لبنان آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

السادسة و8 دقائق.. مسيرة ووجع أهال فقدوا أحبتهم

السادسة و8 دقائق.. مسيرة ووجع أهال فقدوا أحبتهم

مسيرة أهالي ضحايا المرفأ (تصوير: عباس سلمان)

بعد ثلاث سنوات من انفجار مرفأ بيروت الذي شرذم معالم وحيوات المدينة، عادت الحياة جزئيا وجرى ترميم معظم المباني، إلا أن الذين رحلوا لن يعودوا، وسيبقون غصة تتقد كل عام في هذا التوقيت المرعب: السادسة و 8 دقائق.

وإن كانت المفارقة أن المشاركة في الذكرى خجولة مقارنة مع السنتين الفائتتين، على اعتبار أن العديد من اللبنانيين أرفقوا يوم الذكرى بيومي عطلة نهاية الأسبوع، سواء على البحر أو في الجبل، ولكن يبقى للحق مطالب هناك في ساحة المرفأ، حيث الدموع حاضرة في الساحات، والارادة ثابتة: في السنة المقبلة لا بد أن تحضر العدالة.

مسيرة

وأحيا مئات المواطنين ونشطاء المجتمع المدني وعدد من الشخصيات السياسية، الذكرى الثالثة على انفجار 4 آب، بمسيرة انطلقت من أمام فوج إطفاء بيروت باتجاه تمثال المغترب مقابل مرفأ بيروت.

وتقدم المشاركون أهالي الضحايا الذين رفعوا صور أبنائهم ولافتات تدعو الى "تحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين"، الى جانب عدد من الشخصيات السياسية والنواب، من بينهم النائب مروان حمادة ممثلا كلا من رئيس كتلة "اللقاء الديموقراطي" النائب تيمور جنبلاط والنائب السابق وليد جنبلاط والنائب غسان حاصباني، وكذلك النواب: الياس حنكش، نديم الجميل، ميشال الدويهي، ميشال معوض ومارك ضو.

ووصل الى المكان عشرات المواطنين، الى جانب توافد العديد من مناطق عدة سلكوا جسر فؤاد شهاب سيرا على الاقدام باتجاه نقطة الاحتفال، في حين قطعت القوى الامنية طريق فؤاد شهاب المؤدية الى وسط بيروت امام حركة السيارات، وابقت على المسلك المؤدي نحو الدورة مفتوحا وسالكا.

ورفع المشاركون في المسيرة الرايات السوداء واتشحوا بدورهم باللباس الاسود، تعبيرا عن الحزن الشديد الذي تمثله الذكرى.

وتقدمت المسيرة عدد من سيارات فوج اطفاء بيروت التي اطلقت زماميرها وسط تأثر بالغ من المشاركين، الذين رفعوا لافتات تتهم الدولة بارتكاب الجريمة وعرقلة التحقيق، ولافتات اخرى تحمل المسؤولية للاحتلال الايراني، الى جانب عدد من اللافتات التي تدعو الى تحقيق دولي في جريمة المرفأ.

وما ان وصلت المسيرة الى نقطة المهرجان، حتى بدأت تلاوة الكلمات التي شددت على "ضرورة محاسبة المتورطين والمسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت"، وحملوا الدولة والسلطة السياسية "مسؤولية ما حصل من دمار، الى جانب إعاقة عملية التحقيق واصدار القرار الظني".

وتخلل المسيرة إشكال تخللله توتر وتضارب بين المشاركين في المسيرة مع وصولها الى أمام مرفأ بيروت.


فوج الاطفاء

وتحت شعار "من أجل العدالة والمحاسبة.. مستمرون"، قال قائد فوج إطفاء بيروت العقيد ماهر العجوز أنه "عندما يحصل أي حريق لا نُبلّغ بنوعه، وهذا ما حصل في الرابع من آب".

اضاف “كل يوم هو الرابع من آب وعندما، ندخل الى المركز ونرى صور الشهداء نتذكر هذا اليوم المشؤوم، وعزاء الاهالي يتمّ بإظهار الحقيقة، وبأنهم فقدوا اولادهم لحماية الوطن والعاصمة".


أهالي الضحايا 

 وبغضب استذكر أهالي ضحايا المرفأ المجريات القضائية "الميتة" على مدى 3 سنوات، بحثا عن حقيقة لا تزال في الأدراج.

تذكر والد الكسندرا نجار التي قضت في الانفجار آخر وداع لابنته، وقال: "نحن الشعب الاذي تفجر ولكن ما مات وسنطالب بالعدالدالة لآخر نفس وبدون عدالة لن يكون لدينا وطن ولن نقبل نخبر أولادنا بعد سنوات أننا سرقنا وقمعنا وقتل لنا أبناء ".

وانتقد وليم نون محاولات حزب الله تضليل العدالة، وقال: "نحن مطلبنا محق والمرفأ يشهد، وعلى كل لبناني شريف أن يسلم أي متورط بالجريمة".

وتابع: "نقول للدول الأجنبيّة "لديكم أقمار اصطناعية وسيتأتي اليوم الذي نعرف فيه الحقيقة".

ثم ردد الأهالي القسم خلال إحياء المناسبة بمحيط المرفأ.

شهادات

كان إدغار شياح البالغ من العمر 58 عاما يسير بمفرده رافعا صورة لعمته تيريز في شبابها. كانت تيريز في السبعين من عمرها عندما قُتلت في الانفجار الذي دمر شقتها ببيروت.

وقال إدغار لـ"رويترز" ردا على سؤال عن غياب المساءلة والعدد الصغير نسبيا للمشاركين في المسيرة مقارنة بالأعوام السابقة "عيب".

وأضاف "بعد سنتين لن تكون هناك مسيرة. ونبقى نتألم في صمت".

وأغلق المتظاهرون الطريق الرئيسي السريع الذي يفصل بين الميناء وحي مار مخايل، وهو منطقة مزدحمة تكتظ بالمطاعم والحانات دمرها الانفجار.

وبشق الأنفس، أعيد بناء العديد من هذه المتاجر والمطاعم لاستقبال السياح والمغتربين اللبنانيين الذين تدفقوا عليها حتى ساعة متأخرة من مساء الخميس.

وخلت الشوارع في بيروت، التي عادة ما تكون مكتظة بالمارة والمتسوقين اليوم الجمعة، وأغلقت المتاجر أبوابها، فيما خيمت فوق الرؤوس ذكريات واحد من أشد الأيام رعبا في تاريخ لبنان الحديث.

لكن إعلان اليوم مناسبة حداد وطني في عموم البلاد لم يكن غاية ما يتمناه الجميع في الداخل والخارج.

وقالت منظمة العفو الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان إنه من غير المقبول عدم تحميل أي شخص مسؤولية هذه المأساة.

وقالت نائبة رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة آية مجذوب "في المقابل، استخدمت السلطات كل أداة لديها لتقويض التحقيق المحلي وعرقلته بدون خجل لحماية نفسها من المساءلة وترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في البلاد".

البواخر

وتمام السادسة، توقف مرفأ بيروت عن العمل، حيث وقف العاملون دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء ٤ آب. كما أطلقت البواخر صافراتها والرافعات رفعت الى الأعلى.


يقرأون الآن