أكد اللقاء التشاوري الوزاري، الذي عقد في الصرح البطريركي الماروني في الديمان، برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وحضور البطريرك الماروني بشارة الراعي، على "ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية يقود عملية الإنقاذ والتعافي، إذ لا مجال لانتظام أي عمل بغياب رأس الدولة" كما شدّد في بيان على "ضرورة تشبّث القوى السياسية باتفاق الطائف وبميثاق العيش المشترك، والتخلي عن كلِّ ما قد يؤدي إلى المساس بالصيغة اللبنانية الفريدة".
وعن النزوح السوري، أشار البيان الى "ضرورة التعاون الصادق بين كلّ المكونات اللبنانية لبلورة موقف موحّد من أزمة النزوح السوري في لبنان والتعاون مع الدولة السورية والمجتمع الدولي لحل هذه المسألة بما يحفظ وحدة لبنان وهويته"، داعيا المواطنين إلى "حوار حياةٍ دائم بينهم، بحيث يسعى كل مواطن إلى طمأنة أخيه وشريكه في الوطن، على فكره وحضوره وحقوقه وفاعلية انتمائه الوطني".
ولفت الى أنّ "لبنان يمرّ في مرحلةٍ من أخطر مراحل تاريخه، مليئةٍ بالأزمات والتحديات السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية غير الخافية على أحد، والتي تضاف إليها أزمة أخرى كيانيةُ الطابع تتعلق بجوهر وجوده ودوره الحضاري على صعيد الإنسانية جمعاء"، داعيا "جميع السلطات والمؤسسات التربوية والإعلامية الخاصة والرسمية وقوى المجتمع المدني الحية، والشعب اللبناني بانتماءاتِه كافةً، إلى التشبث بالهوية الوطنية وآدابها العامة وأخلاقياتها المتوارَثة جيلًا بعد جيل، وقيمها الإيمانية لا سيما قيمة الأسرة وحمايتها، وإلى مواجهة الأفكار التي تخالف نظام الخالق والمبادئ التي يجمع عليها اللبنانيون".
وأضاف البيان: "اللبنانيون مدعوون لحماية هذه الصيغة بترسيخ انتمائنا إلى هويتنا الوطنية الجامعة، والعملَ على تمتين الوحدة من خلال التنوع، والتخلي عن دعوات التنصل من الآخر، مهما كانت عناوينُها".
وأشار إلى أن "في هذه الأيام، تطالعنا على صعد رسمية وغير رسمية، مفرداتُ خطابٍ مموَّه بدعاية الحداثة والحرية وحقوق الإنسان، يناقض القيم الدينية والأخلاقية التي هي في صلب تكويننا النفسي والروحي والاجتماعي. ويشكل هذا الخطاب مخالفة صريحة لنص وروحية المادتين التاسعة والعاشرة من الدستور اللبناني. إن مسؤولية مواجهة هذا الخطاب تقع على عاتق الجميع من دون استثناء، من مراجع دينية وسلطات سياسية وقضائية ومؤسسات تربوية وإعلامية وقوى مجتمع مدني، لأننا نرفض أن يكون حاضرُ أبنائنا مشوَّشًا، كي لا يصير مستقبلُهم مشوَّهًا".
الراعي
في بداية اللقاء، رحّب البطريرك الراعي برئيس الحكومة والسادة الوزراء. وقال: "فكرة اللقاء صدرت بعفوية، وهي ليست جلسة لمجلس الوزراء بل لقاء عفوي للتشاور والتحاور في كل القضايا العامة، والديمان دائما يجمع على كلمة سواء، وآسف ان البعض قام بتحميل اللقاء أكثر ما يحتمل".
وأوضح انه "عندما زارني الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان للمرة الاولى قلت له كل ما تسمعه لا يعبر عن الحقيقة. نحن جمهورية ديموقراطية برلمانية وهناك مرشحان للرئاسة، فليقم النواب بواجباتهم في الاقتراع، فإما ينتخب رئيس او لا ينتخب، وفي ضوء النتيجة يصار الى حوار واتفاق على مرشح ثالث. للأسف البلد سائر الى الخراب والدولة تنازع، وما نشهده من سجال بشأن حق الحكومة في العمل وحدود ذلك هو نتيجة".
وأضاف الراعي: "لقاؤنا اليوم حر وأخوي للبحث في كل الامور بوضوح وما ينبغي ان يقال سيقال. فرحتنا اليوم دولة الرئيس بقدومك مع السادة الوزراء".
ميقاتي
ثم تحدث رئيس الحكومة، فقال: "من الصعب اضافة اي كلمة على ما قاله صاحب الغبطة، ففكرة هذا الاجتماع كانت "بنت ساعتها" عندما اجتمعنا الاسبوع الفائت، واتفقنا على هذا اللقاء للنقاش في الامور التي تجمع اللبنانيين، وفي مقدمها احترام الصيغة اللبنانية والتنوع داخل الوحدة اللبنانية التي نعتبرها ثروة لبنان. هناك اجماع عند جميع اللبنانيين للتمسك بالقيم اللبنانية الروحية الاخلاقية والاسرة. من هذا المنطلق، رغبنا في عقد هذا اللقاء ونحن نستغرب بعض التفسيرات التي اعطيت له واعتبار البعض انه يشكل انقلابا على اتفاق الطائف، علما ان روحية اتفاق الطائف تنص على التحاور والتلاقي بين اللبنانيين".
وتابع ميقاتي: "نحن على استعداد لان نكون جسر عبور بين جميع اللبنانيين وان نتحاور في كل المواضيع التي تجمع اللبنانيين. فاذا لم نستطع التحرك ولو ضمن إطار التحاور والتلاقي، فالبلد لن يتعافى. البلد من دون رئيس جمهورية وبحكومة تتولى تصريف الاعمال، ومجلس النواب لا ينعقد، والمناكفات السياسية بلغت اقصى حد. نحن مستعدون للتلاقي اينما كان لنكون جسر تحاور واخوة بين جميع اللبنانيين".
واضاف: "بحثنا سيتناول الصيغة اللبنانية والتمسك بها والقيم الاخلاقية والروحية واساسها الاسرة. ونشكرك صاحب الغبطة على الاستضافة، وآسف ان البعض تخلّف عن الحضور لأسباب مختلفة".
زياد المكاري
وكان وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري قد أشار، عند وصوله إلى الديمان، إلى أنّ "البلد أكبر من الجميع"، معتبرًا أنّ "بركة البطريرك الماروني بشارة الراعي هي الأساس بالنسبة للغطاء المسيحي"، وأنّ "رمزية اللقاء في الديمان هي الأساس".
ولفتت معلومات صحافية الى انه قد يتخلّل النهار الوزاري في الديمان، غداء بعد اللقاء التشاوري، وربما جولة للوزراء في وادي قنوبين.
يذكر أن الوزراء الذين حضروا، هم: بسام مولوي، فراس الأبيض، عباس الحلبي، جورج كلاس، يوسف خليل، جورج بوشيكيان، محمد وسام مرتضى، عباس الحاج حسن، عصام شرف الدين، نجلا رياشي، جورج قرم، زياد المكاري، علي حمية، أمين سلام ومصطفى بيرم.