قوبل قرار إسرائيل الاعتراف بسيادة المغرب على منطقة الصحراء الغربية بردود فعل متباينة داخل المملكة، إذ اعتبره بعض المحللين قراراً استراتيجياً وإنتصاراً دبلوماسياً بينما رأى آخرون أنه "سبة وإهانة وإذلال" للبلاد وأهلها.
وأشار الأكاديمي والمحلل السياسي المغربي إدريس قصوري لرويترز أن "الاعتراف الإسرائيلي بسيادة المغرب على صحرائه، وفتح قنصلية في الداخلة، قرار استراتيجي جد مهم بالنسبة للمغرب أساسا ويخدم بشكل كبير القضية الوطنية".
وقال قصوري "إسرائيل أرادت أن يتجدر اتفاق (إبراهيم) عبر المغرب وأن يكون هذا الأخير محفزا، ونموذجا لعدد من الدول، لتسايره، وبالتالي أرادت أن تجني من الاتفاق فوائد كثيرة، سياسيا ودبلوماسيا إلى جانب ما هو اقتصادي وعسكري، قبل أن تعترف بسيادة المغرب على صحرائه".
وأضاف "أما بالنسبة للمغرب فكان واقعيا وله هدف استراتيجي، المغرب كان جد ملتزم بالاتفاق، ولم يرد أن يخرج عن إطاره، وذهب خطوة خطوة، بشكل سلس ومرن من تبادل الزيارات بين مسؤولين مغاربة وإسرائيليين ورجال أعمال، كما توسعت المعاملات إلى المستوى العسكري الأمني".
وأشار الى أن "الإسرائيليون كانوا يريدون أن يستثمروا في علاقاتهم مع المغرب بشكل قوي، ويحاولون ألا يتراجع في تطبيعه، وجر دول المنطقة الأخرى إلى اتفاقات، وبناء صدى عربي في هذا الاتجاه لأن الصدى يطبع نفسيا"
وفي المقابل، قال المحامي والحقوقي المغربي خالد السفياني لرويترز "هذا الاعتراف يخدم الصهاينة"، وذلك في إشارة إلى إسرائيل التي تخوض صراعا مع الفلسطينيين منذ أكثر من سبعة عقود وخاضت عدة حروب مع دول عربية.
وأعتبر السفياني، وهو عضو المؤتمر القومي الإسلامي بالمغرب "أنه من العبث تصوير كأن الشعب المغربي غير قادر على الحفاظ على وحدته الترابية، هذه إهانة للشعب المغربي، عندما نقول إننا سنعول على كيان مجرم إرهابي عنصري للحفاظ على وحدتنا الترابية، المغرب في صحرائه والمغاربة حرروا أرضهم من الاستعمار، وهم قادرون على المحافظة عل صحرائهم كما على كل حبة رمل من ترابهم الوطني".
واعتبرت الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة المكونة من إسلاميين معتدلين، وهي من منظمات المجتمع المدني، أن "ربط قضية الصحراء بالتطبيع سبة في حق المغاربة".
وقالت في بيان "الاعتراف سبة وإهانة وإذلال للمغرب والمغاربة، وإرسال رسالة من (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو إلى حكام المغرب، يعلن فيها اعتراف كيان الاحتلال الصهيوني بمغربية الصحراء، وترتيب كل الإجراءات اللازمة على هذا الاعتراف مقابل استمرار المغرب بالاعتراف بدولة الاحتلال الصهيوني".
واعتبر المحلل والمحامي المغربي والخبير في العلاقات الدولية الحسين كنون أن المغرب "ينهج سياسة الطموح والوضوح في العلاقات الدولية، في إطار علاقة رابح رابح".
وأضاف لرويترز "المغرب يتشكل من مغاربة العالم ومن بينهم الجالية اليهودية"، في إشارة إلى أكثر من مليون إسرائيلي من أصول مغربية.
واعتبر أن "الاعتراف جاء في وقته بالنظر إلى أن المغرب حقق انتصارا على جميع الأصعدة والدول العظمى استجابت واعترفت بالصحراء عندما قال العاهل المغربي في خطابه إن المغرب يرى العالم بنظارة الصحراء المغربية".
وقال كنون "المغرب تبنى طريقة الأداء الاستراتيجي وليس الفكر الاستراتيجي، المغرب أجل قمة النقب، بحجة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الفلسطينيين، وقال لا يمكن أخلاقيا وسياسيا في إطار العلاقات مع الفلسطينيين أن تعقد القمة".
وأضاف "كما أرادت إسرائيل أن تستفيد من المغرب وأخرت الاعتراف بمغربية الصحراء، بقي المغرب، يمشي خطوة خطوة وينتظر كيف تتطور الأمور وينتظر بعض المتغيرات التي يمكن أن يجدد فيها أولوياته لا سيما أن الأمر يتعلق بأولوية استراتيجية وهي القضية الوطنية، لذلك ارتأى أن يؤجل قمة النقب".