أصبحت الصويرة أو "مدينة الرياح" كما يطلق عليها محليا، بالإضافة إلى شهرتها في السياحة الثقافية والتراثية، تستقطب بشكل
متزايد عددا من السياح من هواة الرياضات المائية بسبب خصوصية مياهها الدافئة ورياحها شبه الدائمة.
وتاريخيا، تعرف الصويرة التي تقع على بعد 457 كيلومترا جنوبي الرباط على المحيط الأطلسي باسم(موكادور)، وهو مشتق من الكلمة الفينيقية "ميكدول"، أي القلعة الصغيرة.
وتشتهر المدينة بأسوارها وبناياتها التاريخية والمرفأ التقليدي الذي
يعود إلى القرن الثامن عشر الميلادي.
كما اعتبرت على الدوام، ملهمة لفنانين مغاربة وعالميين، خاصة في فن الرسم وموسيقى "كناوة" ذات الجذور الأفريقية، حيث يقام بها سنويا مهرجان كناوة العالمي.
وبدأت تستقطب أكثر فأكثر عددا من هواة رياضة ركوب الأمواج ورياضات مائية أخرى خاصة الألواح الشراعية، نظرا لخصوصية مناخها المتميز برياحه التي قلما تهدأ صيفا.
وبالإضافة إلى الصويرة، تتنافس مدينة الداخلة التي يمتد خليجها على أطراف الصحراء، على هذا النوع من الرياضات، غير أن السياح يفضلون الصويرة نظرا لقربها من وجهات سياحية مغربية كبرى مثل مراكش وأكادير.
وقال عبدالكريم مازن، وهو مدرب في الرياضات المائية في نادي يقع قبالة شاطئ الصويرة "السياح يفدون إلى الصويرة من أجل التمتع بشمسها ورياحها التي تشجع على الرياضات المائية".
وأضاف "ما يشجع السياح أكثر للقدوم هي أسعار تعلم وممارسة هذه الرياضات المنخفض عندنا، خاصة رياضة الألواح الشراعية التي لا توجد سوى في الصويرة والداخلة، أما باقي الرياضات فيمكن ممارستها في كل الشواطئ المغربية كرياضة ركوب الأمواج، لكن رياح الصويرة الشبه الدائمة وخلو مياهها من الصخور، تجعل منها المكان المثالي لممارسة هذه الرياضات".
أما محسن أمالوس وهو مدرب أيضا في الرياضات المائية فيقول إن "الأجانب أكثر إقبالا على الرياضات المائية، مقابل عدد محدود من المغاربة".
وأضاف أن السياح "يأتون خاصة من أغادير ومراكش لممارسة هذه الهواية".
وأغلب السياح هم من الفرنسيين والإنكليز وبعض الألمان. وقال عدد من المدربين إن أسعار ممارسة رياضة ركوب الأمواج تحت إشراف الأندية المتواجدة في خليج الصويرة، تتراوح ما بين 350 و400 درهم (حوالي 40 دولارا)، لمدة ساعتين، و1200 درهم بالنسبة لممارسة رياضة اللوائح الشراعية، كما أن تعلم هذه الرياضات متاح طوال العام.
وقال سائح فرنسي قدم نفسه باسم موتارد " سمعت كثيرا عن طقس المدينة الجميل والمشجع على الرياضات المائية بسبب الرياح الدائمة في المدينة، فأردت أن تكون لي تجربة شخصية".
وأضاف بعد وصوله إلى مطار مراكش وزيارة بعض معالم المدينة السياحية "أردت أن أتوجه إلى أقرب شاطئ إلى مراكش، فكانت الصويرة لأنني من هواة السباحة ورياضة الألواح الشراعية".
وقال الخبير المغربي في المجال السياحي الزوبير بوحوت لرويترز "هذا النوع من الرياضات مهم جدا لاستقطاب السياح في الصويرة، لكن لا يجب أن ننسى أن الصويرة أيضا وجهة للسياحة الثقافية، خاصة مهرجان كناوة الذي أعطاها إشعاعا سياحيا كبيرا، وكذلك التراث اليهودي المتواجد بالمدينة". وأضاف بوحوت إلى"ارتفاع عدد السياح الوافدين على المدينة في الستة أشهر الأولى من 2023، إذ استقبل مطار الصويرة 41 ألفا مقابل 25 ألفا في 2019".
كما أشار إلى "ربط مطار الصويرة مؤخرا بعدد من الوجهات السياحية، كمطار تل أبيب".
وارتفعت عدد الليالي (المبيتات) في المدينة في الستة أشهر الأولى من هذا العام، إلى 288 ألفا، بزيادة 17 في المئة مقارنة مع العام 2019.
ووضعت وزارة السياحة المغربية خطة للنهوض بالقطاع السياحي، خاصة بعد تداعيات جائحة كورونا، وذلك عن طريق مخطط استعجالي خصصت له ميزانية تفوق ملياري درهم بالإضافة إلى إجراءات موازية كتعزيز النقل الجوي وإحداث التأشيرة الإلكترونية.
وقال بوحوت "في نظري يجب المحافظة على لمسة الصويرة السياحية، وأن تستفيد من مخطط وزارة السياحة في تطوير القطاع".
في انتظار الريح
أبدى عدد من المدربين وأصحاب النوادي الرياضية المائية قلقهم من تداعيات التغيرات المناخية على طقس الصويرة.
واعتبروا أن هذه التغيرات لم تقتصر على نقص الأمطار كما هو حال البلاد ككل، التي تعاني جفافا ونقصا في الأمطار للعام الثاني على التوالي، وإنما شملت الرياح أيضا، إذ سجلوا إما "الغياب الكلي" للرياح في فترات كما هو الشأن خلال النصف الثاني من شهر حزيران/ يونيو الماضي، حيث كان الطقس صحوا وهادئا وهو أمر غير معتاد في المدينة في تلك الفترة من العام، أو هبوب الرياح بشكل قوي بحيث يصبح من الخطورة معه ممارسة الرياضات المائية، كما هو الحال بالنسبة لأواخر شهر تموز/ يوليو وبداية أغسطس آب الحالي.
وقال عبد الله الحبشي صاحب نادي رياضي "الرياح لم تعد كما كانت، لقد كانت شبه غائبة في حزيران/يونيو وتموز/يوليو وهو شيء لم نتعود عليه، لكنها عادت بقوة في آواخر تموز/يوليو وبداية آب/أغسطس".
وأضاف "بالرغم من ذلك سجلنا تزايدا في الإقبال على هذه الرياضات سواء من الأجانب أو المغاربة الذين بدأوا يتجهون إليها أكثر فأكثر".
وقال مازن المدرب في الرياضات المائية "الطقس تغير، وأصبحنا نتمنى أن يكون الطقس مواتيا للقيام بأنشطتنا".