحت قيادة الماريشال السوفياتي إيفان كونيف.
بيد أنّ الأحداث الكبيرة التي تلت ذلك من سقوطٍ لجدار برلين عام 1989، وانهيار للإتحاد السوفيتي عام 1991، مهّدت الطريق أمام إنشاء نظام أمني جديد في أوروبا بعد حقبة الحرب الباردة.
وبعد انهيار الإتحاد السوفياتي، سقط حلف "وارسو"، والدول التي خرجت منه انضمت بمعظمها إلى حلف الناتو، من بينها بولندا نفسها.
Fall of Berlin Wall: How 1989 reshaped the modern world https://t.co/yUguhEjehf
— BBC News (UK) (@BBCNews) November 5, 2019
عام 1999، انضمت دول مجموعة "فيسغراد" وهي المجر وبولندا وجمهورية التشيك إلى الناتو، أمّا في عام 2004 فقد انضمت إلى الحلف دول مجموعة "فيلنيوس" وهي بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا.
عام 2009، وافق حلف الناتو على انضمام ألبانيا وكرواتيا، ليبلغ عدد أعضائه 30 دولة مع انضمام الجبل الأسود عام 2017 ومقدونيا الشمالية عام 2020. ومؤخرًا، تمّ إدراج ثلاث دول هي البوسنة والهرسك وجورجيا وأوكرانيا تحت فئة الدول الطامحة للإنضمام.
وعقب الهجوم الروسي على أوكرانيا (24 شباط/فبراير 2022)، تقدمت السويد وفنلندا بطلب للإنضمام إلى الناتو في وقت سابق من العام الجاري، فيما تمكنت الدولتان من إتمام محادثات الإنضمام، حيث وافقت 28 دولة، على طلب انضمام ستوكهولم وهلسنكي، وكان الرفض الأساسي يأتي من جهة تركيا وهنغاريا.
الناتو في يوغوسلافيا
بين آذار/مارس و حزيران/يونيو 1999 نفّذ حلف شمال الأطلسي حملة قصف جوي مركزة ضد دولة صربيا والجبل الأسود الاتحادية خلال حرب كوسوفو (يوغوسلافيا) ومن بعدها تم التوصل الى اتفاق يقضي بانسحاب القوات المسلحة اليوغوسلافية من كوسوفو، وتأسيس بعثة الأمم المتحدة للإدارة المؤقتة فيها. وكان هذا التدخل بعد أن وصلت الحرب حد تنفيذ ابادة جماعية بحق الألبان الذين تمردوا على بلغراد وقاموا بتأسيس "جيش تحرير كوسوفو" في عام 1996.
الموت السريري للناتو
عام 2019، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحلف بأنّه في حالة "موت سريري"، وهو التصريح الذي أثار جملة من التعليقات داخل الحلف الأطلسي وخارجه.
وانتقد ماكرون ضعف التنسيق بين الولايات المتحدة وأوروبا، والسلوك الأحادي الذي اعتمدته تركيا الحليفة الأطلسية بدخولها العسكري الى سوريا، وساءل كيف سيكون موقف الحلف في حال اندلعت حرب بين سوريا وتركيا؟
وحذر ماكرون من احتمال اختفاء أوروبا في حال لم تتصرف كقوة واحدة معتبراً أن ابتعاد أميركا عن المشروع الأوروبي وصعود الصين يؤديان إلى تهميش أوروبا. وشدد على ضرورة أن تعمل أوروبا على امتلاك قدرة عسكرية ذاتية استراتيجية من أجل تأمين الاستقلالية الدفاعية.
ما دور الناتو خلال الحرب الروسية الأوكرانية؟
منذ الغزو الروسي، زاد الناتو من عدد وحجم مجموعاته القتالية متعددة الجنسيات المتمركزة في أوروبا الشرقية.
وشهدت قمة قادة الدول الأعضاء في الحلف التي انعقدت في مدريد، في حزيران/يونيو 2022، تغيير الموقف الرسمي للحلف تجاه روسيا، والذي تمّ تبنيه في عام 2010 ومنح موسكو حينها وصف "شريك استراتيجي"، إذ تمّ اعتبار روسيا "تهديدًا مباشرًا" لأمن الحلف.
ونظرًا إلى أنّ أوكرانيا ليست من دول الناتو، لذلك لا يضطر الحلف للدفاع عنها أو إرسال قوات إليها، إلاّ أنّ عددًا من دول الناتو، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا تمد أوكرانيا بالأسلحة لمساعدتها في الدفاع عن نفسها في مواجهة روسيا.
أوكرانيا
في 12 تموز/يوليو 2023 أكّد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أنّ "أوكرانيا الآن أقرب إلى الحلف عن أي وقت مضى".
وقال ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي مشترك، على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في العاصمة الليتوانية فيلنيوس، مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: "أتطلع لليوم الذي نجتمع فيه كحلفاء".
وشدّد ستولتنبرغ، على أنّ دعم المجهود الحربي الأوكراني في مواجهة روسيا، ضمان تقديم ما يكفي من الأسلحة يظلّ هو المهمة الأكثر إلحاحًا للحلفاء الغربيين في الوقت الحالي، على الرغم من المحادثات الجارية بشأن موقف انضمام أوكرانيا إلى الحلف مستقبلًا.
روسيا
عام 2008، قدّم الناتو لأوكرانيا طريقًا نحو العضوية، وبعد ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، جعلت أوكرانيا الإنضمام للحلف أولوية لها، إلاّ أنّ روسيا عارضت بشدّة، وكان أحد مطالبها قبل الحرب هو أنّه لا ينبغي أبدًا السماح لأوكرانيا بالإنضمام إلى الناتو.
وتعتقد روسيا أنّ الناتو كان يتعدى على منطقة نفوذها السّياسي من خلال استقطاب أعضاء جدد من أوروبا الشرقية، مشيرةً إلى أنّ قبول أوكرانيا سيجلب الناتو إلى فنائها الخلفي.